Jul 03, 2018 8:08 AM
مقالات

"كتاب اسود" يوثّق القضاء على الارهاب

منتصف الشهر الماضي، زار قائد الجيش العماد جوزف عون يرافقه مدير الاستخبارات في الجيش العميد الركن إنطوان منصور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري، فرئيس الحكومة سعد الحريري. في الزيارات الثلاث، دخل العماد عون، والعميد منصور مع كتاب اسود تبلغ سماكته نحو 15 سنتيمترا، وخرجا من دونه، بعد ان قدماه لقمة الهرم السياسي في البلاد. يمثل هذا الكتاب، خلاصة العمل الأمني لمديرية المخابرات في الجيش وحدها، ويحتوي آلاف الصفحات والتفاصيل الدقيقة عن حجم الشبكات الإرهابية التي اوقفت وفككت خلال العام 2017.

يضج "الكتاب الأسود" للإرهاب في لبنان، بالكثير من التفاصيل والوقائع. كل خلية موثقة بعدد افرادها ومهماتها واهدافها واعترافات الموقوفين منها، مع صورهم، وفي كثير من الأحيان صور المضبوطات التي وجدت معهم، من سلاح وعتاد ومخدرات.

ويؤكد مرجع امني  لـ"الشرق الأوسط" ان لبنان قضى بالكامل على البنية التحتية للإرهاب"، مشيراً إلى "ان ثمرة الإنجازات التي قامت بها الأجهزة الأمنية كانت قضاء مبرما على البنية التحتية الأساسية للإرهاب في البلاد، التي روّعت اللبنانيين في السنوات الماضية"، جازما "بأن العام 2017 كان مفصلا أساسيا في هذه الحرب".

ويوضح المرجع، "ان هذه الأرقام، تكشف فقط عمّا قامت به مديرية المخابرات في الجيش وحدها"، مشيرا إلى "وجود شركاء آخرين في عملية مكافحة الإرهاب في بقية الأجهزة الأمنية، خصوصا في المديرية العامة للأمن العام وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، اللذين قاما بإنجازات اخرى في هذا المجال صبّت جميعها نحو الهدف الأوحد وهو القضاء على الإرهاب".

مع هذا يعترف المرجع، بأن "ثمة إمكانية لخروج بعض الإرهابيين بعمل من هنا او هناك"، لكنه يجزم مرة جديدة "بأن البنية التحتية التي كانت تزوّد هؤلاء بالسلاح والمتفجرات والدعم اللوجيستي، اُصيبت بضربة قاصمة". ويقول "سيحاولون، ونحن سنبقى متيقظين لمنع اي خرق للأمن اللبناني، ويمكنني ان اجزم بأن لبنان في هذا المجال هو في مصاف الدول الأكثر امنا في العالم اليوم". ويضرب المرجع في هذا الإطار، مثلا، كيف ان مشتبها به في احد مخيمات النازحين السوريين في عرسال ومحيطها كان يحتاج إلى قوة كبيرة لجلبه، بات يكفيه ان تنتقل إليه دورية من عدة عناصر فقط".

وشكّلت ازمة النزوح السوري ضغطا كبيراً على الأمن اللبناني، كما يقول المرجع، مبديا اسفه كون أكثر من 90 في المائة من الموقوفين هم من التابعية السورية، ما بات يستدعي عملا اكثر على هذا الملف.

ويعتبر المرجع "ان الاستقرار السياسي ليس شرطا اساسيا في عملية الأمن"، لكنه يشير في المقابل إلى "ان التحريض يجب ان لا يكون جزءاً من الخطاب السياسي"، مشيرا إلى "ان الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى قادرون على ضبط الوضع، لكن على السياسيين ايضا ان يساهموا في خفض حدّة التشنّج بين الناس. فإذا كان الاختلاف السياسي والتمايز وحتى الخلاف حقا مقدسا في الديموقراطيات، فهو يجب ان يترافق مع وعي لمخاطر بعض التصرفات".

الخلاف السياسي الداخلي وحده من كان عائقا امام استرداد الجنود الأسرى الذين خطفتهم التنظيمات الإرهابية في محيط عرسال في العام 2014". وفي هذا الإطار يؤكد المرجع "ان الجيش كان قادراً على شنّ عملية كبرى لاستعادة اسراه في حينها، كما كان مستعداً بعد ذلك. وفي نهاية المطاف قام بعملية "فجر الجرود" التي انتهت بتطهير الأراضي اللبنانية التي كان يحتلها تنظيم "داعش" الإرهابي، وبخسائر بشرية ومادية محدودة جداً.

تظهر ارقام "الكتاب الأسود" ان تنظيم "داعش" كان "البعبع" الأكبر إعلاميا ونفسيا، لكن تنظيم "جبهة النصرة" بزعامة أبو مالك التلي كان الأكثر خطورة، بعدما تبين أنه أكثر من قام وحاول بعمليات إرهابية على الأراضي اللبنانية.

يبلغ حصاد العام 2017 من الموقوفين لدى الاستخبارات اللبنانية 3743 موقوفا احيل منهم إلى القضاء 1496. ويعتبر موقوفو الإرهاب الأكثر عدداً، إذ بلغ عدد المتورطين بعمليات إرهابية 943 شخصا، يضاف إليهم 290 شخصا دخلوا البلاد خلسة من الأراضي السورية، و22 شخصا بتهمة تمويل الإرهاب و59 شخصا بتهمة حيازة الأسلحة والذخائر.

اما اكبر الخلايا التي ضبطت فكانت في الثالث من كانون الثاني 2017. وهي تضم 11 شخصا مرتبطة بشادي المولوي. فقد خططت هذه المجموعة لإرسال سيارات مفخّخة إلى ضواحي مدينة بيروت واغتيال مدنيين وضباط حاليين ومتقاعدين في الجيش اللبناني. وضبط مع عناصرها كمية كبيرة من المتفجرات وحزام ناسف واجهزة تفجير عن بعد وأسلحة مع ذخائرها من ضمنها مسدّس مزوّد بجهاز كاتم للصوت.

وفي 22 من الشهر نفسه اوقفت الاستخبارات عمر حسن العاصي المنتمي لتنظيم "داعش" خلال محاولته تنفيذ عملية انتحارية في مقهى "كوستا" في منطقة الحمرا ببيروت. وفي 3 ايار تمكن الجيش من القيام بعملية في منطقة وادي سويد في عرسال أسفرت عن توقيف عمر حميد الملقب بـ"التوملّي"، المنتمي إلى تنظيم "داعش". والموقوف كان وراء الاعتداء على دورية تابعة للجيش في بلدة عرسال مطلع العام 2013 أودت بحياة الرائد في الجيش بيار بشعلاني والمعاون إبراهيم زهرمان. وشكلت العملية ضربة معنوية مهمة للتنظيم. وفي حينها، اتصل قيادي من الجيش بوالدتي الضابط والعسكري مبشرا بضبط القاتل، قبل إذاعة الخبر.

وفي السادس من حزيران من العام نفسه استطاع الجيش القيام بإنجاز معنوي–ميداني آخر، تمثل بتوقيف فيصل حسين مملوك الذي شارك في تطويق مراكز الجيش واقتحام مبنى قوى الأمن الداخلي في عرسال والاشتباك مع عناصره في أحداث عرسال عام 2013. وفي اليوم التالي اوقف الجيش محمد بدر الدين الكرنبي المنتمي لتنظيم "داعش" لمشاركته في معركة عرسال ضد الجيش، ونقل انتحاريين وشراء وتفخيخ ونقل سيارات لتفجيرها وإطلاق صواريخ وعمل في تجارة الأسلحة الحربية وترويج وتعاطي المخدرات.

وفي الأول من تموز اوقف الجيش احمد خالد دياب الملقب بـ"أحمد أبو السيك" المتهم بالاعتداء على وحدات الجيش في مهنية عرسال عام 2014. وقد اعترف أنه شارك بقتل العقيد نور الدين الجمل. وفي الحادي عشر من الشهر نفسه دهمت وحدات الجيش مقراً لمجموعة يرأسها السوري ياسر الغاوي، وضبطت مع افرادها عبوات معدّة للتفجير وحزاماً ناسفاً و50 كلغ من المواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات، بالإضافة إلى كميّة من الرمانات اليدوية والصواعق. وأدى الاشتباك إلى مقتل الغاوي وعاطف الجارودي وتوقيف ثلاثة آخرين، علما بأن الغاوي هو الرأس المدبر لعملية التفجير التي حصلت في رأس بعلبك قبل أكثر من شهر.

وفي ايلول تم توقيف عبادة مصطفى الحجيري المتهم بالانتماء إلى تنظيم جبهة النصرة بتهمة تأمين الأسلحة والذخائر والمواد الغذائية، وإيوائه عدد كبير من المسلحين داخل منزله في عرسال. وافيد انه اعترف بإقدامه مع والده مصطفى الحجيري الملقب "أبو طاقية" على اقتياد العسكريين اللبنانيين وتسليمهم إلى التنظيم المذكور.

وفي 17 تشرين الثاني 2017 أوقف الجيش أبرز قياديي تنظيم داعش اللبناني إبراهيم أحمد زعرور والسوري عدي حسين الخطيب. وهما شاركا في المعارك ضدّ الجيش اللبناني في عرسال، ورصد ومراقبة تحركات الجيش، وتخطيطهما لعدة عمليات إرهابية بواسطة سيارات مفخخة وعبوات ناسفة لاستهداف مراكز الجيش، بالإضافة إلى مشاركة الثاني في تفجير مقر هيئة علماء القلمون في عرسال واستهداف دورية الجيش أثناء توجهها إلى مكان الانفجار وتواصله مع أبو الورد المرتبط بانتحاريي القاع.

ثائر عباس-الشرق الاوسط

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o