Jul 02, 2018 6:57 AM
مقالات

ميقاتي: هذه قصة اللقاء مع الحريري

 

إستحوذ "اللقاءُ التشاوري" الأخير بين رؤساء الحكومات السابقين والرئيس المكلّف سعد الحريري على الانتباه، خصوصاً أنه اتى في عزّ التجاذب السياسي حول تركيبة الحكومة الجديدة، وما يرافقه احياناً من كلام في شأن الصلاحيات ومصير التكليف الممنوح للحريري إذا استعصى عليه إنجاز التأليف في وقت قريب.

ولِئن كان من الطبيعي والبديهي حضور الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام في الاجتماع مع الحريري الذي تربطهما به اواصر قربى سياسية من الدرجة الأولى، الا ان وجود الرئيس نجيب ميقاتي اكتسب نكهة خاصة ومعنىً إضافياً، من حيث الشكل والمضمون، في اعتباره من المعارضين الشرسين للحريري والمرشحين الدائمين لرئاسة الحكومة، علماً ان حبرَ الحملات المتبادلة بين ميقاتي و"تيار المستقبل" خلال الانتخابات النيابية الأخيرة لم يجفّ بعد.

وليس خافياً ان رئيس "تيار المستقبل" ليس متحمِّساً، أقله حتى الآن، لتمثيل ميقاتي وكتلته النيابية بوزير في الحكومة الجديدة، أولاً لعدم رغبته في تقوية منافسه الاقوى شمالاً، وثانياً بسبب تحسّسه حيال مبدأ الإقرار بأي حضورٍ لمعارضيه او لمنافسيه السنّة في مجلس الوزراء، على حساب حصة "المستقبل" التقليدية.

لكن يبدو واضحاً ان لدى الحريري وميقاتي ما يكفي من البراغماتية والواقعية، لكي يتحكّم كل منهما بهواجسه حيال الآخر، بدل تركها تتحكّم بهما، وبالتالي بات الرجلان قادرَين على إدارة خلافهما وضبط وتيرته على إيقاع مصالحهما، فيلتقيان حيث تتقاطع الحسابات ويتصادمان حيث تفترق.

ويشرح ميقاتي لـ"الجمهورية" ظروفَ انعقاد اجتماع رؤساء الحكومة السابقين مع الحريري في بيت الوسط، قائلاً "خلال الايام الماضية كان التواصل قائماً بيننا هاتفياً، لكن ارتأينا ان نلتقي في ما يشبه الصالون السياسي، ونتداول في الوضع العام بدل الاكتفاء بالاتّصالات الهاتفية". ويضيف "لقد بحثنا في ملفّ تشكيل الحكومة وكيف يمكن تحريك الامور ودفعها الى الامام، واكدنا اننا ندعم الرئيس سعد الحريري في مهمته ونقف الى جانبه، لأن الظرف صعب، وهناك تحديات كبرى تواجه لبنان تتطلّب تعاون الجميع لمواجهتها".

ويشير ميقاتي الى "ان المهم ليس فقط الانتهاء من تشكيل الحكومة في اسرع وقت ممكن، وإنما المطلوب بعد ذلك ان تكون منتجة وان ترتقي الى مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقها، وهذا هو الأهم بالنسبة الى اللبنانيين".

ويؤكد ميقاتي أنه تم التشديد خلال اللقاء على رفض اي كلام او تلميح في شأن سحب التكليف من الحريري"، لافتاً الى "ان مقام رئاسة الحكومة يهمّنا ولا نقبل بأي تعرّض له ولصلاحياته".

ويعتبر ميقاتي "ان من الضروري تشكيل حكومة توحي بالثقة"، مشدداً على "اهمية ان تضم وزراءَ سياسيين فاعلين ومتمكّنين، بحيث يكونون قادرين على التصدي للملفات المطروحة واتّخاذ القرارات المطلوبة في صددها، منبِّها الى ان المرحلة لا تتحمّل وزراء موظفين او من المصنّفين درجة ثانية، لأن التحديات التي تواجهنا هي دقيقة ولا يجوز التهاون امامها، من النازحين الى الوضع الاقتصادي مروراً باستكمال تطبيق اتفاق الطائف ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية".

ويعتبر ميقاتي "ان من حق تكتله النيابي ان يتمثل بوزير، سواءٌ كان سنّياً او غير سنّي"، مشيراً الى "ان تكتلنا عابر للطوائف ونحن لا نتوقف عند الهوية الطائفية للوزير الذي يجب أن يمثلنا"، وموضحاً "ان سبق له ان ناقش هذا الامر مع الحريري خلال الاستشارات النيابية، واكدت له حقنا في ان نتمثّل في الحكومة المقبلة التي ينبغي أن يشارك فيها الجميع، حتى تستطيع أن تؤدّي بنجاح دورها الإنقاذي".

ويتعاطى ميقاتي بشيءٍ من البرودة مع تجمّع النواب السنّة الموجودين خارج "المستقبل"، موضحاً انه لم يُدع اصلاً الى اللقاء الذي عقدوه، ولم اكن على علم مسبق بهذا اللقاء الذي عرفت به من وسائل الإعلام"، ومشيراً الى أنه حتى "لو وُجّهت إلي الدعوة لحضوره فإنني كنت سأعتذر عن تلبيتها لأنني أفضل المحافظة على خصوصيّتي وعدم استقطابي في هذا الاتّجاه أو ذاك".

ويلفت ميقاتي الى "ان كلاً من هؤلاء النواب ينتمي اصلاً الى كتلة سياسية أخرى، لكنهم جمعوا انفسَهم فجأة، وبالتالي لا أعرف ما إذا كان يجب تمثيلهم في الحكومة كحالة سنّية قائمة بحد ذاتها، إنما الأكيد أنه ينبغي أن تتم مراعاة الحيثية الشعبية والسياسية للنواب السنّة العشرة المستقلّين عن "تيار المستقبل".

عماد مرمل-الجمهورية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o