البشر ثمانية مليارات... والأرض تنوء تحتهم
من هو الشخص الذي سيمثل رمزياً بلوغ عدد سكان الأرض ثمانية بلايين نسمة؟
قد نحصل على الجواب في 15 تشرين الثاني الجاري، اليوم الذي يصل فيه العالم الى هذا الرقم وفق تقارير التوقعات السكانية الصادرة عن الأمم المتحدة.
لم يستغرق الأمر سوى أحد عشر عاماً لحشد الكوكب بهذا المليار الإضافي؛ في 31 أكتوبر 2011 اختيرت الطفلة الفلبينية دانيكا لتمثل رمزيا بلوغ العالم سبعة مليارات نسمة.
أبعد من رمزيتها، تشهد هذه العملية الحسابية، على التحديات الكبيرة التي يطرحها النمو السكاني، واعداد البشر التي سيكون الكوكب قادرًا على «تحملهم».
وبعيدًا عن هواجس «القنبلة الديموغرافية» العصية على السيطرة، والتي أشير إليها في الستينيات، أصبح مقبولا اليوم القول ان النمو البشري لن يكون أبديا. يتركز النقاش حالياً على تاريخ وذروة هذه الموجة السكانية. في الأشهر الأخيرة، أثارت الدراسات شبح انهيار البشرية في أفق نهاية القرن، وأعادت طرح اسئلة من قبيل: إلى أي مدى ستنمو البشرية؟ وهو ما ينبئ بنقاش مقبل في القرن القادم: إلى أي مدى سينخفض عدد السكان؟
تشير أحدث توقعات الأمم المتحدة إلى أن عدد سكان العالم سيصل إلى ذروته عند حوالى 10.4 مليارات شخص خلال عام 2080. وأن يظل العدد عند هذا المستوى حتى عام 2100.
مراعاة مستوى التعليم: أتم العالم ملياره الأول في 1803، ثم تسارعت الوتيرة لترتفع إلى 2 مليار في عام 1927، ثم 4 مليارات في 1974، لتبلغ 8 مليارات في 2022. وبلغ معدل النمو العالمي ذروته 2.2 % في عام 1963، ثم بدأ بالانخفاض ليصل الى 1 % في 2022. حتما، سيستمر عدد السكان في الزيادة، وانما بمعدل أبطأ منذ ستين عامًا.
يوجز جيل بيسون مستشار المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية «إن تضخم النمو السكاني أصبح وراءنا.
المستقبل المعلن من خلال هذه التوقعات هو بقايا نمو».
في السنوات الأخيرة، تحدت معاهد أخرى توقعات الأمم المتحدة. في فيينا، اشار تقرير المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية الى أن عدد البشر سيكون 9.8 مليارات على الأكثر في الفترة الممتدة من 2070 إلى 2080.
وفي الولايات المتحدة، توقع فريق من معهد الإحصاء والتقييم الصحي في دراسة نُشرت في دورية ذا لانست في عام 2020، ان يصل العالم الى الذروة في وقت أبكر قليلاً، في عام 2064، مع 9.73 مليارات شخص، ليعاود الانخفاض إلى 8.79 مليارات في عام 2100.
يستخدم الباحثون متغيرًا مختلفًا، يأخذ في الاعتبار عدد الأطفال الذين ستنجبهم كل امرأة بحلول الخمسين، وهو مؤشر يعتبرونه أكثر استقراراً من معدل الخصوبة الإجمالي، أي نسبة عدد المواليد الأحياء في العام إلى إجمالي الإناث في سن الإنجاب.
انخفاض معدل الخصوبة في 2100: يتبلور السجال حول مسألة الخصوبة هذه على وجه التحديد.
وفقًا لخبراء ديموغرافيين في الأمم المتحدة، سيتراجع معدل الخصوبة من من 2.3 طفل لكل امرأة في العالم اليوم إلى 2.1 في 2050. وسيستمر هذا المعدل في الانخفاض حتى 2100 ليستقر عند 1.8.
صحيح ان مقاربات الأمم المتحدة والمعهد الدولي في فيينا، ومعهد الاحصاء والتقييم الصحي الأميركي تباينت في توقع تاريخ الذروة، لكنها أفضت بشكل أو بآخر إلى الرقم نفسه. حوالي 10 مليارات فرد بحلول عام 2100.
والسؤال الذي يطرح هنا: هل سيكون تحمل 10 مليارات شخص أكثر صعوبة على كوكب الأرض من 8 مليارات؟ ليست المسألة ديموغرافية بقدر ما هي مسألة نمط حياة.
يقول عالم السكان الفرنسي هنري لوريدون: «نحن في منطقة لم يتم استكشافها من قبل، حيث تقع معظم البلدان تحت عتبة تجديد الجيل. لا تزال هناك العديد من الشكوك حول المستقبل، مثل مستوى الخصوبة في الصين الذي انخفض منذ بضع سنوات، ولكن يمكن أن يستقر حول 1.7 وفقًا للأمم المتحدة.
الطعام واستقلالية المرأة: ومع التسليم بتعداد عشرة مليارات إنسان بحلول عام 2050 ما لم تحدث كوارث كبيرة مثل الحرب النووية أو وباء مميت للغاية، «فمن الأفضل، في الوقت الحالي، التركيز على وسائل إطعام 9 مليارات بشكل كافٍ وتجنب الاحتباس الحراري» بحسب هنري لوريدون. من دون ان ننسى ان استقلالية المرأة وتعليمها وإمكانية وصولها إلى وسائل منع الحمل هي التي ستتيح لكل امرأة أن تنجب العدد الذي تريده من الأطفال.
في العديد من البلدان، من شأن ذلك أن يساعد في إبطاء النمو السكاني؛ في حالات أخرى، قد يوقف التباطؤ الديموغرافي. لكن على العالم أن يتهيأ لرؤية المزيد من الشعر الابيض بحلول عام 2050، حيث من المتوقع أن يكون عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق في جميع أنحاء العالم أكثر من ضعف عدد الأطفال دون سن الخامسة.