Apr 08, 2023 1:14 PM
خاص

هكذا انقلبت الاجواء في الاراضي الفلسطينية المحتلة اين منها دور "العقل الاسرائيلي العميق"؟!

طوني جبران

المركزية – في اقل من اسبوع نفذ "العقل الاسرائيلي العميق" عملية انقلابية كبيرة تبدلت من خلالها اولويات الاسرائيليين حكومة وشعبا، فتوقف الجنوح الى ما يشبه الثورة الداخلية التي خاض فيها مئآت الآلاف منهم انتفاضة شارفت على التحول الى "انهيار داخلي"  قبل تعطيل المقترحات والتعديلات المقترحة من قبل رئيس الحكومة بنيامبن نتانياهو على النظام القضائي في البلاد. فاعاد التصويب على ما يعزز الوحدة الداخلية في الحكومة والكنيست والمؤسسات التي واجهت المخطط التدميري لما سمي "بالقضاء المحايد والمستقل" تحت شعار مواجهة الاخطار الامنية المتأتية  من الحدود الشمالية مع لبنان  وقطاع غزة ومناطق في الضفة ومنطقة عرب الـ 48 ومن حيث يمكن ان تنطلق اية مخاطر جدية.

بهذه المعادلة وما رافقها من وقائع وأحداث، لخصت التقارير الديبلوماسية العاجلة التي وصلت الى بيروت من أكثر من عاصمة عربية وغربية التي اطلعت "المركزية" على بعض من عناوينها وما يمكن ان تؤدي اليه السياسات التي لجأ إليها نتانياهو وحلفاؤه الحكوميون الآتون الى السلطة لأغراض تعزز التوجه الى الدولة اليهودية واستئصال ما يسمى بالمخاطر التي تهددها ولا سيما الامنية منها وتلك التي تسببت بها التفاهمات الجديدة وأخطرها تلك التي جاءتها من بكين، على شكل التفاهم السعودي – الإيراني لإحياء التبادل الديبلوماسي والتعاون على إقفال كل الملفات العالقة بينهما وفي الساحات المتأثرة بخلافاتهما ومن دون احتساب مسبق لأي منها ومدى تأثيراتها على مستقبل الاتفاقيات الابراهيمية وجدواها وما يمكن ان تؤدي اليه مسيرة السلام العربية – الفارسية بعدما بنيت ابراج واحلام اسرائيلية عالية تأسيسا على ما تم تحديده من مخاطر على دول المنطقة.

وأجمعت بعض هذه التقارير على لفت النظر الى مجموعة من المؤشرات الخطيرة التي رصدتها بعض المؤسسات الامنية الاسرائيلية وخصوصا تلك التي تتعاطى بالأمن الاستباقي وتحديد المخاطر الناجمة عن التطورات المفاجئة التي جاءت من الدول الخليجية التي جاءت بقراءة جديدة لآلية الحل في الصراع التاريخي الذي اكتسب صفة الصراع العربي - الإسرائيلي من بوابته الفلسطينية تحديدا قبل الولوج الى اية تفاهمات أخرى سواء بالنسبة الى مصير تلك التي عقدت من قبل او تلك التي كانت تخطط لها الدولة اليهودية في المنطقة من أجل التوسع باتجاه بعض الدول العربية على حساب ما يسمى بالحقوق الفلسطينية.

وتوغلت بعض التقارير لتتحدث عن عوامل عدة ادت الى تفجير الوضع من جديد. فقد أحيت الاحداث الاخيرة مخاطر رصدتها المؤسسات العسكرية والامنية الاسرائيلية نتيجة اكثر من توجه للحكومة الجديدة ولا سيما المتعلقة باستمرار سياسة الاستيطان المرفوضة دوليا وأميركيا بنوع خاص على وقع التحديات التي تمس هوية القدس وبعض احيائها العربية المتبقية فيها عدا عن انعكاسات الاحداث في المسجد الاقصى ومحيطه والتي تجمعت في لحظات واكبت التفاهم السعودي – الايراني الذي لم تستوعبه الإدارة الاسرائيلية  العميقة " التي أودت بالمواجهة على اكثر من مستوى داخلي واقليمي يمس الامن القومي للدولة اليهودية . فهي نجحت ومنذ سنوات قليلة  ببناء تفاهمات عميقة مع العديد من الدول على قاعدة مواجهة المخاطر الإيرانية واذرعها في المنطقة الخليجية من دون ان تحتسب مخاطر استمرارها مع سعيها الى تقليص مساحة السلطة الفلسطينية لصالح البؤر الاستيطانية وطريقة التعاطي مع بعض الاحياء المقدسية ومناطق الـ 48 وخصوصا في المدن العربية – اليهودية المختلطة في اعقاب الاحداث التي شهدتها مناطق عدة بين العرب واليهود إثر الانتفاضة العربية فيها.

ووصفت التقارير الديبلوماسية التي وردت الى مراجع محددة ومحدودة  الوضع في داخل اسرائيل بالمتفجر منذ بداية الحراك الداخلي الذي رافق عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم والاسابيع القليلة التي تلت تشكيل حكومته بالتعاون والتكافل والتضامن مع مجموعة من الأحزاب المتدينة والمتشددة التي بنت استراتيجيتها وسياساتها العامة على مجموعة من العقائد التي تنم عن العداء غير المبرر تجاه الشعب الفلسطيني على تنوعه.

وقالت هذه التقارير ان ما عاشه الداخل الاسرائيلي   خلال الأسابيع القليلة الماضية شكل امتحانا صعبا للائتلاف الاسرائيلي الجديد الذي اقصى الحكومة الاصلاحية السابقة. وهي مضطرة لمواجهة مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين نزلوا الى الشوارع في حراك شبه يومي بعد ان تم فرز الاسرائيليين بشكل حاد  لصالح رافضي التعديلات المقترحة للنظام القضائي باكثرية شعبية يخشى ان قادها رئيس الحكومة السابق بيني غانتس من ان ينجح في تفكيك الائتلاف الحكومي الجديد بعدما استدرج  عددا من وزرائه ولا سيما وزير الدفاع  الى مدار المعارضة ما يهدد  مصير الحكومة التي تسعى الى مواجهة اصعب المشكلات بعدما سحبت اقتراحاتها الخاصة بالتعديلات القضائية وبدات البحث عن الطحشة التي تخرجها من مأزقها لاستعادة ما فقدته من هيبة فكان السيناريو الاخير الذي يؤدي الى رفع التحديات الامنية في مواجهة السياسية والدستورية والقضائية منها فكانت العمليات العسكرية المكثفة في الاراضي السورية لاستثارة الجانب الإيراني وحلفائه في المنطقة ولا سيما في لبنان قد رفعت من أجواء التحدي لتزامنها مع الإجراءات التي واكبت دخول الفلسطينيين شهر  رمضان المبارك مضافة الى ما يمكن ان يؤدي اليه تحدي شعور الفلسطينيين والعرب عند المس بالحرم القدسي والمسجد الاقصى خصوصا.

عند هذه المعطيات تقاطعت التقارير التي حذرت من انفجار امني تسعى اليه الحكومة الاسرائيلية ايا كان الثمن، فكانت احداث الاقصى الاخيرة التي أحيت الانتفاضة الفلسطينية في الضفة والقطاع والعالم الاسلامي قبل ان تحسب ان أي مواجهة محتملة ولو كانت محدودة على الجبهة  الشمالية مع لبنان ستكون من الخطوات المفيدة لصالح اعادة لملمة صفوف الحكومة وتحسين صورتها للخروج من مأزقها الداخلي. فهم يدركون ان الجبهة الشمالية هي الاكثر تحسسا كما "غلاف غزة" وبعض المخيمات الفلسطينية في الضفة.

وختاما فان رصد المواقف الداعمة التي حصدتها الحكومة الاسرائيلية على مستوى الولايات المتحدة خصوصا والعالم عموما من الأهداف التي حققها العقل "الاسرائيلي العميق". وان قيست هذه الانجازات بالادعاءات الوهمية بانتصار اي طرف اخر يكون الانقلاب الذي كان مطلوبا على الساحة الاسرائيلية  قد تحقق.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o