Jul 07, 2023 5:59 AM
صحف

ضغط أميركي للتعجيل في تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان

لم تحظَ رسالة نواب حاكم مصرف لبنان التي أعلنت أمس، والداعية الى تعيين حاكم أصيل بعد رحيل رياض سلامة آخر الشهر، مع تهديد مبطن بالاستقالة، بالوقع الذي أرادوه في الرأي العام، بل ارتدّت سلباً عليهم وعلى رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء نبيه بري ونجيب ميقاتي، مع توجيه أصابع الإتهام من شرائح واسعة من المتابعين سياسياً وإقتصادياَ الى موقّعي الرسالة على انهم «ماريونيت» في يد من عيّنهم، وأنّ بري وميقاتي يمعنان في تكرار محاولات فرض أمر واقع حتى لو تعلق الأمر بتعيين حاكم لمصرف لبنان من دون وجود رئيس للجمهورية، كما لو انهما يديران الدولة وحدهما بالقفز فوق القوانين والأعراف. وفي حالة مصرف لبنان، ينص قانون النقد والتسليف بوضوح على تسلم النائب الأول المسؤولية بعد نهاية ولاية سلامة. وحجة بري أنه لا يريد للطائفة الشيعية تحمّل وزر الكارثة التي في مصرف لبنان والمصارف وسوق القطع، أما حجة ميقاتي ففحواها أنه قادر على التعيين وفق صلاحياته في ظل الفراغ الرئاسي، ونكاية بالجهات الرافضة والمعارضة له.

وأشارت معلومات «نداء الوطن» الى أنّ هناك ضغطاً أميركياً لتعيين حاكم قبل نهاية الشهر، لأنّ مصرف لبنان لا يحتمل الفراغ ولا يحتمل شخصاً شيعياً على رأسه (وسيم منصوري). ولم يعد سراً أنّ شخص كميل ابوسليمان يحظى بقبول داخلي ما وخارجي، ولا سيما أميركياً، وأنّ الأسماء الأخرى المتداولة مثل هنري شاوول وجهاد أزعور وسمير عساف فمنقسمة بين واحد يريد التعيين وفق الأصول وآخر متردّد وثالث رافض.

وبالعودة الى رسالة نواب الحاكم، فإن خطوتهم تعرضت لانتقادات لاذعة من خبراء مال واقتصاد، فهم عايشوا الانهيار وممارسات ظلم المودعين وانهيار الليرة وهدر المليارات على الدعم ومحاباة بنوك تتنكر لأصحاب الحقوق، مثلما تعايشوا مع تحقيقات دولية تطال سلامة وصولاً الى صدور مذكرات جلب دولية في حقه من دون ان يرف لهم جفن، ولم يهددوا بالاستقالة، كما فعلوا امس.

ووجهت لهم ولمن ضغط عليهم أو أوحى لهم بكتابة ما كتبوا (بري وميقاتي) إدانات لجهة التهرب من المسؤولية، بحيث أكدوا، بالنسبة الى المشككين بخطوتهم، انهم ليسوا أهلاً لتبوؤ المواقع التي تبوأوها، وانهم ربما يفضلون ضمناً التمديد لرياض سلامة ليبقى هو في دائرة النقد والغضب مما آلت اليه الأوضاع المصرفية والنقدية، ويبقوا هم في مواقعهم «كومبارس» يتمتعون بالإمتيازات والألقاب والرواتب الخيالية بالدولار «الفرش».

وحتى مساء أمس لم تكن آلية التعيين التي يخطط لها بري وميقاتي واضحة، وكيف سيحصلان على موافقة «حزب الله» الذي سبق وأعلن أنه ضد تعيينات الفئة الأولى في ظل فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات.

وفي الجانب المسيحي المعارض يستمر الموقف المبدئي على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية أولاً وعدم السماح لبري وميقاتي بإدارة البلد على طريقتهما «المستخفة» بشركاء أساسيين لهم في الوطن، مع التذكير بأن الارتدادات قد لا ترضيهما وتفاجئهما مثلما حصل يوم قررا عدم تقديم الساعة الصيفية!

تبقى الاشارة الى أنّ مصادر متابعة لا تستبعد ان يواجه بري وميقاتي خصومهما السياسيين بورقة التمديد لسلامة، والا فإنهما سيفرضان استقالة نواب الحاكم ليعم الفراغ مصرف لبنان على مستوى المجلس المركزي برمته مع إمكان تسجيل الدولار قفزات جنونية.

لهذه الاسباب صدر البيان: من جهة أخرى، اعتبرت مصادر سياسية عبر "اللواء"، أنّ تصدر مسألة شغور منصب حاكم مصرف لبنان نهاية الشهر الحالي، بانتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، الإهتمام السياسي، ليس مستغربًا، في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان حاليًا، والخشية من تداعيات غير محمودة على الواقع المالي والاقتصادي في حال تعذر تعيين حاكم جديد، يتولى إدارة المصرف واستكمال معالجة الشؤون المالية والنقدية المتدهورة حاليًا. 

وأشارت المصادر إلى أنّ مضمون البيان التحذيري الصادر عن نواب حاكم مصرف لبنان، والذي يُحمّل في جوانب منه السلطة السياسية، مسؤولية عدم تعيين حاكم جديد، مرده إلى صعوبة تولي نائب الحاكم الأوّل وحيد منصوري لمهمات الحاكم، والخشية من خطورة التجاذب السياسي الحاصل في حال طال أمد الفراغ الرئاسي على الأوضاع النقدية، والخوف من زيادة تدهور سعر صرف العملة المحلية ولأسباب أخرى، بعضها سياسي استنادًا إلى المواقف الاعتراضية الصادرة عن بعض زعامات الموارنة تحديدًا، باعتبار أنّ هذا الموقع هو من المواقع المارونية الأساسية في الدولة، والبعض الآخر خارجي، وهو كما تردد، ما سمعه منصوري خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية من مسؤولين بالخزانة، من برودة ظاهرة لتسلم الأخير لمهمات الحاكم بالوكالة، وبضرورة تعيين حاكم جديد، يتولى إدارة السياسة النقدية، ويسهل التعاطي معه من موقعه بالأصالة وليس بالوكالة.

ولاحظت المصادر أنّ صدور بيان نواب الحاكم الأربعة، والذي تزامن مع موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري حول إحتمال قيام حكومة تصريف الأعمال باجراء تعيينات في حاكمية مصرف لبنان والجيش، تفاديًا لحدوث فراغ في هذه المراكز، من شأنها ان تنعكس سلبًا على أداء وفاعلية هذه المؤسسات،ب قوله بأن الضرورات تبيح المحظورات، قد تعطي دفعًا إضافيًا للحكومة للخوض في غمار هذه التعيينات، التي لا تزال تصطدم بمعارضة من "التيار الوطنيّ الحرّ" و"القوات اللبنانية"، ولكنها في الوقت نفسه تضع هذه القوى السياسية في موقف حرج، لأنّها تعارض قيام الحكومة بإجراء تعيينات في هذه المواقع الوظيفية المهمة، وفي الوقت نفسه ترفض إسناد مهمات الحاكم إلى نائبه الأوّل.
وشدّدت المصادر على أنّ خوض الحكومة لغمار التعيينات في حاكمية المصرف المركزي والجيش، يبقى رهن التوصل إلى الحدّ الأدنى من التفاهمات بين القوى والاطراف السياسيين، والاتفاق على الصيغة المناسبة لاجراء هذه التعيينات، التي ماتزال تعترضها صعوبات عديدة، برغم كل ما يقال عن إمكانية تمريرها في ظل التجاذب والتعقيدات الحاصلة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o