Apr 13, 2023 5:14 PM
خاص

القضاء الفرنسي يحقق مع مصرفيين ولا يساوم على التسوية

جوانا فرحات

المركزية- ليست المرة الأولى التي تدخل فيها فرنسا على خط العقوبات بحق مسؤولين سياسيين ومصرفيين في لبنان. لكنها المرة الأولى التي تستخدم فيها عصا العقوبات وبحزم.

مع تفاقم الأزمة الإقتصادية وعدم إيجاد مخرج لانتخاب رئيس للجمهورية دقت الساعة بحسب التوقيت الرسمي الفرنسي لفرض عقوبات على من يعرقلون الجهود الرامية للخروج من المأزق الدستوري في لبنان أثارت باريس مسألة فرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي تستهدف زعماء لبنانيين، لكن الفكرة لم تكن على سلم الأولويات، إلى أن بدأ الحراك على خط ملف الإستحقاق الرئاسي بحيث جاء العرض الفرنسي مذيلا بشرط :سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل رئيس حكومة مقرب من فريق المعارضة وطرح آنذاك إسم السفيرنواف سلام .إلا أنه سارع إلى نفي الخبر جملة وتفصيلا.

هذا الطرح الذي تبنى منه الثنائي الشيعي إسم فرنجية فتبنوه كمرشح فعلي للرئاسة دون الدخول في مسألة "ولاء" رئيس الحكومة العتيد، لاقى رفضاً من الجانبين السعودي والأميركي وكذلك الأمر من قبل فريق المعارضة في لبنان.ومع ذلك لا تزال باريس متمسكة بطرحها حول تبني خيار سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية.

بالتوازي دخلت فرنسا بقوة على خط المصارف مع أصحاب المصارف بعدما لوحت بفرض عقوبات على مصرفيين وسياسيين لبنانيين من دون أن تفعلها سابقا . فالتحقيقات التي يجريها ممثلو ادعاء فرنسيين أسفرت عن وضع رئيس مجلس الإدارة المدير العام لبنك الموارد مروان خير الدين الموجود في فرنسا رهن التحقيق الرسمي في أحدث خطوة ضمن تحقيق عبر الحدود. وبعد الإعلان عن الإشتباه بتورط خير الدين في منظمة إجرامية وبغسل الأموال بحسب ما نقل عن متحدث بإسم مكتب النيابة العامة المالية في باريس تمت مصادرة جواز السفر الخاص به وتلقى أمرا بعدم مغادرة البلاد دون أن يحتجز كما تم التداول بالخبر.

سياسيا فرنسا قالت كلمتها ولا تزال متمسكة بها، وقضائيا فعلتها وبدأت التحقيقات مع حاكم مصرف لبنان وأصحاب مصارف، لا مع سياسيين. إلا أن التزاوج بين المسألتين أبعد ما يكون وتحديدا تداخل السلطات القضائية والسياسية بهدف تمرير التسوية "لأننا ببساطة نتكلم عن فرنسا دولة القانون".

بهذه العبارة يبدأ وزير العدل الأسبق البروفسور ابراهيم نجار كلامه ردا على السؤال حول قانونية الخطوة التي قامت بها السلطات القضائية في فرنسا والمرجح أن تمتد لتطال مصرفيين وسياسيين ويقول, " بداية يجب أن نضع أمامنا مبدأ عام كلي في القانون الجنائي والقوانين العابرة للحدود. فالقانون الجنائي لا يطبق إلا في الدولة التي تكون قد سنّت القانون وبالتالي فإن القانون الجنائي الفرنسي لا يطبق في لبنان والعكس صحيح. وفي حال أقدمت السلطات القضائية الفرنسية على ملاحقة أي شخص على أراضيها، يفترض أن تكون الجرائم المنسوبة إلى الشخص معاقب عليها وفقا للقانون الفرنسي". ويضيف عبر "المركزية" إذا قررت السلطات الفرنسية ملاحقة مطلق أي شخص لبناني يفترض أن يكون اقترف مخالفات يعاقب عليها القانون الفرنسي كمثل تبييض أموال في فرنسا، أو التهرب الضريبي على أراضيها .

قانونية سحب جواز السفر ترتبط أيضا بمسألة مخالفة القوانين الجزائية الفرنسية. "في حال كان خير الدين أو مطلق أي شخص يحمل جواز سفر فرنسي ،آنذاك يحق للسلطات الفرنسية سحبه أما إذا كان جواز سفره لبنانيا فلا يحق لها. وهذا الإجراء من صلاحيات السلطات اللبنانية إنطلاقا من مبدأ السيادة اللبنانية والسيادة الفرنسية. مع الإشارة إلى أن مسالة سحب جواز السفر لا ترتبط بقرار منع السفر "فالأخير يفترض منع اجتياز الحدود ويكون بمثابة الإقامة الجبرية أو تحت المراقبة القضائية وهذا يحصل أيضا في حال اقتراف جرم في فرنسا.

وعن إمكانية استدعاء القضاء الفرنسي سياسيين لبنانيين يشير البروفسور نجار بالنفي إلا إذا تبين أن هذا السياسي قد ارتكب جرماً أو خالف القوانين الإلزامية أو الجرمية في فرنسا".

مجرد أن بدأت فرنسا حركتها القضائية باتجاه عدد من أصحاب المصارف في لبنان وصولا إلى الحاكمية قامت الدنيا ولم تقعد لدى معارضي هذا الطرح ووصل الأمر إلى اعتبار الخطوة بمثابة محاولات للضغط على سياسيي المعارضة في لبنان للقبول بتمرير التسوية كما تصب في إطار ممارسة المزيد من الضغوط عجار"لى حاكم مصرف لبنان. 
"إلا هذا" يقول نجار"فالقانون الفرنسي ليس "سنغي طاق" فرنسا على لائحة الدول التي تحترم نفسها والفصل بين السياسة والسلطات القضائية واضح .وإذ يؤكد من خلال اطلاعه على كل الملاحقات التي تجري في فرنسا أن لا علاقة لها بالسياسة .فهناك تكتلات وجمعيات مدنية في فرنسا تقدمت بشكاوى ولاحقت من تثبت عليه الشبهات،. لكن لا علاقة لهذه الملاحقات بالسياسة وتحديدا ملف رئاسة الجمهورية .وهذا التماهي قد يصح في العقوبات الأميركية وتوقيتها لأن النظام القضائي في أميركا مختلف.إذ أن المحامي هو في منزلة الوزير وعليه تقع مسؤولية الملاحقة او عدمها".

القانون شغلة جدية ولا يجوز التلاعب بالمفاهيم القضائية على غرار ما هو حاصل في السياسة اللبنانية وقد حان الوقت لندخل مرحلة النضوج في مسألة فصل السلطات القضائية عن السياسة  وإلا يروحوا يبلطوا البحر"يختم نجار.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o