Aug 23, 2022 4:46 PM
خاص

الاعفاءات والامتيازات "الطائفية" عبء على المالية...موروثات عثمانية وفرنسية

 المركزية – نفهم أن عدالة الصيف والشتاء باتت تطبق حتى على الأموات في هذا الوطن ، لكن أن تسري على الضرائب المفروضة على أوقاف الطوائف؟

الموضوع في حد ذاته "دقيق وحساس " كما يقول خبير في الشؤون المالية والقوانين الضريبية، خصوصا أنه يضرب على وتر الطائفية في لبنان. من هنا يبقى التفسير القانوني هو الحكم والمرجعية وإن كانت الضرورات تبيح الإستثناءات. أما موجب طرحه فيعود إلى ارتفاع وتيرة الكلام عن رفع تعرفة الدولار الجمركي التي ستلهب حتما جيوب اللبنانيين وتزيد من حال الإنكماش الإقتصادي. بالتوازي لا تزال مسألة إعفاء مؤسسات الطوائف من الضرائب مسار أخذ ورد في الكواليس لأن الكلام في الطائفية من المحرمات أما إعفاء مؤسساتها وعلى قاعدة صيف وشتاء من الرسوم الجمركية فمحلل!.

تعود قصة الامتيازات الماليّة الممنوحة للطوائف الإسلامية الى عهد السلطان العثماني عبد العزيز عام 1836 الذي أنشأ أوّل وزارة للأوقاف تحت إسم "نظارة الأوقاف ومشيخة الإسلام" في اسطنبول. ومع انهيار السلطنة العثمانيــة بعد الحـرب العالمية الأولى، جاء الإنتداب الفرنسي، حيـث أصدر المفــوّض الفرنسي في 2 آذار 1921 القرار 753 تحت إسم " إدارة ومراقبة الأوقاف الإسلامية" وتم ربطها بمفتي بيروت الذي تحوّل لاحقاً إلى مفتي الجمهوريّة وأكّدت صفة المؤسّسة العامّة للأوقاف الإسلاميّة في عام 1955 بقرارين صادرين عن مجلس شورى الدولة رقم 522 و399.

أمّا الطوائف غير الإسلاميّة (المسيحيّة ضمناً) فقد حظيت باستقلاليّة ماليّة دون أي دعم من السلطنة العثمانيّة عملاً بنظام الملّة، مقابل أن يؤدي أتباعها الجزية باستثناء رجال الدين. وبعد إنشاء دولة لبنان الكبير ونيل لبنان استقلاله أقرّت الموازنات مساعدات للمحاكم الروحيّة، نتيجة ضغوط ممثلي الطوائف المسيحيّة، باعتبار أن إنفاق الدولة يصبّ لمصلحة الطوائف الإسلاميّة.

عام 2000 تقدم النائبان إبراهيم كنعان والراحل روبير غانم باقتراح قانون "معجّل مكرّر" نص على إعفاء الطوائف المُعترف بها في لبنان والأشخاص المعنويين التابعين لها من بعض الضرائب والرسوم، وأُدرج على جدول أعمال الجلسة التشريعيّة لمجلس النواب، ويأتي في سياق سعي مؤسسات الطوائف المسيحيّة المتكرّر لإعفاء الأوقاف التابعة لها من الضرائب أسوة بمؤسسات الطوائف الإسلاميّة المُعفاة منها منذ عام 1955، تحقيقاً لما تعتبره "عدالة وتطبيقاً للمساواة التي ينصّ عليها الدستور".

وركزت الأسباب الموجبة لقانون 210/2000، على حجّتين: الأولى تتمثّل بالمساواة بين الطوائف وضرورة إستفادة الطوائف المسيحية من الإعفاءات التي تستفيد منها الطوائف المسلمة والأشخاص المعنويون التابعون لها. أما الثانية فقد شددت على التشابه بين المؤسسات العامة والأوقاف وممتلكات الطوائف لتبرير الإعفاءات لناحية الإستقلال في الإدارة والمراقبة، الإستقلال المالي، صلاحية ممارسة السلطة وأخيراً سلطة القضاء في الشؤون المتعلقة بالأحوال الشخصية وفي بعض الشؤون الوقفية والمسلكية والتأديبية.

وكان البرلمان قد أقرّ آنذاك هذا القانون الذي ينصّ على أن تستفيد كل طائفة معترف بها قانوناً وكل شخص معنوي ينتمي إليها بحكم القانون، قبل صدور هذا القانون، من الإعفاء من جميع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم والعلاوات التي تستفيد منها قانوناً المؤسسات العامة.

الأكيد أنه  في ظلّ سياسة دينية موروثة من العثمانيين والفرنسيين، ومع غياب سياسة ضريبية واضحة في لبنان، تتجه الطائفية المالية والضريبية، لا سيما لناحية الإعفاءات الضريبية، نحو مسألة التعميم على قاعدة "ظلمٌ في السوية عدلٌ في الرعيّة".

فهل تبقى مسألة الإعفاءات الضريبية خاضعة لعدالة الصيف والشتاء، أم تتم إزاحة الستارة من فوق رؤوس الجميع بعدما تحولت مسألة الطائفية المالية والضريبية وعبء المؤسسات الدينية على المالية العامة باب نقاشٍ عام لا يتكلم به إلا الرأي العام؟.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o