Mar 31, 2023 5:54 AM
صحف

باريس تستضيف فرنجية: دعم أم اعتذار؟

على المقلب الفرنسي من الأزمة الرئاسية، استرعى الانتباه أمس استدعاء باريس لمرشح "الثنائي الشيعي" رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إثر اتصال عاجل ورده من المسؤول عن الملف اللبناني في الإليزيه باتريك دوريل دعاه خلاله إلى زيارة فرنسا اليوم للتشاور في مستجدات الموقف من الاستحقاق الرئاسي.

وأوضح مصدر مطلع على مستجدات الحراك الرئاسي لـ"نداء الوطن" أنّ "السبب الرئيس الذي جعل فرنجية يتريث في عقد مؤتمر صحافي لإعلان ترشيحه وبرنامجه للرئاسة، هو التوجّس المتعاظم لديه من أن تؤدي المعادلات الإقليمية التي تصاغ راهناً إلى تراجع "حزب الله" عن دعم ترشيحه في حال ثبت له أنّ هذا الترشيح لم يعد يتماشى مع ضرورات التقارب الإيراني مع المملكة العربية السعودية".

وأوضح المصدر أنّ ما تواتر من معلومات ومعطيات في هذا السياق يشي بأنّ "هناك إنطلاقة إيرانية جدّية باتجاه محاولة تصفير الأزمات مع الرياض في المنطقة بدءاً من اليمن، الأمر الذي سينسحب بطبيعة الحال على سائر ملفات الإقليم ومن ضمنها الملف اللبناني"، كاشفاً أنّ "فريق العمل المحيط برئيس "تيار المردة"، والذي يخوض معركته الرئاسية، تبدو حالة الترقب جلية عليه في الآونة الأخيرة تحت وطأة القلق المتزايد من انعكاس الاتفاق الإيراني - السعودي على موقف "حزب الله" الرئاسي، ربطاً بالقناعة بأنه إذا تم الذهاب إلى تسوية شاملة تحت سقف هذا الاتفاق، فحينها لن تسمح طهران بأن تجعل من ملف الرئاسة اللبناني سبباً لإعادة توتير العلاقة مع السعودية التي صار واضحاً أنها لن تتخلى عن موقفها المبدئي وكلمتها الوازنة في هذا الاستحقاق".

من جهتها، أشارت "الاخبار" الى ان الملف الرئاسي عاد إلى الواجهة أمس مع الإعلان عن تلقّي فرنجية اتصالاً من دوريل الذي وجه إليه الدعوة لزيارة باريس اليوم. تتزامن الزيارة مع وجود رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في باريس منذ أيام للقاء دوريل، علماً أن «لا لقاء سيجمع فرنجية وجنبلاط في العاصمة الفرنسية» وفقَ ما تؤكد مصادر الأخير.

وتأتي الدعوة بعد أيام من اتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «ناقشا خلاله الملف اللبناني»، وسط معلومات عن تراجع فرنسا عن الدعم الذي تقدمه باريس لفرنجية، وأن هناك احتمالاً كبيراً بأن تكون العاصمة الفرنسية في صدد إبلاغ فرنجية عجزها عن إقناع الولايات المتحدة أو السعودية بالسير به ضمن صفقة شاملة.

وبحسب مصادر ديبلوماسية، فإن الجانب الفرنسي بدا شديد التوتر إزاء ما سمعه من الجانبين الأميركي والسعودي لناحية رفض إطلاق مبادرة يعتبرها الطرفان «مراضاة لحزب الله»، وأن باريس شعرت بذلك من خلال تعرضها لحملة في لبنان من قبل حلفاء واشنطن والرياض، إضافة إلى إشارة مصرية إلى أن موقف السعودية يبقى أساسياً في الملف، ولا يمكن للقاهرة السير في أي خيار ترفضه الرياض.
وقالت المصادر إن المعطيات الحقيقية حول الاجتماع الخماسي الأخير في باريس أظهرت وجود خلافات كبيرة، وإن القاهرة تحاول القيام بمبادرة لإعادة التواصل إلى مستواه العملاني. وأضافت أن المصريين يعولون كثيراً على الاتفاق السعودي – الإيراني لتوسيع قنوات الحوار الخارجي حول لبنان، وإن كانت طهران والرياض تجنبتا الحديث عن أي انعكاسات مباشرة للاتفاق بينهما على الوضع في لبنان.

من جهته، أبدى فرنجية أمام زوراه «ارتياحاً كبيراً لسير الأمور في اليومين الأخيرين». ونقل هؤلاء أن «فرنسا لا تزال على موقفها من ترشيحه»، مشيرين إلى أن الزيارة «قد تكون من أجل استكمال البحث في الملف الرئاسي، أو إبلاغ رسالة سعودية إلى فرنجية على سبيل طلب بعض الضمانات أو الاستفسار عن بعض الأمور»، لكن من دون المبالغة في توقع الإيجابيات من هذه الزيارة. وقال الزوار أيضاً إن فرنجية سمع من السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف الذي زاره أمس كلاماً إيجابياً حول مساع تقوم بها موسكو مع الرياض لإقناعها بالسير بتسوية يكون فرنجية عنواناً لها. كما وضع روداكوف فرنجية في أجواء الشق اللبناني من الاجتماع الذي حصل أخيراً بين وزيري خارجية روسيا والسعودية.

واكد مصدر فرنسي رفيع لـ”النهار” ان فرنجية سيلتقي الفريق الاستشاري الفرنسي للرئيس ماكرون . ووفق المصدر ان باريس حريصة ان يقدم فرنجية ضمانات انه اذا تم انتخابه رئيسا ينبغي الا يعطل عمل الحكومة الاصلاحية التي يقع عليها تنفيذ الاصلاحات لاخراج البلد من محنته والا يستخدم الثلث المعطل. ولكن المصادر نفسها تبقى حذرة جدا ازاء موقفه وتقديمه الضمانات فلدى الفريق الرئاسي الفرنسي خبرة واسعة بالوعود اللبنانية، ولكنها رغم ذلك تبحث عن مخرج بسرعة للفراغ في لبنان قبل التدهور التام لان الوضع في لبنان خطير جدا والرئيس ايمانويل ماكرون عازم على انقاذه قبل الانهيار التام.

وفي معلومات لـ"الجمهورية" من مصادر مطلعة بقوة على الملف انّ النقاش لم يعد محصورا في ما اذا كان هناك "فيتو" سعودي على اسم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية من عدمه، إنما في توقيت التسوية وشروطها، والتي ستكون محصورة بطرفي الاتفاق السعودي ـ الايراني وحلفائهما، وليس بأي جهة او جهات اخرى تعمل على خطوط تقارب مصالحها الشخصية.

واكدت هذه المصادر انّ زيارة فرنجية لفرنسا قد لا تحقّق اي خرق وفيها مصلحة لباريس اكثر منها الى فرنجية نفسه المُرتاح جداً الى الموقف الفرنسي، غير انه مقتنع تماما بأنّ الرضى السعودي هو ممر إلزامي لقبوله بالمهمة الرئاسية، وقد وصلته الاجواء التي تؤكد انّ المملكة العربية السعودية لا تضع "فيتو" عليه ولم تشطب اسمه إنما تصرّ على تقوية ورقة المواصفات حتى يعزف اصحابها أنفسهم او يعملوا على التأهّل لها. ورأت "ان الحل لا يزال بعيداً، وقد ينبت العشب قبله لكنّ حظوظ فرنجية عادت الى واجهة الرصد، وانّ الوقت، كما التطورات، كفيلان بتغيير مسار الاحداث"… واضافت المصادر "ان الفرنسي يغنّي على ليلاه ويطرح افكاراً لكن الكلمة ستكون للاتفاق السعودي ـ الايراني".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o