Sep 02, 2022 5:38 PM
خاص

عرقنة لبنان بعد لبننة العراق... نعم يجب أن نخاف !

جوانا فرحات

المركزية – من لبننة العراق إلى عرقنة لبنان...ليست مسألة لعب على الكلام ولا مفارقة سياسية إنما مقاربة بتنا أقرب إليها من أي وقت مضى، والسبب أن المجموعة السياسية التي تتحكم بالحياة السياسية والوطنية في العراق والتي عطلت منذ 11 شهرا نتائج الإنتخابات ومنعت مقتدى الصدر من تشكيل حكومة اكثرية هي نفسها المجموعة التي تحكم الواقع في لبنان.

فهل يجب أن نخاف من عرقنة لبنان أم ننسى الموضوع ونتطلع إلى ما سيكون عليه الإستحقاق الدستوري؟ يقول مصدر سياسي في المعارضة أن " في العراق ثمة من يريد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وهناك من يعتقد أن إعادة إنتاج نوري المالكي مجددا باعتباره ذراع ممثل إيران في العراق وراعي مصالحها، أمر ممكن بعد كل ما حصل من تظاهرات على الأرض واغتيال قاسم سليماني وتشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، وأيضا  بعد الانفتاح العراقي على العرب.  حصل كل هذا ولا تزال هناك فئة وازنة تقول بأن إمكانية  إطاحة هذه المنجزات واعادة فرض نوري المالكي بعد أن لفظه الشعب واردة. وهذه المجموعة السياسية تحاول فرض النائب جبران باسيل كامتداد للرئيس  ميشال عون أو من يرضى عنه باسيل بالإتفاق مع حزب الله على تسميته".  

المشهد العراقي في مكان ما هو مشهد لبناني. لكن قبل الكلام عن عرقنة لبنان لا بد من التطرق إلى مشهدية لبننة العراق والذي بدأ غداة سقوط نظام صدام حسين عام 2003 يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي أمين ناصر لـ"المركزية" "ففي حين كانت أمنية الشعب العراقي الذهاب إلى دولة مؤسسات وإجراء عملية تبادل سلمي للسلطة وإخراج المحتل بطريقة دستورية، إذا بواقع لبننة العراق يفرض نفسه سواء من ناحية تقسيم الرئاسات بحسب الأعراف بعدما كان نظاما شموليا. وبات هناك رئيس كردي ورئيس مجلس النواب شيعي ورئيس الحكومة سني" .

"لقد أصبنا بعدوى اللبننة ضربة واحدة" قالها ناصر لينتقل بعدها إلى المشهد الثاني الذي يجسد لبننة العراق لجهة تقاسم السلطات على الأحزاب والوزارات والسفارات والقضاء والجيش بحسب الطوائف والمذاهب، "فتحول العراق إلى حصص كما في لبنان. وللمرة الأولى يتم تقسيم المحافظات على أسس عرقية ومذهبية" .

ما وحد العراقيين  الحرب على داعش والكلام لناصر وذلك بعدما خرج شيعة جنوب العراق من بيوتهم وانتقلوا إلى المناطق السنية في الموصل لتحريرها فاختلطت دماء المسيحي بالسني والشيعي .إلا أن مسألة وجود السلاح في يد الفصائل والأحزاب والتيارات، والذي كان يفترض أن يستخدم في المناطق التي فيها بؤر لخلايا داعش بإشراف قائد القوات المسلحة أي رئيس الوزراء تحول إلى الداخل وبات يهدد السلم الأهلي.

نبكي على واقعنا المتمثل في المشهد العراقي أم نضحك في سرنا كوننا نقلنا أبشع ما يمكن أن تتسب به دول عن المشهد اللبناني؟

دعونا لا نضحك على أنفسنا. فالخلاف في السياسة وانعدام وجود أفق لحله دستوريا سينتقل بسهولة إلى الإقتتال يقول ناصر في توصيفه للواقع العراقي ويرد الأسباب إلى عدم وجود نية أو رغبة لدى الأحزاب والتيارات في الإبقاء على ما اكتسبته من مال وجاه وسلطة ...وهنا بيت القصيد أو قل هنا نكون وصلنا إلى لب مشهدية لبننة العراق. فهل ينتقل مشهد التظاهرات الأخيرة واستقالة مقتدى الصدر من الحياة السياسية – والمشهد يذكرنا باستقالة الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية- وحل البرلمان إلى الواقع اللبناني؟ في ما خص العراق يؤكد ناصر "أن المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني لن يسمح بتكرار ما حدث في المنطقة الخضراء من أعمال شغب واقتتال والذي أدى إلى سقوط ضحايا عدا عن الإصابات ومنها الحرجة. وهناك مساع حثيثة لوقف هذا الإصطدام الذي خلّف نعرات طائفية وفئوية وحزبية. ولفت إلى أن الصدر يقرأ حاليا في بقاء نوابه أو عدمه أو في عودتهم أم لا وبتسمية رئيس حكومة لتشكيل واحدة جديدة".

وفي وقت كان مشهد مصير الصدامات في العراق أقرب إلى الإنقلاب "إلا أن ثمة كلمة سر عبرت ومفادها الإحتكام إلى الدستور ومحكمة الإتحاد التي ستبت في حل البرلمان أو عدمه في خلال 72 ساعة". 

في لبنان الدستور واضح وينص على خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا في 31 تشرين ألأول المقبل على أن  تتسلم الحكومة صلاحيات الرئيس. وفي وقت لم يحدد الدستور صفة الحكومة سواء كانت أصيلة أم تصريف أعمال، إلا أن مشهد العرقنة الوحيد الذي تخشى منه مصادر سياسية معارضة هو أن يستغل ذراع إيران في لبنان -كما حصل في العراق- الظروف ويحرك الشارع من زاوية الوضع الإقتصادي الذي بدأ يغلي على نار إضرابات القطاع العام وارتفاع سعر الدولار ودولرة المحروقات. أما لجهة اقتحام القصر فترجح المصادر أن تقتصر التحركات على مجموعات موالية للتيار الوطني الحر وأخرى من حزب الله لمطالبة عون بعدم مغادرة القصر على وقع الفوضى في الشارع وتسليم زمام ما تبقى من جهنم البلد إلى حكومة تصريف أعمال... والأكيد يختم المصدر أننا قد نتحسر على مشهدية لبننة العراق لأن النهايات لن تكون متجانسة أبدا".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o