غبريل: دولرة الأسعار لا تحل المشكلة.. ولكن
المركزية- لفت رئيس دائرة الأبحاث والدراسات المالية والاقتصادية في بنك بيبلوس الخبير المالي والاقتصادي الدكتور نسيب غبريل إلى أن "مؤشر السلع الاستهلاكية الصادر مؤخراً عن إدارة "الإحصاء المركزي"، يكشف عن ارتفاع الأسعار 190 في المئة بين شباط 2022 وشباط 2023، وارتفعت 25 في المئة فقط بين كانون الثاني وشباط 2023".
وأكد في حديث لموقع "القوات اللبنانية" الإلكتروني، أن "دولرة الأسعار لا تحل هذه المشكلة، حتى أن مَن يطرح موضوع الدولرة لم يدّعِ أنها الحل. إنما هو محاولة لإضفاء بعض الشفافية على التسعير"، وقال: موضوع الدولرة لم يبدأ في قطاع السوبرماركت، بل سبقته وزارة السياحة حين سمحت أوائل الصيف الفائت للمطاعم والمقاهي والمرابع الليلية والمنتجعات التسعير بالدولار والقبض بالدولار النقدي أو بالليرة وفق سعر صرف السوق الموازية.
وأوضح أن "هدف الدولرة ليس تجميد رفع الأسعار، فالتسعير بالدولار لا يعني أن الأسعار لن ترتفع بالدولار، لكن ارتفاعها لا يكون بالسرعة التي ترتفع بها الأسعار بالليرة اللبنانية بفعل ارتفاع سعر الصرف المتسارع، كما يُظهر المعنيون ولا سيما التجّار. لكن من باب الإنصاف، إن كانت هناك سلعة ثمنها 5 دولارات فيختلف سعر صرفها مع تفاوت سعر الدولار في السوق السوداء. من هنا تختلف الكلفة لدى مَن يدفع بالليرة اللبنانية في ظل التدهور الحاد في قيمتها".
ودحض صحة الكلام عن أن معظم اللبنانيين يتقاضون رواتبهم كاملة بالدولار الأميركي، وقال "الكلام غير صحيح على الإطلاق، بل هناك جزء من اللبنانيين يتقاضى قسماً من رواتبه بالدولار والقسم الآخر بالليرة، كما أن هناك فئة من المواطنين تتقاضى رواتبها بالليرة اللبنانية بشكل أساسي أي بنسبة 70 و80 في المئة، ورواتب البعض الآخر 100 في المئة بالليرة. لذلك ستؤثّر الدولرة حتماً على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين".
وإذ أكد أن منصّة "صيرفة" لا تشكّل الحل، لفت إلى أنها "تساعد اللبنانيين نوعاً ما على الحصول على بعض الدولارات لمواجهة موجة الغلاء والتضخّم". لكنه كرّر التأكيد أن "أحداً لا يدّعي أن الدولرة هي الحل، لا وزارة الاقتصاد والتجارة ولا أصحاب المحال التجارية ولا غيرهم".
وأعلن غبريل أن الحل الناجع يتأتى من "لجم الأسعار، على رغم غياب الرقابة ووجود نحو 60 مراقباً لدى وزارة الاقتصاد"، وسأل في هذا السياق "بما أن بعض الأحزاب أدخل إلى مؤسسات القطاع العام 38 ألف شخص ما بين العام 2014 و2018 وغالبيتهم بدون وظيفة، لماذا لا تضعهم في تصرّف وزارة الاقتصاد والتجارة ليزيد عدد المراقبين ليتمكنوا من القيام بمهامهم بشكل كافٍ؟!
وقال: إن أردنا لجم التضخم، فهناك وسيلتان نقدية ومالية لذلك وكلتاهما معطّلتين:
- الأولى تقليدية معروفة تتمثل في السياسة النقدية من خلال استخدام الفائدة المرجعية لدى مصرف لبنان، إذ أن البنوك المركزية يمكنها تحريك الفائدة لسحب السيولة من الاقتصاد، حيث يتم رفع الفائدة للجم التضخّم. وهذه أداة رئيسية للمصارف المركزية حول العالم. ففي لبنان لا تزال أداة الفائدة معطّلة منذ العام 2019، نظراً إلى غياب تدفق رؤوس الأموال إلى لبنان من القنوات الرسمية أي من خلال القطاع المالي كي يتمكن مصرف لبنان من استخدام الفائدة. ومن جهة أخرى أصبح اقتصادنا "كاش" مدولَراً وبالتالي لم تعد المعاملات الاقتصادية تمرّ من خلال القطاع المصرفي.
- الوسيلة الثانية: النفقات العامة وهي معطَّلة بدورها. لقد أقرّت موازنة العام 2022 في أواخر أيلول منه ولم نعلم حتى اليوم أرقام المالية العامة من هذا العام! كما أن موازنة العام 2023 لا تزال في طور الدراسة ومسارها طويل ومعقَّد.
في ضوء ذلك، رأى أن "الحل يكمن في الإسراع في الإصلاحات كي تتمكن السلطة النقدية من استخدام أداة الفائدة للجم التضخم، لتصبح مهمة مصرف لبنان الرئيسية لجم التضخم دون سواه. ويشير إلى أن استقطاب الأموال من الخارج لا يتم إلا باستعادة الثقة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الإصلاحات البنيوية.