Feb 23, 2023 12:40 PM
مقالات

الهروب إلى الحروب

تعلم إيران أنها هُزمت في سوريا وأن الرئيس بشار الأسد الذي تحالف معها ضد شعبه يحاول أن يقايض إخراجها من سوريا بإستعادته إلى حُضن العرب وأحضان المجتمع الدولي.

وتعرف إيران أيضاً أنها هُزمت في العراق إلى درجة أن شيعة الجنوب العراقي الذين كانوا أقوى خصوم الرئيس الراحل صدام حسين صاروا يترحمون عليه ويعتذرون منه لأنهم كانوا قد أيدوا إيران ضده.

وتدرك إيران أن إمساكها باليمن عبر الحوثيين بات مهزوزاً، خصوصاً في ضوء فشل أدواتها في تحقيق أي تقدم عسكري داخلي منذ سنة ونيف كما في ضوء السعي الحثيث من قبل قوى الثورة لتنشيط إقتصاد المناطق المحررة وتفعيل مرافئها.

إيران متيقنة من حقيقة يراها الضرير الأعمى وهي أنه بقي لها مما كسبته في أرض العرب خلال السنوات العشر الماضية فقط فُتات قوى موزعة بين ميليشيا ومافيا في بلد إسمه “الجممهورية اللبنانية” لا تديره دولة بل منظومة تحالف السلاح والفساد.

الهزيمة التي قصمت ظهر البعير الإيراني حققتها إسرائيل يوم الأحد الماضي في سوريا بقصف مبنى غرفة العمليات الأمنية الإيرانية في منطقة كفرسوسة بدمشق أثناء إجتماع ضم كوادر رفيعة من الحرس الثوري وحزب حسن ونعيم وحركة الجهاد الإسلامي أسفرت عن قتل 13 شخصاً من المجتمعين.

وكشف المحلل العسكري لموقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي رون بن يشاي أن القصف جاء رداً على الهجوم الذي نفذه الإيرانيون بطائرة مسيّرة إستهدفت في الخليج ناقلة نفط مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر.

وذكرت معلومات أن قصف مبنى غرفة العمليات الأمنية الإيرانية في كفرسوسة أسفر عن مقتل مسؤول رفيع في إحدى الحركات الإسلامية المتحالفة مع إيران يعتقد أنها حركة الجهاد الإسلامي التي بايعت الولي الفقيه الفارسي ولياً لأمر المسلمين.

وكان القيادي في حزب حسن ونعيم عماد مغنية قد قُتل عام 2008 في نفس الموقع الذي إستهدفه القصف الإسرائيلي يوم الأحد الماضي .

إيران تدرك أن الرئيس السوري يبحث مع “بعض عرب الخليج وبعض عرب شمال أفريقيا” مقايضة إستعادته إلى جامعة الدول العربية بالتخلي رسمياً عن التحالف مع إيران وطرد حلفائها من الأراضي السورية ومن ضمنهمم “الضالعين في صناعة المخدرات وتبييض الأموال.”

فإلى أين ستكون وجهة مافيا المخدرات وتبييض الأموال التي إستوطنت سوريا إذا تمت الموافقة على ضوابط المقايضة مع نظام بشار الأسد؟

إيران تعلم أن الموقف السعودي-المصري يختصر بعبارة “لا مساكنة مع قوى تابعة لإيران في أراضي العرب” فكيف إذا كانت القوى التابعة لإيران تضم مافيا مخدرات وتبييض أموال؟

وإيران تعلم علم اليقن أنه لا يوجد أي كيان على أرض العرب مكون من تحالف ميليشيا ومافيا سوى المنظومة التي تدير شؤون لبنان من خارج مفهوم الدولة والدستور وسيادة القانون.

فهل تنقل إيران مصانع مخدراتها وشبكة تبييض أموال أتباعها إلى منظومة تحالف الميليشيا والمافيا المسيطرة على لبنان؟

يقول دبلوماسي عربي أن منظومة تحالف الميليشيا والمافيا تعتقد أن مصلحتها تقتضي أن تستقبل في لبنان من تلفظه ضوابط مقايضة الأسد مع العرب كي يساهم هذا الفائض في تحويل ما تعتبره إيران حرباً على قواها إلى حرب أهلية بين أطراف لبنانية فيساهم الصراع الأهلي في إحتفاظ المنظومة بسيطرتها على لبنان المشتتة قواه أساساً ً بين فراغ رئاسي وتدهور مالي وضياع حكومي.

الشعب اللبناني، الذي خبر ويلات الحرب الأهلية وما زال يدفع أثمانها حتى اليوم، لا يُتوقع أن يرحب بحرب أهلية مستجدة، لكن تفشي العصابات الموالية للأعداء يمكن أن يدفع بالأغبياء والخبثاء إلى تبني ما لا يقصده الغبي وما يشتريه الخبيث كما يحصل مع دفع مجموعات من الأوباش لإحراق مداخل المصارف زاعمين أنهم من المودعين الذين يريدون إسترجاع أموالهم التي إحتجزتها البنوك.

هل يوجد عاقل يصدق أنه إذا أحرق مصرفاً سينجح في إسترداد وديعته منه، هذا إذا كان مودعاً أصلاً؟

هؤلاء يصح فيهم قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: “النَّاسُ ثَلَاثَةٌ – فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ومُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ اَلْعِلْمِ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ” (.مؤسسة علوم نهج البلاغة)

هل يحتاج لبنان إلى نعيق المزيد من الهمج الرعَاع الذين لم يستضيئوا بنور العلم بل أتقنوا حرفة الهروب من الهزائم إلى مزيد من الحروب؟

أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان …

محمد سلام - هنا لبنان

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o