Apr 25, 2023 1:13 PM
مقالات

108 سنوات على ذكرى الابادة الارمنية... اسئلة وعبر؟!

تحل ذكرى الابادة الأرمنية التي ارتكبتها السلطنة العثمانية ابان الحرب العالمية الأولى، والتي امتدت ما بين عام 1915 الى 1919 والتي وقع ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون أرمني، واحتلال أراضي لأرمينيا بعد قتل وذبح وتهجير سكانها منها.
لن أغوص بأعداد الضحايا وما خلفته الابادة من كوارث انسانية, بل سأركز على العبر التي استنتجها بعد مرور 108 أعوام على وقوع هذه الإبادة. دأب الكتاب والمحللون والسياسييون من أرمن وعرب وأجانب على شجب هذه الابادة في  24 نيسان من كل عام , وهم طبعا مشكورين على هذه الوقفة من أجل الانسانية والحق والعدل في عالم مجنون لا يعرف سوى لغة الحروب والقتل والتهجير والتنكيل بالأبرياء. أما لماذا نعتت العالم بالمجنون؟ فالجواب وبكل صراحة هو: عندما تترك الابادة الأرمنية تمر من دون عقاب بعد كل الدلائل والبراهين التي أكدت وتؤكد ضلوع السلطنة العثمانية ارتكابها هذا العمل, وكما في كل عام تطالب الدولة التركية وهي وريثة السلطنة العثمانية بالإعتراف والاعتذار والتعويض, ففي الماضي القريب أثبتت هذه الدولة أنها ليست فقط وريثة بل هي امتداد فكري وعقائدي للسلطنة العثمانية. ففي حروب أرتساخ كانت تقف أي الدولة التركية الى جانب حليفتها أذربيجان واخرها في تشرين الأول أكتوبر 2020, حيث كان لجنرالاتها وعتادها العسكري والمرتزقة الإرهابيين الدور الأول في حسم المعركة لصالح أذربيجان.

العبرة الأولى: هي أن هذه الدولة الطورانية العثمانية مع وجود " الخليفة" اردوغان ما زالت تنفي وجود أي ابادة ارتكبتها, بل تسعى أيضا الى قضم أراضي جديدة تابعة للدولة الأرمنية وهي تساعد حليفتها أذربيجان على ذلك. كما لها أيادي تخريبية من ليبيا الى احتلال جزء من الأراضي القبرصية.

العبرة الثانية: تهليل دول عديدة في العالم على تهنئة أذربيجان باسترجاع و"تحرير أراضيها" من الأرمن إبان حرب أرتساخ الأخيرة في تشرين الأول أكتوبر 2020. من الأمم المتحدة إلى إيران مرورا بباكستان التي لا تعترف بالأساس بوجود دولة أرمينيا, وتتويجا لذلك تهنئة أولاد عم العثمانيين أي "اسرائيل" التي كان جسرها الجوي خلال المعارك الدائرة في أرتساخ بين تل أبيب وباكو والذي استعمل فيها أسلحة "اسرائيلية" قيد التجربة.

العبرة الثالثة: الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة المشغولة آنذاك في انتخاباتها وكندا, هذه الدول التي تقوم على حماية حرية وحقوق الانسان وقفت تتفرج على ارتكاب ابادة بحق الأرمن. أما فيما يتعلق بالأمم المتحدة، أين هي من تطبيق ما ورد في ميثاقها من حق الشعوب في تقرير مصيرها ... فحق الشعوب في تقرير مصيرها طبق فقط في يوغوسلافيا السابقة وفي جنوب السودان

 بينما هناك أكثر من 125 ألف مواطن أرمني في أرتساخ محاصرون من قبل جيش أذربيجان هم ما تبقى من أرتساخ وسكانها, تارة في قطع الغاز عنهم وتحديدا في فصل الشتاء وتارة أخرى منع وصول المواد الأولية والغذائية والطبية كما هو حاصل اليوم. فالأمم المتحدة مشغولة في حرب أوكرانيا والتي بدورها أي أوكرانيا إبان الاعتداء الهمجي من قبل أذربيجان في أكتوبر 2020 كانت تزودها بالقذائف الفوسفورية التي أطلقت على الأرمن المدنيين بغية ابادتهم. فأوكرانيا حليفة تركيا اردوغان الذي يستعد لخوض انتخابات رئاسية في تركيا, وهو في نفس الوقت يبيع الغاز الروسي الذي ينقل من خلال الأراضي التركية لأوروبا وهو أي أردوغان على أفضل العلاقات مع روسيا الاتحادية.

الجمعية الوطنية الفرنسية صوتت لصالح إدانة أذربيجان ووقف عملياتها العسكرية في حرب أرتساخ 2020, ولكن للمفارقة جاء الفيتو من الرئيس "الصديق " لأرمينيا ماكرون.

العبرة الرابعة: ان الدول التي تتغنى بالعلمانية والانسانية والديمقراطية وحقوق الانسان, والتي تقف في وجه الرئيس بوتين وتنعته بالطاغية ومجرم حرب, فالأسئلة المطروحة على هذه الدول: ماذا تعتبرون أردوغان؟ ماذا تقولون عن البترودولار لإلهام علييف ؟ أهم رئيسان ديمقراطيان يؤمنان بحقوق وحرية الإنسان... ؟؟؟

للأمم المتحدة, هل تعتبرين معاهدة سيفر ملغاة؟ هل ان محاصرة شعب ومنع المواد الأولية والغذائية عنه ألا يعتبر في القانون الدولي الانساني ابادة ترتكب في هذا العصر ؟ هل تعتبر اقليم ناخيتشيفان أرضا" محتلة ؟؟؟

للاتحاد الأوروبي, تمرير الغاز وتأمينه أي الغاز الروسي عبر صديق أوروبا اردوغان وارسال المساعدات والعتاد العسكري لأوكرانيا تدخل ضمن حرية وحقوق الإنسان وأمنه؟ بينما تكتفون فقط بالشجب والاستنكار بما يخص الشعب الأرمني وما حصل أخيرا في أرتساخ ...؟؟

العبرة الخامسة: الى الكنيسة الأرمنية والأحزاب والجمعيات في لبنان والعالم. لا مناص من الوحدة بين مكونات المجتمع الأرمني ولنتذكر أن العثماني لم يميز بين رجل دين, امراة, رضيع, مسن, أو الى أي حزب أوجمعية فكان بالنسبة له أي العثماني أن هؤلاء أرمن يجب القضاء عليهم وذبحهم.

تكريم شهداء الابادة وشهداء جيش دفاع أرتساخ والجيش الأرمني, كما شهداء الأحزاب الأرمنية التي لم تبخل في تقديم دماء شبابها من اجل صيانة وكرامة الأرمن هي في وحدة الموقف والوحدة ثم الوحدة ثم الوحدة.
الطريق لانتصار الحق هو طريق طويل ونحن أبناء الرجاء.

سنبقى كشعب أرمني في أرمينيا وفي دول العالم, متمسكين بمطالبنا المحقة, اولا اعتراف تركيا بارتكابها الابادة والاعتذار والتعويض. كما سيبقى سلاحنا هو القوانين الانسانية والعالمية وشرعة حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة, على أمل أن الحق سينتصر في النهاية مهما طال الزمن ... ونحن شعب حي.
 
يوسف دردريان - باحث في العلوم السياسية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o