Sep 22, 2023 6:02 AM
صحف

السفارة الأميركية في مرمى "الرسائل"

لم يسبق للسفارة الأميركية في لبنان أن تعرضت لإطلاق نار مباشر منذ استقرت في بلدة عوكر شمال بيروت عام 1984. هكذا تعرض مدخل السفارة لعيارات نارية ليل أول من أمس. وقال مصدر أمني لـ»وكالة فرانس برس» إنّ «التحقيقات الأولية تفيد بأنّ الجاني راقب المكان مسبقاً واختار التوقيت المناسب لإطلاق 15 رصاصة في اتجاه السفارة، طال عدد منها بوابتها الحديد واستقر بعضها في الجدران الخرسانية المحيطة بها». وأضاف أن «الجاني ترك خلفه حقيبة فيها خزانا رصاص لبندقية كلاشنيكوف».

وفي معلومات «نداء الوطن»، أنّ الأجهزة الأمنية اللبنانية أوقفت عدداً من الأشخاص. أما مطلق النار فاستطاع التخفي عن كاميرات المراقبة التي لم تلتقط وجهه رغم أنه سار على قدميه كي ينفذ الهجوم. ومن بين الموقوفين سوريون مشتبه فيهم، وكذلك لبنانيون على أساس أنهم شهود.

وقال المتحدث باسم السفارة الأميركية، جايك نلسون إنّ إطلاق النار «لم يؤدِ الى سقوط جرحى»، وإنّ السفارة على «تواصل وثيق» مع الأجهزة الأمنية اللبنانية.

وبدأ القضاء العسكري اللبناني تحقيقاً في الحادثة. وقال مسؤول قضائي إنه يتم التعامل مع الحادثة «على أساس أنها جريمة خطيرة طالت سفارة دولة كبرى على الأراضي اللبنانية، وعرّضت أمن موظفيها للخطر».

وتشهد المنطقة المحيطة بمجمّع السفارة الأميركية إجراءات أمنية مشددة يتولاها بشكل أساسي الجيش اللبناني. وتشيّد واشنطن حالياً مجمعاً ضخماً في المنطقة ذاتها لنقل السفارة إليه.

وأتى إطلاق النار تزامناً مع الذكرى التاسعة والثلاثين لتفجير بسيارة مفخخة استهدف مبنى تابعاً للسفارة في عوكر عام 1984، أدى الى مقتل 11 شخصاً وإصابة العشرات، واتهمت واشنطن «حزب الله» بالمسؤولية عنه.

وانتقلت السفارة الى عوكر قبل 39 عاماً، بعد تعرض مبناها السابق في منطقة عين المريسة في غرب بيروت لتفجير انتحاري ضخم بشاحنة مفخخة في 18 نيسان 1983 أدى الى مقتل 63 شخصاً. وتبنّت الهجوم منظمة تطلق على نفسها اسم «الجهاد الإسلامي»، أكدت واشنطن أنها مرتبطة بـ»حزب الله».

على المستوى الرسمي، دان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحادث، وقال إنه «من غير المسموح لأيّ كان العودة الى أنماط قديمة في توجيه الرسائل السياسية التي عانى اللبنانيون الكثير بسببها».

من جهتها، أشارت "اللواء" الى ان حادث إطلاق النار على مدخل السفارة الأميركية في بيروت ليل الأربعاء - الخميس،  طغى على ما عداه، متجاوزاً عملية ارسال الرسائل الى ما هو أبعد، في خضم تداخل المحلي بالاقليمي، وتصاعد المواجهات من الأراضي الفلسطينية بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي الى ما يجري شرقي الفرات من سوريا، والاشتباك الكبير في ضوء تخطي الحرب الباردة الخطوط المرسومة لها من اوكرانيا الى مناطق التوتر المحتدمة في افريقيا والشرق الأوسط، والاشتباك الايراني- الأميركي، حول العراق وسوريا ولبنان.

وبصرف النظر عن المعلومات الوضعية للحادث، كاستخدام كلاشينكوف في العملية، مع سيارة سوداء داكنة من دون لوحات، وإبقاء مشطين فارغين على الأرض، فإن الحدث الأمني، يأتي في ظل، وضع تزايد فيه «التدخل الأميركي» سواء في ما خصَّ اشتباكات المخيمات الأخيرة، الى التدخل في أصغر القضايا في الوضع الداخلي اللبناني، بمعزل عن الاشتباك الدبلوماسي الذي حصل على هامش اجتماع ممثلي المجموعة الخماسية في نيويورك، على خلفية تناغم بين فرنسا وفريق داخلي لبناني.
وتزامن حادث اطلاق النار، الذي وصفت رصاصته بأنها غير طائشة، وتصب في اطار رسالة بالغة الوضوح، التقت زمانياً مع احتفال السفارة بالذكر|ى التاسعة والثلاثين لتفجير مبناها في منطقة جلّ البحر في بيروت.

والسؤال المحوري: هل بدأ توجيه الرسائل السياسية بالرصاص الى السياسة الاميركية في لبنان سواء على مستوى الموقف من الاستحقاق الرئاسي المختلف عن باقي اعضاء مجموعة الدول الخمس، او على مستوى العقوبات التي تفرضها على الدولة اللبنانية بحجب الدعم الاقتصادي وممارسة الحصار الكهربائي عبر عقوبات قانون قيصر، وعلى شخصيات وقوى لبنانية لا تدور في الفلك الاميركي؟ ام ان هناك اسباباً اخرى غير لبنانية تتعلق بعلاقات ومواقف الادارة الاميركية في المنطقة والعالم؟. 

اسئلة كثيرة تطرح حول اسباب وخلفيات تعرُّض السفارة الاميركية في عوكر لإطلاق الرصاص عند مدخلها، غداة اجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك، فيما افادت المعلومات ان الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني الذي وصل في الساعات الماضية الى لبنان، باشر سلسلة لقاءات واتصالات بعيداً من الاضواء، تمهيدا للقاءات علنية لاحقاً، قبيل وصول الموفد الرسمي وزيرالدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان مطلع الشهر المقبل. وسط معلومات عن ان القطري يحمل سلة اسماء ويفضّل بينها اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون. وأن مهمة  الموفد منسّقة من الجانبين الاميركي والسعودي في اللجنة الخماسية. وأن جهد اللجنة لا سيما الاميركي والقطري منصب على إنهاء الشغور الرئاسي في الشهر المقبل إذا امكن ذلك وتعاون القوى السياسية اللبنانية، او ستذهب الامور الى ممارسة ضغوط كبيرة من ضمنها إجراءات او عقوبات بحق المعطلين.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o