Feb 01, 2024 7:01 AM
صحف

الداخل ينتظر "أفكار لودريان"

يتأرجح الداخل اللبناني بين وضعٍ انتظاري مفتوح بلا سقف زمني على الضفة السياسية، لما سينحو إليه الحراك الذي بدأته "اللجنة الخماسية" حول الملف الرئاسي، وبين وضعٍ متفجر على الجبهة الجنوبية تنذر المواجهات المتواصلة على امتداد خط الحدود بسيناريوهات حربية خطيرة، وبين إرباك معيشي عبّرت عنه الاعتراضات على الضريبة على القطاعات التي استفادت في الاعوام الماضية من دعم المصرف المركزي، حيث أوحَت اعتراضات الجهات المعنية باستيراد النفط والادوية والمواد الغذائية، على هذه الضريبة، وكأن البلد على مشارف أزمات في هذه القطاعات، حيث استُعيدت امس مشاهد الطوابير امام محطات المحروقات ومراكز تعبئة الغاز المنزلي.

بريطانيا على الخط
في السياسة، زيارة مقررة لوزير الخارجية البريطانية دايفيد كاميرون الى بيروت اليوم، لا تخرج عن سياق الزيارات السابقة للموفدين الاجانب، حيث انّ عنوانها الابرز هو تطورات الوضع على الحدود الجنوبية. ومعلوم انّ الموقف البريطاني متكامل مع الموقف الاميركي الرامي الى خفض التصعيد وعدم تمدد الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة الى ساحات اخرى، لا سيما لبنان.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ان هذه الزيارة قد تقررت خلال لقاءات سابقة لوزير الخارجية البريطاني مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي. مشيرة الى انّ المحادثات السابقة مع الوزير البريطاني عكست حرص بريطانيا على امن لبنان واستقراره وانتظام الدورة السياسية فيه، وتخوّفه من انّ امتداد التصعيد من غزة الى لبنان وكذلك الى البحر الاحمر من شأنه أن يرفع مستوى المخاطر وانعدام الامن ليس في منطقة الشرق الاوسط فحسب، بل على مستوى العالم".

متى الخطوة التالية؟
وعلى المقلب الآخر من المشهد السياسي، يَتموضع السؤال عن الخطوة التالية للجنة الخماسية، بعد الحراك الذي بدأه سفراء دولها الخمس في الساعات الاخيرة، وعلى اي اساس سيتحرّك موفدها جان ايف لودريان في زيارته المقبلة الى بيروت؟
وإذا كان السفراء الخمسة قد أجروا محادثات وُصِفت بالإيجابية والواعدة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، فإنّ مصادر ديبلوماسية معنية بحراك "الخماسية" أكدت لـ"الجمهورية" ان هذا الحراك يرتكز على اولوية التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان بمعزل عن التطورات الامنية في جبهة الجنوب، ونعتقد انّ هذه التطورات تشكل دافعا قويا للتعجيل بهذا الانتخاب، وقد نوّه الرئيس نبيه بري بالجهد الذي تقوم به اللجنة، وكان واضحا في تأكيده القيام بكل ما يمكن ان يساعد على انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن.
وردا على سؤال، قالت المصادر: الدخول في اسماء المرشحين ليس من مهمة اللجنة الخماسية، فضلاً عن انه يُربك او بمعنى يفشل مهمّة اللجنة، خصوصا ان اللجنة من بداية عملها اكدت بوضوح أن رئيس جمهورية لبنان لا يستطيع احد من الخارج ان يفرضه على اللبنانيين، ومن هنا فإن اللجنة معنية فقط في الدفع الى توافق اللبنانيين على رئيس، وليست معنية على الاطلاق بأسماء المرشحين، ولا تستطيع ان تقرر نيابة عن اللبنانيين، فهذا أمر منوط بهم وحدهم، فهم اصحاب القرار في ذلك ويقرّرون من سيختارونه لرئاسة الجمهورية.
وكشفت المصادر انّ اللجنة تشكل عامل دفع اساسي لحسم الملف الرئاسي في لبنان، وهذا ما نعبّر عنه بوضوح لكلّ الأطراف، وكذلك ستعبّر عنه اللجنة في الافكار الجديدة التي سيحملها معه السيد لودريان في زيارته الى بيروت للدفع بالملف الرئاسي الى الامام، ونعتقد انّ موعد زيارته قد اقترب، ونحن على تواصل مستمر معه.
ورفضت المصادر الكشف عن ماهية تلك الافكار الجديدة، وقالت: الاساس فيها هو تسريع انتخاب الرئيس في لبنان. ولكن يجب ان ننتبه الى مسألة اساسية وهي انّ الدول الخمس لديها ما يشجعها على التحرك نحو لبنان، ولكن هذا الامر يبقى غير كافٍ ما لم يتفاعل اللبنانيون ايجاباً مع جهود اللجنة، ما يعني ان الحل اولاً واخيراً هو بيد اللبنانيين.
وردا على سؤال عما تردّد عن تعارض اميركي وسعودي مع الحراك القطري في بيروت، قالت المصادر: كما سبق واكد سفراء اللجنة فإنّ دول اللجنة الخماسية على موقف واحد من الملف الرئاسي، غايتنا الوحيدة هي تفاهم اللبنانيين واجراء الانتخابات الرئاسية، فواشنطن، وكما لمسنا من السفيرة ليزا جونسون تشدّ في هذا الاتجاه اكثر من اي وقت مضى، وكذلك المملكة العربية السعودية التي لخّص السفير وليد البخاري اهتمامها بالملف الرئاسي بأنها تريد أن ترى لبنان وقد تجاوز أزمته وانتقل الى مرحلة الرخاء والازدهار، والخطوة الاولى لذلك تتجلى في انتخاب رئيس.

لودريان: دفع مزدوج
واذا كانت "الخماسية"، وفق ما اكدت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، تراهن على استفاقة لبنانية تعجّل في حسم الملف الرئاسي، وتعتبر عدم التوافق او التفاهم بين اللبنانيين ضرباً لمصلحة لبنان"، فإنّ الاجواء الفرنسية تفيد بأنّ لودريان يحزم حقائبه للتوجه الى بيروت، من دون ان تستبعد مصادر المعلومات ان تسبقها مشاورات يجريها على خط الرياض والدوحة والقاهرة.
وبحسب المصادر عينها فإنّ موعد زيارة لودريان لم يتحدد بعد، لكنه لم يعد بعيداً، ونقلت عن مستويات فرنسية رفيعة المستوى قولها "انها تعوّل على مهمته في بيروت، ونجاحه في إقناع القادة السياسيين في لبنان بالانخراط في حل رئاسي". ووفق ما سمعته من تلك المستويات تقول المصادر انه من السذاجة الافتراض أن لودريان سيأتي الى بيروت خالي الوفاض، بل هو آت بما يبدو انه "دفع مزدوج، حيث أنه مدفوع من جهة من اللجنة الخماسية وفق برنامج حلّ رئاسي سريع في لبنان، ومدفوع من جهة ثانية بدعمٍ وزخم كبيرين من الايليزيه، حيث ان ملف الرئاسة في لبنان في صلب اولويات الرئيس ايمانويل ماكرون، ومصمّم على ايجاد حل توافقي سريع له، إدراكاً منه لحاجة هذا البلد القصوى في ظل الظروف التي يمر بها والمنطقة لانتخاب رئيس، وهذه الاولوية توازي اولوية إطفاء التوترات وخفض التصعيد وعدم مفاقمة الوضع في لبنان، وخفض التصعيد ومنع توسّع الحرب القاسية إليه".

هل الحوار ممكن؟
وفي وقت اكدت فيه اللجنة الخماسية انها ليست بوارد ان تطرح او تزكّي مرشحاً بعينه لرئاسة الجمهورية، تاركة لللبنانيين ان يتوافقوا على اي شخصية يختارونها حيث لا "فيتو" من قبل اللجنة على اي مرشح، أبلغت مصادر مسؤولة الى "الجمهورية" قولها ان موقف اللجنة هذا يشكل دعوة غير مباشرة للبنانيين للدخول في حوار فيما بينهم لبلوغ هذا التوافق. الحل هنا، حيث لا بد من توافق على رئيس، وهذا التوافق يتطلب حوارا، ولكن فكرة الحوار غير مُستساغة داخلياً، لأن مبدأ الحوار مرفوض من قبل جهات لبنانية فاعلة سياسيا ومسيحيا، وكم من دعوة الى هذا الحوار أطلقها الرئيس نبيه بري وكان مصيرها الفشل وعدم التجاوب مع المبادرات الحوارية".
واضافت المصادر، وبناء على الرفض السابق للمبادرات الحوارية، وبناء على مواقف الاطراف التي لم تتبدّل من الحوار وضرورة التوافق، إنّ فكرة إجراء حوار بين اللبنانيين تبدو مستحيلة في الداخل. حتى انها لا تبدو ميسّرة في الخارج، "لأنّو ما حدا فاضيلنا بَرّا"، وتبعاً لذلك أخشى اننا سنبقى في ذات الدوامة الى ما شاء الله.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o