Sep 01, 2022 6:30 AM
صحف

هوّة التأليف واسعة.. ومخاوف من "عاصفة الفراغ"

مع بدء مهلة الستين يوماً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، اعتباراً من اليوم وحتى آخر تشرين الاول المقبل، يصبح الاستحقاق الرئاسي تلقائيّاً المادة الوحيدة على جدول الشهرين المقبلين. والأمر الطبيعي والبديهي ان تكون الاولوية ضمن هذه المهلة لانتخاب رئيس، يغادر بعدها الرئيس ميشال عون القصر الجمهوري في 31 تشرين الاول، مسلّماً الامانة الرئاسية لخلفه. ولكن في الوضع غير الطبيعي الذي يشهده لبنان، وفي ظل الغيوم السياسية والانقسامية الداكنة التي تغطي هذا الاستحقاق، فإن انتخاب رئيس جديد رهن بمعجزة.

تبعاً لذلك، فإنّ المسار الرئاسي يتجّه حتماً الى شغور في سدّة الرئاسة الاولى، والى أجل غير مسمّى. والبديهي امام الفراغ المنتظر، أن تُثار - في أجواء بلد تائه، أو بمعنى أدق، مضيّع عمداً في دوامة سلبيات لا نهاية لها - علامات استفهام قلقة حيال مرحلة ما بعد 31 تشرين الاول، ولا سيما في موازاة سيل المزايدات المطعّمة باجتهادات متضاربة حول كيفية إدارة مرحلة الفراغ، وصلاحية حكومة تصريف الإعمال في تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية.

وكذلك في موازاة الإحتمالات التي تنهمر من غير اتجاه سياسي وتثير شكوكاً ومخاوف ممّا ينتظر لبنان اعتبارا من 1 تشرين الثاني المقبل، وكذلك ما قبله في شهر ايلول الجاري ربطاً بتطوّرات ملف ترسيم الحدود البحرية والتهديدات المتبادلة بين «حزب الله» واسرائيل.

المناخ السائد في لبنان في ظل الاهتراء الشامل لكل قطاعاته ومؤسساته، والشلل الحكومي القائم، وتعثر الاستحقاق الرئاسي، تسري فيه مقولة تتحرّك بقوة في مختلف الاوساط، بأن شهري ايلول وتشرين الأول يسبقان عاصفة الفراغ الرئاسي، التي تتخوف مصادر سياسية مسؤولة، عبر «الجمهورية»، من جنوح بعض الاطراف الى ارتكاب خطايا سياسية ودستورية، ومحاولة إدخال لبنان في أتون معركة سياسية تفتح الباب على الكثير من التعقيدات على مستوى ادارة الدولة في تلك المرحلة، وربما على منزلقات خطيرة ماليا واقتصاديا، والاخطر من كل ذلك فتح الباب واسعا امام هواء عاصف يهدّد بنية النظام»، لافتة الانتباه الى «أنّ نُذر ذلك تبدّت في المعارك التي تفتح سلفاً حول الصلاحيات ومَن يرث الرئيس ميشال عون بعد انتهاء ولايته».

واذا كان بدء سريان مهلة الستين يوما قد تزامن مع الاستعصاء المستمر في ملف تأليف الحكومة، وعجز الرئيسين الشريكين في هذا الاستحقاق ميشال عون ونجيب ميقاتي عن التفاهم على قواسم مشتركة تنزل الحكومة عن شجرة الشروط المانعة لتأليفها، فإنّ اللافت امس، كان اللقاء الجديد بين عون وميقاتي في القصر الجمهوري، في ما بَدا أنّه لقاء تذكيري بأن لا تقدّم في مسار التأليف، وان الحكومة ما زالت متمَوضعة في مربّع الفشل، واختلاف النظرة بين الشريكين حول شكل الحكومة ومضمونها.

ونتيجة هذا اللقاء ظَهّرها الرئيس المكلف في «مزحة» مع الاعلاميين في القصر الجمهوري بقوله: «الرئيس نبيه بري في الجنوب، ما فينا نطَلّع مراسيم اليوم». ومن ثم غادر القصر من دون الادلاء بأي تصريح، فيما قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان اللقاء القصير بين الرئيسين عون وميقاتي، تناول ملف التأليف بصورة عامة، وخلاصة النقاش انّ الهوة ما زالت قائمة، ما يعني ان الحكومة ما زالت مربوطة بعقد التباينات الجوهرية بين عون وميقاتي حول شكلها وحجمها، وكذلك حول الاقتراحات المطروحة بتغيير بعض الوزراء.

واشارت المصادر الى انّ جو اللقاء كان عاديا، وانتهى كما بدأ، أي كلا الرئيسين على مواقفهما. ولم تؤكد المصادر، رداً على سؤال، ما اذا الرئيسان قد اتفقا على لقاء جديد بينهما، الا انها لفتت الانتباه في الوقت ذاته الى هذا الأمر مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، لن يطول الوقت ليصبح بنداً ثانياً، او بالاحرى بنداً ثانوياً يفتقد الى اي جدية».

بدورها، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ان عون وميقاتي أجريا قراءة شاملة لنتائج الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة وما هو مطروح من صيَغ غير مقبولة ليس على مستوى الرفض المتبادل بينهما، وأن هناك اطرافا اخرى تعارض ما هو مطروح، خصوصاً الصيغة المتعلقة بالوزراء الستة المطلوب اضافتهم الى الحكومة. وذلك بعدما كانت موضوع تشاور بين بري وميقاتي وفي مواقع أخرى.

وقالت المصادر لـ«الجمهورية» انّ الدقائق العشرين اتّسعَت للتشاور في العديد من العناوين والقضايا العالقة، والتي تحتاج الى متابعة، خصوصاً تلك التي تحتاج الى مراسيم للبَت بها ومنها القوانين الاصلاحية، الموازنة العامة للعام 2022، ومواضيع كان من المفروض ان تعالج ولم تعالج بغية انهائها قبل نهاية العهد.

وقالت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» إن الرئيس عون أعاد طرح تشكيل حكومة سياسية تواكب المرحلة، إلّا أن ميقاتي رفض الطرح متمسكاً بالتشكيلة التي قدّمها.

من حهة أخرى، أشارت معلومات "الاخبار" الى أن رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي "يبدو أكثر استعداداً لتقديم تنازلات لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إذ لا يُمانع أن يسمي رئيس الجمهورية الوزيرين البديليْن عن وزير الاقتصاد ووزير المهجرين كونهما من حصته، لكنه لا يزال متمسكاً بفكرة أن يكون أحدهما من الشمال للحصول على دعم نواب عكار السنة، فضلاً عن نيل رضى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لضمان أن تنال الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب". بينما تميل مصادر نيابية إلى اتهام ميقاتي بأنه "غير مضمون والتجارب السابقة أكدت أنه لا يريد التأليف"، مستبعدة "الجو الإيجابي الذي سمعنا بمثله أكثر من مرة قبل أن يتبيّن أنه غير جدي".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o