Apr 25, 2023 3:20 PM
خاص

الملاحقات القضائية المسيّسة أداة انتخابية رئاسية... من بيروت الى باريس

المركزية- خاص

المركزية- بين الـ2000  والـ 2023  ثلاثة وعشرون عاما ، لم يتبدل خلالها السياسيون ولا سياساتهم في لبنان. حقد وكيدية وتشفٍ وانتقام دفع البلاد الى قعر الهاوية والشعب الى الهجرة او الاحتراق في اتون الجحيم. ثلاثة وعشرون عاما والتاريخ يعيد نفسه. من لا يمكن النيل منه بالسياسة، يُضرَب بسيف الملاحقات القانونية بعد تركيب الملفات، وصولا الى تسييس الملاحقات القضائية.

وليس تسييس الملاحقات القضائية هو نفسه تسييس القضاء، بحسب ما يشرح مصدر سياسي قانوني لـ"المركزية" . تسييس القضاء، يتم عند صدور احكام قضائية مُسَيسة، الامرالذي لم  يحصل والحال هذه، في لبنان ولا في فرنسا. لكن تسييس الملاحقات، وهي الوسيلة الاسهل على المنظومة السياسية حينما تتوسل الملاحقة اوالتدابير الاحتياطية، حصل ويحصل، وبيكار الخشية يتوسع من ان يكون بلغ النيابات العامة الفرنسية. ذلك ان النيابات العامة في لبنان وفي فرنسا ملتصقة التصاقا وثيقا بالسلطتين السياسية والاعلامية خلافا للقضاة الذين يصدرون الاحكام وهم مستقلون. ويضيف: حينما تقرر النيابات العامة في البلدين اتخاذ تدابيراحتياطية اواستدعاء اشخاص لهم رمزية معينة ، على غرار رؤساء مجالس ادارة مصارف او رؤساء سلطة نقدية، يسمح اجراء كهذا بالتوظيف السياسي للسلطة واستخدامه ورقة قوية في الانتخابات، فكيف الحال اذا كان الامر  يتصل راهنا بملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني؟

واذ يؤكد المصدر ان قانون العقوبات وتحديدا في المادتين 319 و320 يشير الى فرض عقوبات على "كل شخص يحض الجمهور اما على سحب الاموال المودعة في المصارف والصناديق العامة او على بيع سندات الدولة وغيرها من السندات العامة او على الامساك عن شرائها"، وهو ما حصّن لبنان حتى ما قبل اندلاع الازمة من استهداف القطاع المصرفي، يعتبر ان السياسيين الذين اصروا على دكّ القطاع ونحره، ولما لم يعدموا وسيلة الا واستخدموها لتحقيق هدفهم، لجأوا الى خرق القانون عبر تحريض المودعين المكتوين بنار اجراءات منظومتهم السياسية الفاشلة وقراراتها الاعتباطية التي حذر منها تكرارا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية، وليس اقلها التمنّع عن سداد سندات اليوروبوند وتأليب الرأي العام اللبناني برمته ضد المصارف، تزامنا مع تحريك النيابات العامة لإقناع اللبنانيين بأحقية ممارساتها ، فكان مثلا قرار قاضية التحقيق الأولى في البقاع أماني سلامة منذ عامين بحجز عقارات عدد كبير من المصارف ورؤساء مجالس إدارتها وحصصهم وأسهمهم في عدد من الشركات،  كتدبير احتياطي من دون ان يصدر اي حكم حتى الان. وعلى غرارها وفي العام 2022 اصدرت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، قرارات منع سفر بحق رؤساء مجالس إدارة 5 مصارف لبنانية، من دون صدور احكام في حق اي منهم، وكذلك فرضت القاضية عون حظر سفر على حاكم "مصرف لبنان" بعد أن اتهمته بدعوى فساد بالاختلاس والتقصير في أداء الواجب خلال الأزمة، وهي التي أكدت سابقا أنها " مستمرة في ملاحقة حاكم المركزي حتى إحضاره إلى قوس العدالة"، بعدما رفض حضور جلسة الاستماع إليه في الدعوى المقدمة ضده.

في السياق ذاته، يضيف المصدر  يأتي استدعاء النائب العام في فرنسا، رئيس مجلس ادارة بنك الموارد مروان خير الدين للتحقيق معه بطريقة دراماتيكية ومفاجئة، تمت مواكبتها بأوسع حملة دعائية في الاعلام المحلي والعالمي، بالتزامن مع الترويج لاجراءات مستقبلية سيتخذها النائب العام الفرنسي بحق المزيد من المصرفيين اللبنانيين وبحق حاكم مصرف لبنان.

مجمل هذه الاجراءات تتم قبل صدور اي حكم قضائي، والهدف قبض الثمن  السياسي للاجراء الاحتياطي في لحظة سياسية مختارة بدقة ، لتجري بعدها او لا تجري ملاحقات امام القضاء في لبنان او في فرنسا، لا فرق،  فاذا صدرت احكام البراءة بعد سنوات ، لا تهتم المنظومة لا بل يكون "آخر همها" ما دامت قبضت الثمن السياسي سلفاً.

السيناريو هذا حصل سابقا يشرح المصدر ، مذكرا ان في العام 2000 ، تمت ملاحقة وزراء وموظفين في اعلى المراتب في الدولة  في لحظة سياسية مشابهة ،"قبضت" آنذاك السلطة السياسية ثمن الملاحقات مسبقا، ليبرئ القضاء جميع  هؤلاء بعد سنتين او ثلاث ،الا ان التبرئة لم تطح ولا اثرت حتى بالثمن السياسي الذي قبضته المنظومة مسبقا عندما اوعزت بملاحقة هؤلاء وشوّهت سمعتهم واقنعت الرأي العام بذلك.

وتبعا لذلك، يبدي المصدر خشيته من ان تكون النيابة العامة الفرنسية  دخلت على خط الانتخابات الرئاسية اللبنانية من زاوية الملاحقات  اياها عبر النيابات العامة والاعلام، بتسليط الضوء على الحدث ، ما يسمح لها بأن تكون لاعبا قويا في الاستحقاق، من خلال استخدام اوراق الضغط  القضائي على من يعنيهم الامر، في لبنان وخارج،ه من  دون ان تورط قضاءها، وتتجاهل الاحكام اذا صدرت بعد حين.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o