Sep 15, 2022 6:36 AM
صحف

موازنة "الأمر الواقع" محاصرة.. وغياب "لبنان القوي" عن الجلسة: مجموعة رسائل من باسيل

وسط تراكم الأزمات والارتفاع الجنوني للدولار وانعكاسه السلبي على معيشة اللبنانيين، وتجاهل المسؤولين لما يجري وانشغالهم في أمور لا علاقة لها بما يحصل على أرض الواقع، لم تنعقد بالامس الجلسة النيابية المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة والتصويت عليها لعدم اكتمال النصاب وحضور 60 نائباً فقط، وذلك بعد غياب الكتل المسيحية "الجمهورية القوية"، "لبنان القوي"، الكتائب وبعض المستقلين.

مصادر سياسية توقفت عند غياب تكتل لبنان القوي عن الجلسة التي كانت مخصصة لتلاوة رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان العضو في التكتل وأمين سرّه للتعديلات والملاحظات التي أضيفت على مشروع الموازنة، مشيرة عبر "الانباء" الالكترونية الى أن غياب نواب التكتل لا علاقة له بمناسبة ذكرى بشير الجميل لا من قريب ولا من بعيد، وأن هناك فتوراً في العلاقات بينهم وبين القوات والكتائب المعنيين بالاحتفال الذي أقيم في ساحة ساسين لهذه المناسبة، لكن رئيس التكتل النائب جبران باسيل أراد من خلال هذا الغياب توجيه مجموعة رسائل.

الرسالة الاولى، بحسب المصادر، باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتهمه بالتنسيق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لمنع تشكيل حكومة جديدة يكون لباسيل حصة وازنة فيها.

الثانية باتجاه القوات والكتائب للايحاء بأن ذكرى بشير الجميل تعنيهم أيضاً، والثالثة باتجاه النائب كنعان الذي يشهد فتوراً في العلاقة معه وكذلك مع نائب رئيس المجلس الياس بوصعب.

عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه أكد في اتصال مع جريدة "الانباء" الالكترونية حتمية انعقاد جلسة الموازنة اليوم الخميس وغداً الجمعة، وأن عدم انعقاد الجلسة بالأمس مردّه الى عدم اكتمال النصاب واقتصار الحضور على 60 نائباً فقط، كاشفاً أن الرئيس بري كان ينوي رفع الجلسة في فترة بعد الظهر في حال انعقادها إكراماً لذكرى بشير الجميل، واصفاً غياب تكتل لبنان القوي عن الجلسة بأنه نوع من انتقال العدوى، وخاصة بأننا لم نسمع من أحد أنه كان ينوي مقاطعة الجلسة.

وحول إمكانية اقرار الموازنة اليوم وغداً، راى خواجه أن الأمر مرهون بعدد طالبي الكلام، فالرئيس بري قد يتمنى عليهم عدم الإطالة في المداخلات، مضيفا "صحيح أن الموازنة لا تلبّي للطموحات خاصة وأنها أتت متأخرة وفي الربع الأخير من السنة ولم يسبقها قطع حساب ولقد تغيّرت أكثر من مرة،  فضلا عن أنها غير إصلاحية ولم تأت من ضمن خطة اصلاحية، ولكن لو خيّرونا بين هكذا موازنة أو الدخول في الفوضى، تبقى الموازنة أفضل فهي تؤسس لموازنة حقيقية إصلاحية ودستورية للعام 2023 تكون أرقامها أكثر ثباتاً تؤسس لموازنة العام الجديد بدل الصرف على الخطة الإثني عشرية.

بدورها، أشارت "نداء الوطن" الى ان عملياً، خسر رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجولة الأولى على حلبة الموازنة العامة فاضطر تحت وطأة تدحرج كرة الاعتراضات والمقاطعة لجلسة الأمس التشريعية التي بقي حتى اللحظة الأخيرة مُصراً على انعقادها إلى التراجع مكرهاً خطوة إلى الوراء بفعل فقدانها النصاب بعدما لم يتجاوز عدد النواب الذين وصلوا إلى ساحة النجمة 58 نائباً، على أن تتكرر المواجهة النيابية اليوم بين داعمي تمرير موازنة "الأمر الواقع" وفي طليعتهم بري، ومعارضيها الرافضين للمشروع المطروح بصيغته العقيمة المفتقرة إلى "ألف باء" الخطة الإصلاحية والانقاذية المطلوبة، وفي مقدمتهم التكتلات والكتل المسيحية والتغييرية وعدد من النواب المستقلين، ما جعل الموازنة محاصرة في المجلس ومصيرها على المحك.

من جهة أخرى، وصف عضو كتلة «الكتائب» النائب إلياس حنكش، الموازنة بـ«الوهمية؛ كما كل الموازنات السابقة التي صوتنا ضدها وطعنَّا بها أمام المجلس الدستوري»، مستهجناً صدورها متأخرة 9 أشهر، وتضمنها أكثر من سعر صرف، مضيفاً في حديث لـ"الشرق الاوسط": «هي مجرد صف أرقام بطريقة عشوائية، لا تتضمن أي بنود إصلاحية ولا حسابات جدية للعجز. صحيح أن الموازنة مطلب من قبل صندوق النقد؛ لكن ليست أي موازنة، وبخاصة كالتي نحن بصددها اليوم».

كما وصف مصدر وزاري موازنة 2022 بـ«الاستثنائية والطارئة» لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «ليست مثالاً يحتذى، ولا تحمل رؤية اقتصادية للخروج من الأزمة؛ لكن مهمتها الأساسية تكمن بإدخال إيرادات للخزينة كي لا تتداعى الدولة ومؤسساتها بالكامل، لذلك نحن مضطرون للسير بها».

ورأى البروفسور مارون خاطر، الباحث في الشؤون الماليّة والاقتصاديّة، في تصريح للصحيفة عينها، أنه «إذا كانت هذه الموازنة هي لتنظيم الصرف فقد سقط هذا الهدف بفعل مرور الزمن، باعتبارها أتت متأخرة شهوراً عديدة، أما إذا كان هدفها رسم سياسات مالية للبلد فقد سقط أيضاً؛ لأنها تخلو من أي سياسات مالية، وهي تندرج حصراً في إطار «الانصياع الشكلي» لما طلبه صندوق النقد الدولي من إصلاحات، علماً بأن الموازنة في نهاية المطاف واجب، وليست إصلاحاً».

إلى ذاك، قالت مصادر نيابية لـ«الجمهورية» ان تمرير الموازنة بالشكل المطروح فيه على المجلس النيابي مستحيل، حيث انه يشكل جريمة بحق اللبنانيين بصورة عامة، والموظفين في مختلف القطاعات بصورة خاصة، ولنكن صريحين الدولة مفلسة تحتاج الى ايرادات، والشعب مفلس يحتاج الى تقديمات، والموازنة كما هي مقدمة استسهَلت سلوك طريق وحيد لتحقيق الايرادات، وذلك عبر اللجوء الى جيوب الناس وإرهاقهم بالأعباء.

ورداً على سؤال قالت المصادر: «بالتأكيد وجود موازنة افضل بكثير من عدمه، فعلى الاقل يصبح لدينا انتظام مالي، ويتوقف الصرف العشوائي على القاعدة الاثني عشرية، ولكن هذه الموازنة لا تفي بالغرض ولا تلبّي طموحات اللبنانيين، وبالتالي نحن امام معضلة كبيرة، ولا يمكن ان نبصم على ورقة نعي للبنانيين. والكرة في ملعب الحكومة لتفتش عن مصادر اخرى لتمويل موازنتها وسد عجزها».

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o