Sep 08, 2022 4:58 PM
خاص

مجلس القضاء يطلق رصاصة الرحمة على نفسه !...لماذا وافق على "القاضي الثاني؟"

جوانا فرحات

المركزية – إنتظروها من الجميع...السلطة السياسية، من إصبع مرفوع في وجه الدولة وكيانها ومؤسساتها وسيادتها، من قضاة يأتمرون بمطرقة مرجعياتهم السياسية ، فجاءت رصاصة الرحمة من مجلس القضاء الأعلى. قد يكون الأخير أطلق الرصاصة على نفسه بالموافقة على طلب وزير العدل بتعيين محقق عدلي ثانٍ في ملف جريمة تفجير المرفأ علما أنه كان يعلم أن الطلب لا يمت إلى أي سند قانوني بصلة، مع ذلك وافق على القرار  تحت حجة "مبررات إنسانية". لكن متى تحول القضاء وقسم اليمين إلى جمعية خيرية تنظر بالقضايا الإنسانية ؟

القرار ليس صدفة ولا وليد " يقظة مشاعر إنسانية" ومن يعود في الذاكرة الى محطات "العرقلة" التي سجلت حتى اليوم يكتشف أن "المعرقلين" معروفون وأوراقهم مكشوفة بحسب القاضي شكري صادر والدليل أنه عندما "وصلوا إلى محاسبة من يعتبر نفسه فوق كل القوانين والدساتير تحركت كل الجهات السياسية إعتراضا ونجحت في "تطيير" المحقق العدلي القاضي فادي صوان".  ويقول لـ"المركزية" "، "على رغم الحنكة والإحترافية التي اعتمدها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في التعاطي مع ملف جريمة تفجير المرفأ وذلك حفاظاً على جدية وسرية التحقيق إلا أنه لم يسلم من "شيطنة" المعرقلين لا سيما في اللحظة التي قرر فيها اعتماد خارطة القاضي السلف في التحقيق". وابتدأ المشوار الذي رسم معرقلو التحقيق نهاياته...إقفال الملف وطمس الحقيقة!.

أن يُسأل عاقل عن المرجعية التي تشرف على مرفأ بيروت فالجواب بحكم القانون سيكون وزارة الأشغال كونه من المرافق التابعة لها. لكن مجرد طلب القاضي البيطار الإستماع إلى وزير الأشغال آنذاك ورئيس الحكومة السابق حسان دياب الذي كان من المفترض أن يزور المرفأ للتحقق من المعلومات التي وصلته حول وجود مادة نيترات الأمونيوم في العنبر 12 إلا أنه ألغى الزيارة في اللحظة الأخيرة بناء على اتصال "سحري" وصله ليلا وطلب منه "المتكلم"أن ينسى فكرة زيارة المرفأ، وكذلك وزير المالية علي حسن خليل قامت الدنيا ولم تقعد علماً أنهم كانوا يعلمون! ولعلمكم فإن طلب الإستماع كان للتأكد من مدى صحة أنهم كانوا على علم بمادة نيترات الأمونيوم ومدى خطورتها.  

درب الأشواك التي وُضِعت في وجه القاضي بيطار لم تقتصر على الإجتهادات القانونية وعدم مثول النواب والوزراء إنما وصلت إلى درجة رفع الإصبع في وجهه وتوجيه رسائل تهديد مباشرة إلى مكتبه في العدلية تمثلت ب"اقتحام" مسؤول الإرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا قصر العدل في أيلول 2021 وأخيرا محاولات إسقاطه في الشارع، علما أن المشتبه بهم يؤمنون نوعا من التوازن الطائفي فهناك ماروني واحد وشيعي واحد وسنيان.

ويومها طرحت أسئلة عديدة حول كيفية وصول صفا إلى قصر العدل والكل يعلم انه ليس مصرح لأيٍّ كان بالدخول، إلا أن الزيارة "الخاطفة التي قام بها صفا إلى مكتب البيطار أكدت المؤكّد ومفاده أن "حزب الله كان يحضر لمرحلة جديدة في ملف إنفجار المرفأ، وقد انتقل الى المرحلة الثانية وهي الخروج الى الملأ والقول لكل اللبنانيين "الأمر لي"، وأنا قادر على التحكم برؤساء الحكومات وقادر على تهديد القضاة من داخل قصر العدل ايضًا".

"بعد عام ونصف العام على محاولات تعطيل البيطار عن طريق الإساءة باستعمال حق التقاضي بفعل تصرف المشتبه بهم الذي لا يميزهم عن الجهة التي تؤمن لهم الحماية والغطاء السياسي نجح المعرقلون في خرق الجماعة التي تطالب بحقيقة المرفأ. أكثر من ذلك تحرك مجلس القضاء الأعلى بعد شلل دام حوالى السنة والنصف للسير بالتحقيق وطالب بالتشكيلات القضائية وتعيين الهيئة الناظمة لتأمين النصاب فجاءت العرقلة من باب التوازن الطائفي داخل غرف النيابة العامة علما أن الأمور تسير على هذا النحو منذ 45 عاما ".

وفي السياق يسأل القاضي صادر:" بأي حق يتدخل وزير المال في المرسوم علما أن وظيفته محصورة بتقييم الميزانية المقررة للتشكيلات القضائية . مع ذلك جمد المرسوم وكفت يد البيطار في ظل غياب هيئة عامة في محكمة التمييز مكتملة النصاب".لاوصولا إلى الإختراع العجيب الذي تمثل بطلب وزير العدل تعيين قاض ثان للنظر في الأسباب الإنسانية للموقوفين في ملف تفجير المرفأ علما أن تعطيل عمل البيطار يعود إلى السلطة السياسية . وتوضيحا، يقول صادر"أن القانون الذي يتحدث عن القضايا المحالة إلى المجلس العدلي لا تسمح بوجود قاضيي تحقيق في نفس الملف مما يؤكد أن تعيين قاض ثان لأسباب إنسانية تزحيطة لمجلس القضاء وكان من الأجدى أن يرفض طلب وزير العدل بحجة أنه غير قانوني وإن حاول استمالته بالشق الإنساني .لكن يبدو أن مجلس القضاء الأعلى نسي أو تناسى أن مهامه محصورة بالأمور القانونية وهو ليس جمعية الأم تيريزا، وعليه كان يفترض أن يضرب بيد من حديد ويواجه السلطة السياسية بأنها وراء عرقلة عمل البيطار ويطالب بالتشكيلات القضائية  وإلا يكون قد أطلق رصاصة الرحمة على نفسه ويختم صادر مؤكدا أنه منذ اللحظة التي تسلم فيها القضاء اللبناني التحقيق في ملف تفجير المرفأ طار التحقيق وختم الملف "وإذا أردتم معرفة حقيقة من خزن نيترات الأمونيوم وفجر المرفأ يجب إحالة ملف الجريمة على لجنة تحقيق دولية مستقلة".    

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o