Mar 18, 2023 11:22 AM
خاص

القضاء الاوروبي ليس لـ "الايجار" هل يقتنع بعض اللبنانيين؟

طوني جبران

المركزية –على وقع مجموعة الازمات التي يعيشها لبنان على أكثر من مستوى نيابي وحكومي ومالي ونقدي ودستوري توجهت الانظار الى قصر العدل ليومين متتاليين الخميس الجمعة الماضيين لمتابعة التحقيقات الاوروبية الجارية مع حاكم البنك المركزي رياض سلامة أمام الوفد القضائي الأوروبي تتقدمهم قاضية التحقيق في باريس أود بورسي بالإنابة عن الأطراف الثلاثة الممثلة لفرنسا والمانيا واللوكسمبورغ ومن بينهم   ومحققون من هويات هذه البلدان على خلفية مجموعة من الدعاوى والاخباريات التي استحضرت ضد سلامة أمام القضاء الأوروبي في باريس والمانيا واللوكسمبورغ عدا تلك التي رفعت أمام هيئات أوروبية مدنية كما جرى في أكثر من عاصمة أخرى.

وفي حضور قاضي التحقيق الأوّل في بيروت شربل أبو سمرا، والقاضية هيلين اسكندر  ممثلة الدولة اللبنانية التي ادعت على سلامة عبرت الساعات العشرة من التحقيقات التي رد خلالها سلامة من دون حضور اي من محاميه على مجموعة من الاسئلة التي احصيت بـ 198 سؤالا  تناولت مختلف زوايا القضية التي يجري التحقيق بشأنها  والتي تمحورت حول شركة "فوري" المسجلة باسم شقيقه رجا سلامة، وعن مجموعة من الشركات والمؤسسات الاخرى ان كانت موجودة او وهمية فعلاً، وعن العمولات التي تقاضتها الشركة وباية طريقة وعبر أي آليات تم تحويلها نتيجة بيع سندات اليوروبوند أو اي عمليات مالية أخرى، بالإضافة الى أسئلة أخرى طرحت حول أملاكه وعقاراته في باريس ومدن اوروبية أخرى.

وقبل استشراف ما يمكن ان تؤدي اليه هذه التحقيقات التي بوشرت من قبل في زوايا منها في أكثر من مدينة اوروبية حضرها سلامة العام الماضي فان مراجع قضائية  كشفت لـ "المركزية" عن اسفها البالغ نتيجة طريقة تعاطي بعض الاطراف والاشخاص مع هذه القضية على دقتها وخطورتها في كثير من مفاصلها. فهي جاءت في توقيت دقيق وحساس تزامنت مع تطورات مأساوية على اكثر من صعيد وباتت تهدد مستقبل القطاع المالي في لبنان والمصرفي عموما بطريقة لا يمكن معالجتها ان تطورت وبلغت مرحلة اللاعودة وانتهت الى شغور في مركز حاكمية مصرف لبنان وما يمكن ان تستتبع هذه المرحلة من محطات لا يمكن تقدير خسائرها الباهظة على لبنان واللبنانين.

وأضافت المصادر: لقد اتخذت كل التدابير الامنية والادارية لحماية التحقيقات التي اجريت على دقتها وابعد الاعلاميون الى امكنة لا يمكن ان تقترب من قاعة التحقيق ووسط تكتم شديد عبر  عنه قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل ابو سمرا، الذي لفت في تصريح اعلامي له في اعقاب التحقيقات مؤكدا أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد أجاب على كل الأسئلة التي طرحها الوفد القضائي الاوروبي رافضا ان يعطي اي انطباع تكون لديه  عن ردات فعله وعما إن كان مرتاحا ام لا في وقت كانت فيه بعض وسائل الاعلام المحدودة تتحدث عن حال ارباك تعرض لها تزامنا مع حديث لوسائل اخرى عن ارتياح غير مسبوق قبل ان يحسمها هو في بيانه الشخصي في نهاية التحقيقات مؤكدا أنه كان مرتاحا للتحقيقات التي لم تاتي بجديد بعدما كان قد تعاطى معها من قبل ولم يغير في أقواله شيئآ منذ ان تم الاستماع إليه قبل أشهر عدة.

وأمام هذه الصورة بتناقضاتها المعلن عنها دعت مراجع قضائية عبر "المركزية" الى التروي في التعاطي مع هذه القضية بعيدا عن الحملات الاعلامية التي لا يمكن ان تقدم وتؤخر في مجرى القضية على المستوى القضائي والقانوني. فليس هناك ما يمكن إخفاؤه في مرحلة من المراحل ولا يمكن الركون سوى الى الكلام القضائي المباشر الذي يمكن ان تعبر عنه القاضية الفرنسية ومرجعياتها الاوروبية من دون تجاهل اغفال البعض او جهلهم لمجرى العمل القضائي بعد الخلط العجيب الغريب في الحديث الملتبس   بين مجرى القضايا القضائية المطروحة على مستوى التحقيقات الاوروبية والمحلية اللبنانية. فهي منفصلة تماما عن بعضها البعض ولكل منها خصوصياتها وإن تلاقيا في مكان ما فمن أجل بعض الإجراءات الشكلية المحكومة باتفاقيات وتفاهمات دولية وأخرى معقودة بين لبنان وبعض هذه الدول عدا عن المواثيق الدولية المعترف بها في كل الدول بدون استثناء ولا يمكن تجاوزها في اي حال من الاحوال.

ولفتت المراجع الى ان الدور الوسيط الذي يلعبه القضاء اللبناني محكوم بسلسلة إجراءات جعلته في موقع المحترم أوروبيا ودوليا وان احصيت الترتيبات التي فرضها القضاء اللبناني يمكن اعطاء صورة واضحة على انه ومهما اصيب من ندوب داخلية فصورته لم تخضع لأي تشكيك اوروبي حتى اليوم بدليل انتظام العمل لدى فريق البعثة الاوروبية منذ لحظة وصولها الى لبنان في الأسبوع الأخير من كانون الثاني الماضي حتى جلسة الأمس فقد ازيلت التباسات مختلفة والتزم الوفد الاوروبي بالأصول التي حددتها النيابة العامة التمييزية وهي أمور ليس من السهل تجاوزها من قبل بعض الأطراف التي امتهنت التسويق السياسي لمواقف بعيدة كل البعد عن الحقائق في الكثير من زواياها.

ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل التي لا يمكن البوح بها انتهت المراجع  القضائية عبر "المركزية" لتقول ان الأمور جارية على ما يرام، وان الخطوات التي اتخذت وتلك المقبلة ستأتي في مواعيدها بدقة متناهية فالتعاون القائم مع القضاء الفرنسي خصوصا والأوروبي عموما محكوم بأصول لا يمكن لأحد تجاوزها. ولذلك فإن على بعض الرؤوس الحامية التي تبحث عن "انتصارات وهمية"  بوسائل "ديماغوجية" لربما اصطدمت أكثر من مرة - كما في السابق وربما اليوم - بواقع يخالف رغباتها وتمنياتها ومن الاجدر التروي في التهويل منعا لما لحق من أضرار بسيط وصورة القضاء اللبناني والتي صححتها الاجراءات الاخيرة.

وانتهت هذه المراجع لتؤكد امام الراغبين بالتعاطي بهذه القضية الى التمعن في حقائقها ومجراها القضائي. فالسعي الى  "النجومية المؤقتة" غير مضمون النتائج كما الى "الدفاع المستميت"عن أي من أبطال المرحلة ليس اوانه لا في توقيته ولا في شكله ولا في مضمونه . وان على الجميع فهم حقيقة واحدة تقول إن "القضاء الأوروبي" ليس "للإيجار " ولم يكن يوما "مطية" لأحد. وان ثبتت المخالفات المحكي عنها فلن تبقى "سرية للغاية"، وما على من يهمه الامر سوى انتظار الآلية المعتمدة بمراحلها المتسارعة لعلها تضع حدا لمثل هذه الممارسات المحظورة في كل دول العالم ما عدا في لبنان وان غدا لناظره قريب.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o