Jan 05, 2023 7:33 PM
دوليات

العالم ودّع البابا بنديكتوس السادس عشر: أكثر من نصف مليون نسمة حضروا جنازته والف مراسل غطوا الحدث

 أكثر من نصف مليون نسمة حضروا الى ساحة القديس بطرس في الفاتيكان للمشاركة في مراسم دفن البابا بنديكتوس السادس عشر التي ترأسها البابا فرنسيس، في حضور عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات، ومن ابرزهم ملك بلجيكا فيليب، ملكة اسبانيا السابقة صوفيا ورؤساء إيطاليا وبولندا وتوغو، وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ، المستشار الألماني أولاف شولتس.
غطى هذا الحدث الكبير اكثر من الف مراسل جاؤوا من مختلف انحاء العالم، واحتلت مراسم الجنازة منذ الصباح الشاشات المرئية الإيطالية والأوروبية.كما تمّت تعبئة ألف شرطيّ وعدد كبير من المتطوّعين من الدفاع المدني الإيطالي.
وبحسب معطيات الكرسي الرسولي استطاع نحو 250 الف شخص ، بعد 3 او 5 ساعات، من الدخول الى بازيليك القديس بطرس حيث سجي الجثمان.

بدأت المراسم عند الساعة التاسعة والنصف صباحا، ووفقًا للتقليد، احتوى نعش البابا بنديكتوس المصنوع من خشب شجر السرو، على نقود معدنية وميداليات صكّت خلال فترة حبريّته، ولباسه الكهنوتي فضلًا عن نصّ يصف بشكل مقتضب حبريّته وضع في أسطوانة معدنية.

وكتبت جريدة  لا ريبوبليكا صباح اليوم: " يشكل هذا الحدث سابقة في التاريخ المعاصر للكنيسة الكاثوليكية. ففي عام 1802، ترأس البابا بيوس السابع مراسم جنازة بيوس السادس الذي توفي في المنفي في فرنسا قبل ثلاثة أعوام، لكن الأخير لم يكن قد تنحى"

أما معظم الصحف الإيطالية الأخرى، فقد تطرقت الى الفترات والتحديات التي اتسمت بها حبريّته خاصة أزمات عدة على غرار فضيحة "فاتيليكس" عام 2012 التي كشفت عن شبكة فساد واسعة النطاق.

في السياق، أجرى موقع" فاتيكان نيوز "الإلكتروني مقابلة مع السكرتير الشخصي للبابا الراحل ومدبر البيت البابوي رئيس الأساقفة غيورغ غانزفاين الذي تذكّر بتأثر شديد الساعات الأخيرة من حياة البابا راتسينغر الذي عاونه منذ أن كان كاردينالا، مشيرا إلى أنه يشعر بالألم من الناحية الإنسانية، بيد أنه مرتاح روحياً لأنه واثق بأن البابا بنديكوتس هو موجود اليوم حيث أراد أن يكون". لافتا الى  أن أحد الممرضين الذين كانوا يهتمون به سمعه يقول في الليلة السابقة لوفاته ، "يا رب إني أحبك".

وودّع العالم البابا الراحل بيندكتوس السادس عشر بجنازة روحية رسمية وشعبية في حاضرة الفاتيكان، ترأسها البابا فرنسيس. وشارك في القداس نحو 75 ألف شخص، بحماية نحو ألف عنصر شرطة. وبعد القداس ودّع المشاركون البابا الراحل بالتصفيق.

وسيدفن البابا مع عدد من أغراضه الشخصية، منها وشاحه الكهنوتي، وهو مصنوع من الصوف، ويرمز إلى منصب الراعي. كذلك ستدفن معه بعض العملات النقدية والشعارات التي طبعت خلال حبريته، إلى جانب نص يختصر المحطات الرئيسية لجلوسه على الكرسي الرسولي، ملفوف في أسطوانة معدنية.

وبخلاف العادة، لم تقرع أجراس كاتدرائية القديس بطرس حزناً عند إعلان وفاة بنديكتوس السادس عشر، بحسب موقع الفاتيكان، وذلك ما لا يحدث إلا عند وفاة البابا الذي لا يزال في منصبه.

وكان قداسة البابا قد اوصى ان تكون جنازته متواضعة وفقا لما قاله رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الاب عبدو كسم لصوت لبنان لافتا الى ان "البابا سيدفن تحت مذبح بازيليك القديس بطرس في مدافن البابوات"، كما أوضح أنّ "البابا كان متشددا على ذاته وعلى الذين عملوا معه، ولهذا السبب كان يقولون عنه بأنه غير متسامح"، معتبرًا أنّ "السنين التي خدم فيها الكنيسة خدمها بأمانة وتواضع، وهو فاجأ الجميع باستقالته التي تعود الى المشاكل الموجودة أو إلى الصحية".

سيرة حياته: وكان  البابا السابق بنديكتوس السادس عشر قد توفي في مقر إقامته في الفاتيكان عن 95 عاماً صباح اليوم حسب بيان اصدره الفاتيكان.

جاء انتخاب البابا بنديكتوس السادس عشر، رغم أنه كان متوقعا على نطاق واسع، في شهر إبريل/نيسان 2005تكليلا لمسيرة صعود سريعة ومثيرة للجدل الى حد بعيد لجوزيف راتزينغر.

كان أنصار بنديكتوس، البابا رقم 265 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، يصورونه باعتباره رجلاً مثقفاً بذل جهودا مضنية للمحافظة على الإرث الروحي الذي أورثه إياه البابا يوحنا بولص الثاني.

ولكن بالنسبة لخصومه كان بنديكتوس الداعية الاكبر والحارس الامين لمواقف الكنيسة المتشددة ازاء مواضيع شتى كالاجهاض ومنع الحمل.

والغضب الذي كان يثيره احيانا بدا متوقعاً بالنسبة لشخص لم يكن يخشى أبدا من احتمال ازعاج الناس اذا كان يعتقد انه ينبغي قول أو عمل أمر ما.

كان راتزينغر يبلغ من العمر 78 عاما عند اعتلائه عرش القديس بطرس، ولذا تظافر العمر والمرض على تقصير فترة ولايته. ففي عام 2013، اعلن نيته التنحي، ليصبح أول بابا يتخلى عن المنصب اختياريا منذ أكثر 600 سنة.

ولد جوزيف الويسيوس راتزينغر في اسرة كاثوليكية محافظة في الـ 16 من نيسان / ابريل 1927 في ولاية بافاريا الالمانية الجنوبية. وكان والده ضابط شرطة لديه ما وصفه ابنه لاحقا بـ "جذور ريفية بسيطة".

امتزجت فترة شبابه بالحرب العالمية الثانية إل حد بعيد، إذ أجبر على الانضمام الى تنظيمات شبيبة هتلر، وخدم في وحدة مدفعية مضادة للطائرات كانت تتولى حماية مصنع لشركة بي ام دبليو خارج ميونيخ.

وفي وقت لاحق، شارك في حفر خنادق مضادة للدروع قبل أن يفر من الخدمة العسكرية ويستسلم للحلفاء في اواخر الحرب. قال راتزينغر عن تلك الفترة "خلال ثلاثة أيام من المسير، سرنا في طريق خالية في طابور اصبح تدريجيا بلا نهاية. كان الجنود الامريكيون - الشباب منهم على وجه التحديد - يلتقطون صورا لنا ليأخذونها معهم عندما يعودون الى وطنهم تذكارا لجيش مكسور وجنوده البؤساء".

درس راتزينغر اللاهوت في جامعة ميونيخ من عام 1946 الى عام 1951، وفي حزيران/ يونيو 1951، رُسِم هو وشقيقه جورج كاهنين.

وبعد اكماله شهادة الدكتوراه في اللاهوت، اصبح الأب راتزينغر استاذا جامعيا يدرس مادتي العقيدة واللاهوت الاساسي في عدد من الجامعات منها جامعات فرايسينغ وبون ومونستر.

وكان راتزينغر آنذاك من اقوى مؤيدي البرنامج الاصلاحي الليبرالي الذي كان يدير المجمع الفاتيكاني الثاني.

صفاته: كان البابا بنديكتوس السادس عشر اصلاحيا في بداية حياته
 
ولكن صحته كانت تتدهور منذ قبل انتخابه، وجاءت مسؤوليات المنصب البابوي لتضيف الى ذلك. وكشف لاحقا بأن جهازا لتنظيم نبض القلب زرع له في عام 2005.
 
أصبح اول بابا يتخلى عن منصبه منذ البابا غريغوريوس الثاني عشر في عام 1215.
 
وفي الحادي عشر من شهر شباط /فبراير 2013، أحاط البابا كرادلته علما بأنه ينوي ترك منصبه بسبب تقدمه في السن وتدهور صحته.
 
كان البابا بنديكتوس السادس عشر يؤمن، حاله في ذلك حال استاذه وقدوته البابا يوحنا بولص الثاني، بوجود بديل مسيحي كامل للفلسفات الانسانية التي ظهرت في القرن العشرين كالماركسية والمادية والليبرالية.
 
ويمكن تلخيص ايمانه بحتمية انتصار المسيحية وسيادتها في قوله إن المسيحية "لابد أن تنهض من جديد مثلها مثل بذور الخردل، على شكل جماعات صغيرة يعيش افرادها في حرب مكثفة مع كل مصادر الشر في العالم بينما يظهرون ما هو خيّر".
 
كان البابا بنديكتوس رجلا مثقفا لطيفاً دمث الاخلاق، وكان يجيد العزف على آلة البيانو ويتذوق موسيقى موزارت وبرامز بشكل خاص، كما كان يجيد التحدث بـ 8 لغات منها الالمانية والانجليزية والفرنسية والايطالية والبرتغالية والاسبانية.
 
كان الجزء الاكبر من إرث البابا بنديكتوس قد دخل حيز التطبيق فعلا حتى قبل بدء ولايته القصيرة نسبيا. فقد وضع هو وسلفه البابا يوحنا بولص الثاني الكنيسة الكاثوليكية في طريق ستواصل سلوكه لعدة سنوات مقبلة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o