Sep 02, 2022 6:37 AM
صحف

عون يتمسّك بـ"الستة" وإعلام بعبدا يردّ على برّي

غداة اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وفي اليوم الاول من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لم يسجل الى تطور إيجابي لا على مستوى تأليف الحكومة الجديدة ولا على مستوى التحضير لإنجاز الاستحقاق الدستوري، وما صدر من مواقف ومن تسريبات في صددهما صَبّ في خط التشاؤم إزاء مصيرهما، فيما تستمر الازمات في التفاقم والتناسل لتطاول كل قطاعات الدولة والوضع المعيشي المذري الذي يعانيه اللبنانيون في كل نواحي حياتهم اليومية.

وفيما لم يصدر أي مؤشر بعد على ما سيتّخذه رئيس مجلس النواب بيه بري ازاء الاستحقاق الرئاسي في ضوء خريطة الطريقة التي أعلنها في خطاب صور لمناسبة ذكرى تغييب الامام موسى الصدر امس الاول ودعوته الى انتخاب رئيس للبلاد «يجمع ولا يفرّق»، رشح انه ربما لن يتأخر في ممارسة واجباته الدستورية في هذا الاتجاه لعله يتم انجاز هذا الاستحقاق ضمن مهلة الستين يوماً الدستورية المحددة لهذه لغاية، وهو ينتظر تبلور بعض المعطيات غير متوقف عند بعض الآراء الدستورية، معتبراً انّ مجلس النواب سيّد نفسه في انتخاب الرئيس وفي ممارسة دوره التشريعي في اي وقت بحيث لا يعطّل اي من الاستحقاقين الرئاسي والحكومي دور المجلس وتفعيله وتوسيعه بما ينسجم مع طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد.

وبَدا من بعض التسريبات امس انّ اوساط القصر الجمهوري بدأت تحمل على على بري على خلفية معارضته تأليف حكومة تضم ستة وزراء دولة سياسيين، وقد اعلن ذلك علناً في خطاب صور عَدم جَدواها في هذه المرحلة، فيما عون يتمسك بتأليف مثل هذه الحكومة ولم يلق تجاوباً لدى الرئيس المكلف في لقائهما امس الاول الذي تمسّك بالابقاء على حكومته الحالية باستثناء تغيير وزيري الاقتصاد والمهجرين امين سلام وعصام شرف الدين فيها، مكرراً دعوة عون الى تسميتهما مع الاخذ في الاعتبار موافقة نواب عكار في شأن البديل لسلام واختيار اسم درزي لوزارة المهجرين لا يكون على خصومة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

وقال مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية» انّ «الهوة تعمّقت بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وانتقل كل منهما الى ضفة في مسارَين لا ولن يلتقيا الا بمشيئة الله». واضاف: «انّ الحكومة طارت وسقطت كل المحاولات لإمكانية تشكيلها قبل انتهاء العهد، والسبب ان فريق رئيس الجمهورية الذي يقوده باسيل انفصل تماما عن الواقع وتَعدّت شروطه المطالبة بـ٦ وزراء فأصبح يريد حكومة انطلاقة عهد وليس حكومة نهاية عهد، الا اذا كان يعتبر الفراغ الرئاسي هو عهد مكمل سيسمّيه عهد الفراغ ويصدر «طابو» بملكيته».

وقال المصدر الرفيع نفسه: «الشباب وضعوا برنامج حكومة مُثقل بالمطالب، وميقاتي ليس في وارد السير بها على الاطلاق، خصوصا انه اصبح محصّناً بسلاحين: الاول، الرأي الدستوري الذي يؤكد ان الحكومة الموجودة مهما كانت صفتها هي التي تتسلّم الحكم. والسلاح الآخر هو ما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري من صور من انّ المجلس النيابي هو الوحيد من لديه صلاحية تفسير الدستور». ورأى المصدر «انّ ما بعد الاول من ايلول ليس كما قبله، والاهتمام السياسي سيصبح في مكان آخر».

وكانت مصادر قريبة من قصر بعبدا رَدت، عبر «الجمهورية «أمس، بطريقة غير مباشرة على موقف بري المعارض للحكومة السياسية في هذه المرحلة، وقالت: «انّ البحث في تأليف الحكومة لم يتجاوز التفاهم على الصيغة الوزارية وشكلها وتركيبتها ولم يصل الى مرحلة الأسماء الاضافية الجديدة».

وكشفت هذه المصادر «أن عون سبق له أن اقترح على الرئيس المكلف توسيع الحكومة بإضافة ستة وزراء جدد الى الصيغة التي تقدم بها في 29 حزيران الماضي وقد حظي بموافقة الرئيس المكلف». وأوضحت «انّ اقتراح عون هذا لم يكن الهدف منه، كما راح البعض بعيداً في تفسيره، ان يضمن حصوله على الثلث المعطّل ولا تعطيل تشكيل الحكومة ايضا، وإنما اراد تحقيق عدة أهداف، ومنها:

- ضرورة تأمين حصانة سياسية لحكومة الوزراء التكنوقراط تمكّنها من مواجهة الاستحقاقات المرتقبة في الآتي من الأيام، وأبرزها استحقاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية واقرار الاصلاحات في خطة التعافي الاقتصادية وغيرها.

- إنّ تجربة الحكومة الحالية وقبلها حكومة الرئيس حسان دياب اللتين ضَمّتا وزراء تكنوقراط لم تكن مشجعة، إذ افتقدت الحكومتان الى دعم الكتل السياسية الممثلة فيهما ما ادى الى تراجع في الغطاء السياسي الواجب توافره في هذه الحال.

- لا يخفى على أحد انّ تجربة الوزراء التكنوقراط تعرضت الى كثير من الانتقادات التي وجّهتها الكتل السياسية، وخصوصا عند مقاربتها للملفات السياسية، وهي تشكل حجما بالغا من العمل الحكومي وليست من القضايا العابرة.

- كاد غياب الغطاء السياسي ان يؤدي الى تعليق البحث في الملفات السياسية المهمة وهي قضايا بالغة الدقة والاهمية لا يمكن مقاربتها في ظل وزراء التكنوقراط، الذين عليهم ان يعيشوا حالاً من القلق التي تعوق اتخاذ القرار السياسي الحاسم عند عودتهم في كل مرة الى مرجعياتهم السياسية لسؤالها عن موقفها من القضايا المطروحة.

- في حال تمثّلت القوى السياسية مباشرة عبر الوزراء الستة الجدد يمكن تجاوز كثير من العقبات واتخاذ القرارات في وقت قياسي من دون اي تأخير تفرضه طريقة البحث عن أجوبة ومشاورات خارج إطار مجلس الوزراء.

واضافت المصادر انه «في حال وقع الفراغ الرئاسي فإنّ الحكومة الجديدة تحتاج الى تمثيل سياسي، خصوصاً ان تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية لأي سبب كان، وان الحكومة ستتولى مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، وفي مثل هذه الحال تصبح الحاجة الى تمثيل سياسي في الحكومة ملحّة وضرورية».

وتأسيساً على سلسلة الملاحظات، اشارت المصادر الى «انّ هذه الاسباب كافية ليكون المطلب المتعلّق بتوسيع الحكومة وزيادة الوزراء الستة كممثلين للاطراف السياسيين الموجودين في حكومة ميقاتي، مطلباً مُحقاً ووطنياً بامتياز، خصوصاً ان هذه الحكومة هي الاولى بعد الانتخابات النيابية التي جرت في ايار الماضي، وأفرزت واقعاً سياسياً جديداً لا بد من اخذه في الاعتبار لدى مقاربة ملف تكوين السلطة التنفيذية».

واعتبرت المصادر «انّ اي تفسيرات تُعطى لموقف عون من المطالبة بستة وزراء دولة سياسيين، من اي جهة او مرجعية صدرت، لا تأتلف مع الواقع الذي يفرض مقاربة وطنية مسؤولة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد بعيداً عن الحسابات الشخصية والاعتبارات التي برزت في الآونة الاخيرة، لأنّ الدعم السياسي للحكومة العتيدة هو حاجة ضرورية الآن لأنّ البلاد تمر في فترة دقيقة ومصيرية لا يجوز فيها التساهل او اللامبالاة».

وعليه، فقد تلاقت مضبطة الدفاع عن اقتراح عون بتوسيع الحكومة في توقيت دقيق أعقبت الأجواء التي نشرتها «الجمهورية» أمس، عندما قالت إنّ الاجتماع الذي جمعَ عون وميقاتي امس الاول لم يحمل جديداً بالنسبة الى مسألة تشكيل الحكومة، وانّ المواقف لا تزال على حالها حول الصيغة الحكومية المنتظرة. كما لفتت الى انّ البحث بين عون وميقاتي تطرّق الى مواضيع تتعلق بالعمل الحكومي ومصير عدد من المراسيم التي لا تزال مجمّدة ما يُعرقل عدداً من المواضيع المهمة، مثل تشكيل هيئة محكمة التمييز وتعيين عمداء كليات الجامعة اللبنانية وترقية الضباط من رتبة عقيد الى عميد، ومسائل اخرى جُمّدت نتيجة مواقف سياسية ومقاربات بعضها كَيدي.

نصيحة من برّي لميقاتي: من جهة أخرى، أشارت "اللواء" الى ان سيناريوهات كثيرة  تُطرح حول الاستحقاق الرئاسي وأيضاً الحكومي في ظل مؤشرات تتجه نحو الإيجابية ولكن ليس بشكل محسوم على الصعيد الحكومي وذلك بإجراء تعديلين وزيريين حول حقيبتي الاقتصاد والمهجرين، أي أن تتم تسمية وزيرين مكان وزير الاقتصاد أمين سلام ووزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين وتتم التسمية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون، وهذا ما أفضت اليه الاتصالات بعيداً عن الأضواء، ويُنقل بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري نصح بالأمس الرئيس المكلف نجيب ميقاتي خلال لقائه به بأن يعمل على هذا الاقتراح ويسير يه أياً تكن الأسماء لأن الأمور لم تعد تُطاق وتُحتمل، وبدأت تؤثر على مجريات الاستحقاق الرئاسي الذي يبقى الأهم، ولهذه الغاية ان رئيس المجلس لن يدعو في وقت قريب لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية من أجل إعطاء الفرصة والمزيد من اللقاءات والمشاورات والاتصالات ومواكبة ومتابعة الوضع الداخلي والعربي والدولي.

فلهذه الغاية إن بري وكما يُنقل عن أوساط مقرّبة منه كان حاسماً خلال استقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال، وقال له عليه أن يُسرع ان لم يكن قادراً على تشكيل حكومة بإجراء تعديل حتى لو طاول أكثر من وزيرين لأن ذلك لا يقدّم ولا يؤخر المهلة القريبة لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وعلى هذه الخلفية انطلقت الاتصالات على أن يحصل لقاء قريب جداً بين ميقاتي وعون فإما أن يكون هذا المخرج أي التعديل الوزاري الطفيف وتستمر الحكومة بتعويم في مجلس النواب بعقد لقاءات في قصر بعبدا وفي السراي وانكبابها على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً أن ثمة أمور عالقة تحتاج الى قرار وزاري من خلال متابعة مع بعض الدول ان على صعيد الهبات أو صندوق النقد الدولي وسوى ذلك، من هذا المنطلق ان الساعات القادمة ستحدّد مسار الوضع حكومي فيما الوضع الرئاسي معلّق الى حد كبير بالتشكيلة الحكومية لأن الذين أيضاً يلتقون برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يؤكدون على ضرورة وأهمية تشكيل الحكومة وإلا فإن رئيس التيار لن يقبل ولن يقبل أن تستلم حكومة تصريف الأعمال المهام الرئاسية، لذا كل الأمور واردة في مثل هذه الأجواء والظروف على أن يتطهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في الساعات المقبلة وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه حول الخيارات التي ستعتمد.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o