Oct 28, 2022 6:02 AM
صحف

العهد أتمّ واجباته مع "حزب الله": "الطبع غلب التطبيع"!

في شكل إبرام اتفاقية الترسيم الحدودي البحري بين لبنان وإٍسرائيل أمس، ظهر طرفا الاتفاقية على طرفي نقيض في كيفية تظهيرها وتوثيقها رسمياً، فبينما كان الجانب الإسرائيلي متصالحاً مع نفسه وشعبه في اتباع الأصول المتبعة والمتعارف عليها دولياً في إقرار الاتفاقيات الحدودية بحيث اجتمعت الحكومة الإسرائيلية وصادقت بكامل هيئتها على اتفاق الحدود البحرية مع الدولة اللبنانية، وسط مجاهرة رئيسها يائير لابيد بأنّ "لبنان اعترف بدولة إسرائيل" بموجب هذا الاتفاق، وتأكيد المتحدث باسم الحكومة أنّ اتفاقية الترسيم البحري المبرمة مع لبنان "ستجعل إسرائيل من أكبر الدول المصدّرة للغاز"، طغت على الضفة اللبنانية المقابلة ملامح الإرباك والارتباك والخجل على أداء السلطة في مشهدية بدت أقرب إلى "التهريبة الوطنية" من "الإنجاز الوطني".

فمن الضياع الجلي الذي واكب التحضيرات الرسمية لعملية إخراج صيغة وصورة التوقيع اللبناني على الاتفاقية الحدودية حتى لحظة وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مساء الأربعاء، مروراً باستمرار "قطبة" الوفد اللبناني إلى الناقورة "مخفية" في أروقة القصر الجمهوري حتى صباح الخميس، وصولاً إلى تخريجة تولي رئيس الجمهورية ميشال عون نفسه التوقيع على نص المذكرة الأميركية وتوقيع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب على الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة تأكيداً على موافقة لبنان الرسمية على إحداثيات الاتفاقية الحدودية البحرية المبرمة مع إسرائيل، كان مخاض الترسيم "عسير الهضم" على اللبنانيين تحت وطأة ما تضمنه الضخّ الرئاسي والسياسي والإعلامي العوني والممانع من استغباء فاقع للعقول ومحاولات فاشلة لغسل الأدمغة والتعمية على حقيقة إبرام اتفاق حدودي لبناني مع إٍسرائيل بكامل إرادة "حزب الله" الذي يعلم القاصي والداني في لبنان وخارجه أنه كان له اليد العليا في إدارة عملية التفاوض الحدودي بقفازات العهد العوني، فكان له ما أراد وأنجز العهد مهمته بنجاح وأتمّ بذلك آخر واجباته تجاه "الحزب" بأن أوصله إلى برّ الأمان الحدودي على الجبهة الجنوبية مع إٍسرائيل قبل انتهاء الولاية الرئاسية... وعلى قاعدة "الطبع غلب التطبيع" أخذ عون بصدره وقلمه مسؤولية توقيع "التطبيع المبطّن" مع إسرائيل بالأصالة عن الرئاسة الأولى وبالنيابة عن "حزب الله".

ورغم كل الوقائع الحسية والملموسة على مرّ مراحل التفاوض مع إسرائيل عبر الوسيط الأميركي والتي بيّنت بما لا يقبل الشكّ أنّ نصّ الاتفاقية الحدودية يؤكد أنّها أبرمت بين "دولة لبنان ودولة إسرائيل"، وعلى الرغم من تشبيه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب "اتفاقية هوكشتاين" بـ"اتفاقية ابراهام" للسلام والتطبيع مع إٍسرائيل، وتأكيد بو صعب نفسه في وقت سابق على أنّ اتفاقية الترسيم تشمل "ترتيبات أمنية" على الحدود الجنوبية مع إٍسرائيل، فضلاً عن تأكيدات الوسيط الأميركي مراراً وتكراراً على أنّ هذه الاتفاقية تؤمّن أمن إسرائيل على الحدود الشمالية مع لبنان، سعى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في إطلالة متلفزة أمس إلى إقناع جمهوره بعدم وجود أي اتفاق بين لبنان وإٍسرائيل حول الحدود البحرية نافياً من جهة أي اعتراف لبناني بإسرائيل أو أي تطبيع معها، قبل أن يوقع نفسه في فخ التناقض في المواقف بين نفيه في ختام حديثه إعطاء "ضمانات أمنية" لإسرائيل وبين إعلانه في مستهل حديثه عن انتهاء "مهمة المقاومة" بعد توقيع الرسائل والوثائق الخاصة باتفاقية الترسيم البحري مع إٍسرائيل، قائلاً: "فيما يتعلق بالمقاومة تكون المهمة قد انتهت، بناءً عليه كل التدابير ‏والاجراءات والاستنفارات الاستثنائية والخاصة التي قامت بها المقاومة منذ عدة أشهر أعلن الآن أنها قد ‏انتهت"، وهو ما أكدت أوساط مواكبة لمفاوضات الترسيم أنه كان "موقفاً مطلوباً" من نصرالله إعلانه بالتوازي مع انعقاد اجتماع الناقورة لإنهاء مراسم إبرام اتفاقية الترسيم، بحسب "نداء الوطن".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o