Aug 18, 2022 6:32 AM
صحف

حراك التأليف يخفي نوايا تأخير الرئاسة.. وخيار تعويم الحكومة على الطاولة

أشارت "الاخبار" الى ان في انتظار عودة الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود اموس هوكشتاين إلى المنطقة «قريباً جداً»، وفق مصادر مطلعة، انشغلت الأوساط السياسية بالحديث المستجدّ عن مشروع تعويم الحكومة الحالية أو تأليف حكومة جديدة تتولّى تعبئة الشغور الرئاسي، مع تزايد المؤشرات على صعوبة التوافق قريباً على مرشح جامع.

وفي هذا السياق، جاءت زيارة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، والتي أمكن رصد عناصر أساسية فيها، أولها أن المشكلة الفعلية التي تذرّع بها ميقاتي لتعطيل مساعي تشكيل حكومة جديدة ليست في تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد له، إذ إنه توجه أمس إلى القصر من تلقاء نفسه. وثانيها أن التشكيلة الحكومية قابلة للتعديل والمناقشة وهو أمر كان يرفضه سابقاً. وثالثها والأهم أن مبادرة ميقاتي حصلت على دعم خارجي يرجح أن يكون فرنسياً.

رغم ذلك، لا تزال بعبدا متمهلة في إعلان أي موقف من المبادرة في انتظار تبيان ما إذا كانت «طبخة بحص أم مسعى حقيقياً للتعاون»، على أن يعطي عون جواباً لميقاتي في لقاء يعقد اليوم. وتردد أن ميقاتي عاد إلى صيغة التعديل الوزاري المحدود مع تبديلات من جانبه طالباً من الرئيس عون إبداء ملاحظات، فيما رفض الأخير إعطاء رأي سريع على أن يصار إلى التواصل لاحقاً. علماً أن الجميع، وفي كل المواقع، يحاذرون التعامل بإيجابية مع الطرح، ويعتقدون أن المشكلات التي حالت دون تشكيل الحكومة سابقاً لا تزال قائمة، ما يثير شكوكاً في جدية ميقاتي. أضف إلى ذلك أن ميقاتي نادراً ما يثبت على موقف، وآخرها أول من أمس عندما قال أمام كل الوزراء إنه مستعد لإبقاء الحكومة كما هي، قبل أن يتحدث مع الرئيس أمس في تغييرات فيها تشمل وزيرين عرض على رئيس الجمهورية تسمية اثنين مكانهما، علماً أن الاثنين من حصة عون أساساً. وقال مصدر متابع إن ما عرضه ميقاتي لا يظهر جدية من قبله، وإنه كان يفترض به طلب تعويم الحكومة الحالية كما هي، وعدم البحث في تعديل يعرف مسبقاً أنه سيضر بالتركيبة السياسية. وأوضح المصدر أن «أزمة الثقة» عميقة جداً بين عون وميقاتي، وأن الأخير لم يبادر إلى أي خطوة لترطيب الأجواء، متسلحاً بدعم من الرئيس نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.

وفي بعبدا، ثمة اعتقاد بأن وراء «تراجع» ميقاتي فقدانه الأمل من إمكان الرهان على اجتهاد دستوري أعده الخبير في القانون الدستوري الدكتور حسن الرفاعي يمكن الحكومة المستقيلة من ممارسة مهام رئاسة الجمهورية في مقابل اجتهادات مقابلة تدحض هذا الأمر. إضافة إلى ذلك، طرأ تطور جديد بعدما أبدى البطريرك الماروني بشارة الراعي دعمه لتوافق الكتل المسيحية على اسم مرشح للرئاسة أسوة بطريقة اختيار المسلمين لمنصبي رئيسي المجلس النيابي الحكومة.

أما "النهار" فلفتت الى ان لقاء عون - ميقاتي امس بدا اشبه بلقاء احتوائي وتبريدي للقطيعة التي كانت قائمة بينهما والتي شلت كل جهد او تحرك في سبيل تعويم البحث في امكان تاليف حكومة جديدة. واذا كانت النتائج تختصر بفترة النصف ساعة التي طبعت اللقاء شكلا كما بتصريح ميقاتي المقتضب مذكرا بتشكيلته التي قدمها في حزيران ولا تزال عالقة مضمونا، فان ذلك يؤكد ان اختراقا جديدا في مسار الاستحقاق الحكومي لا يزال مستبعدا الا في ما يتصل بالاحتمال الأكثر تداولا وهو تعويم حكومة تصريف الاعمال لا اكثر، لتعذر التوافق بين عون وميقاتي على أي خيار اخر. ولكن خيار التعويم دونه أيضا محاذير، اذ في حال اعتماده لمنح حكومة تصريف الاعمال شرعية متجددة بصلاحيات كاملة تمكنها من إدارة المرحلة الانتقالية المتبقية الى نهاية العهد العوني، وتاليا تسلم صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حصول فراغ رئاسي، فان أصواتا بدأت تشكك من الان بعدم صلاحية هذه الحكومة بالذات لتسلم صلاحيات رئاسية لانها مكونة من فريق سياسي واحد ولا تضم أكثرية الكتل الممثلة في مجلس النواب. وفي أي حال فان لقاء بعبدا امس لم يرق الى مستوى أي اختراق جدي الا في كسر القطيعة واذابة الجليد بين عون وميقاتي بما يبقي الأوضاع على حالها من المراوحة .

من جهة أخرى، أغربت مصادر مواكبة للقاء عون - ميقاتي عبر "الانباء الالكترونية" عن قلقها الشديد من تطيير الاستحقاق الرئاسي، وسألت عبر "الانباء" الالكترونية عن "سر هذه الصحوة المفاجئة لتشكيل الحكومة بعد انقطاع التواصل بين الرئيسين عون وميقاتي، وما رافق هذا الإنقطاع من حملات واتهامات متبادلة بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والرئيس المكلف وصلت الى حد التجريح والاتهامات الشخصية. وكيف انقلبت الأمور بين ليلة وضحاها".

وحذّرت المصادر من "نوايا غير سليمة لتطيير الاستحقاق الرئاسي وعدم خروج عون من بعبدا بحجة الفراغ الرئاسي واستمرار الوضع في البلد من سيء الى اسوأ". وتوقفت عند كلام الرئيس عون أمام السلك القضائي ودعوته القضاة إلى الانتفاضة لرفع التدخلات السياسية في عملهم، دون أن يأتي على ذكر توقف التحقيق في انفجار المرفأ وتجميد التشكيلات القضائية. 

 وعن إعادة تحريك الملف الحكومي، اعتبر النائب غسان سكاف أن اجتماع عون وميقاتي من باب رفع العتب، ورأى في حديث مع "الأنباء" الإلكترونية أن "ليس هناك شيء صحيح بعد انقضاء فترة طويلة كان يمكن معها الوصول الى تأليف حكومة"، واصفاً ما يجري "باللعب في الوقت الضائع". 

وعن إمكانية تشكيل الحكومة في هذه الفترة القصيرة، قال سكاف ان ليس لديه معلومات دقيقة عن هذا الأمر، لكن عندما تسير الأمور باتجاه تأليف حكومة في وقت نبحث فيه عن رئيس للجمهورية جديد، فماذا يعني تشكيل حكومة أمر واقع مع صلاحيات كاملة؟ معتبرا أن ما يجري من باب تطيير الانتخابات الرئاسية، وسأل: "هل أصبح التعطيل حالة ميثاقية في السياسة اللبنانية، متناسين أن إفراغ المؤسسات يؤدي إلى انهيار البلد"، مشددا في مقابل ذلك على أن الانتخابات الرئاسية واجب وطني. 

من جهة أخرى أكد سكاف مشاركته في اللقاء النيابي الأخير، بعد ان ثبت ان الكتل الكبرى هي من يمسك بالقرار السياسي منذ ثلاثة أشهر، وهي تعول على انقسامات النواب المستقلين للوصول الى أهدافها، مبديا اعتقاده بأن اللقاء النيابي قد يتوسع ليصل إلى أكثر من 20 نائبا، وأن النقاشات تتمحور على تحديد مواصفات الرئيس المقبل قبل البحث في الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد، مؤكدا أنه لن يقبل بأقل من رئيس جمهورية مستقل يكون مؤهلا لترجمة ثورة اللبنانيين، وطالب برئيس يستطيع أن يحرر الجمهورية من الشوائب التي ظهرت في السنوات الست الماضية ويعيد الهيبة الى موقع الرئاسة.

وأكد سكاف أن "من يريد الاقامة في بعبدا يجب ان يساهم بإعادة التوازن الى البلد والمؤسسات والا سنكمل المسيرة الى جهنم. لذلك نريد رئيسا وطنيا جامعا يطلق عجلة الإصلاح الحقيقي والبناء".

بدزرها، اشارت "الجمهورية" الى ان على مسافة اقل من اسبوعين من بدء نفاد مهلة الستين يوما لانتخاب رئيس الجمهورية بين اول ايلول وآخر تشرين الاول المقبلين، يبدو ان الضياع الكامل هو سيد الاستحقاق الرئاسي، فالرؤية منعدمة امام كل الاطراف، وكل التوقعات والتقديرات تتقاطَع عند تأكيد فرضية الفراغ الرئاسي ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الاول المقبل. حيث لا تبدر حتى الآن اية مؤشرات حول اتفاق مسبق على الرئيس الجديد.

وعلى الرغم من انعدام الرؤية، الذي عمّمَ حالاً من التخبط لدى غالبية القوى الداخلية امام هذا الاستحقاق، واكد حقيقة انها لا تملك قدرة التحكم في هذا الاستحقاق وتوجيهه في الاتجاه الذي تريده. الّا انها، وتغطية على ذلك، دخلت في معارك هوائية توهِم من خلالها نفسها والآخرين معها بأنها هي المقررة في لعبة الانتخابات الرئاسية، وان اصوات كتلتها النيابية هي المرجحة، وتشكل جسر العبور الالزامي لأي مرشح الى القصر الجمهوري. على ما هو حاصل بين بعض الكتل النيابية الكبرى، او محاولة تجميع نواب من هنا وهناك، ضمن كتلة مستجدة تقدّم ككتلة وازنة ومقررة في الانتخابات الرئاسية.

وقالت مصادر سياسية لـ"الجمهورية": انّ المناخ الرئاسي مُلبّد وغارق في علامات استفهام تبحث عن أمرين، الاول عن المرشحين الجديين، من بين الاسماء المتداولة لرئاسة الجمهورية، او من خارجها. والامر الثاني عمّا اذا كان الفراغ الرئاسي امرا واقعا ام انّ طارئاً ما، في لحظة ما، يصدر عن موقع ما، بناء على إيحاء ما، من مكان ما خارج لبنان، يوجِب انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء ولاية ميشال عون. وهذا الامر جعلَ الجو السياسي العام مُربكاً بالكامل، والاحزاب والكتل الكبرى، وتحديدا المسيحية تلعب في الوقت الضائع، وتحاول ان تحجز لها مكانا ودورا في الاستحقاق.

ويكشف مرجع مسؤول لـ"الجمهورية" انّ الاستحقاق الرئاسي بات البند الاول في اللقاءات والمشاورات الجارية في الغرف الداخلية والخارجية، حيث تتم مقاربته بلغات متعددة الجنسيات: الأميركية، الفرنسية، البابوية، الألمانية.. ولا ننسى العربية.. وحتى الآن كل كلام عن إمكان انتخاب رئيس خلال ايلول وتشرين هو كلام فارغ. وتبعاً للجو القائم، وللخريطة النيابية المبعثرة التي يصعب جمعها على مرشح معين في الوقت الراهن، فأنا من أنصار مقولة ان لا رئيس للبنان قبل انتهاء ولاية عون. وأجزم ان لا شيء حالياً ايجابياً على المستوى الرئاسي، وليس على السطح اللبناني، والسياسي تحديداً، ما يؤشّر إلى أفق مفتوح. وبالتالي انا على يقين أننا نقترب شيئاً فشيئاً من الوقوع في الفراغ في الموقع الأول في الدولة".

وفي رأي المرجع المذكور انّ الاهم للبنان في هذه المرحلة هو إتمام الطبخة الرئاسية بأي شكل من الاشكال، لأنّ من دون ذلك محاذير كبرى على البلد، والغريب ان بعض القوى في الداخل تتعاطى مع هذا الامر بخفّة صادمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

اولاً، إجراء الانتخابات الرئاسية، أقل ضرراً من تأخيرها، ويجنّب لبنان الوقوع في فوضى دستورية واشتباك في التفسيرات وما اذا كان في مقدور حكومة تصريف اعمال من ان توكِل اليها صلاحيات رئيس الجمهورية فيما لو خرج عون من بعبدا قبل انتخاب الخلف.

ثانياً، وضع لبنان بات هشاً، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومعيشياً ومؤسساتياً، وقد تنحدر الأمور في أية لحظة إلى ما لا تُحمد عقباه على لبنان بحيث انه من الضروري جداً لا بل من المُلحّ والواجب على كل القوى الداخلية ان يُعطى هذا البلد سريعاً جرعة إيجابية ومعنوية زائدة، وهذه الجرعة لا تتوفّر إلا بإتمام الانتخابات الرئاسية، التي تشكل بدورها المفتاح لإعادة إطلاق عجلات الدولة ومؤسساتها المعطلة.

ثالثاً، انّ البعثات الديبلوماسية على اختلافها تتقاطَع على نصيحة تُسدى الى اللبنانيين من الاصدقاء الخارجيين، مفادها انّ انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان يشكل مصلحة للبنان ولكل مكوناته من دون استثناء. وهذا الامر يوجب توافق القوى الداخلية على حسم هذا الاستحقاق.

رابعاً، على اللبنانيين تجنيب بلدهم الوقوع في المحظور الخطير، حيث ان ثمة فرصة مُتاحة لتمرير انتخاب رئيس للبنان في هذه المرحلة. وإن تمّ تفويت هذه الفرصة، فما يُخشى منه هو أن يفتح الفراغ في سدة الرئاسة اللبنانية على امور مختبئة تضع لبنان امام مخاطر مصيرية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o