Aug 08, 2022 3:54 PM
مقالات

مفاوضات فيينا.. عود على بدء

كتب مصطفى فحص في "الحرة":

عاد الطرفان الإيراني والأميركي بوساطة أوروبية إلى فيينا، المكان الأول الذي انطلقت منه المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة دول 5+1 ووُقع فيه الاتفاق الاول سنة 2015 وانسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. 

ومنذ خروج ترامب من البيت الأبيض بعد خسارته الانتخابات أمام الديمقراطيين باعتبارهم الأب الروحي للاتفاق النووي، وقرار إدارة الرئيس بايدن استئناف المفاوضات النووية مع طهران عام 2021 لم تستطيع أطراف المفاوضات التوصل إلى حل مُرض للطرفين (الأميركي والإيراني)، لذلك ليس بالضرورة أن تكون العودة  إلى مكان المفاوضات الأول أي فيينا أن تكون عاملا إيجابيا يساعد على إحداث اختراق في هذه الجولة التفاوضية، فما يجري الحديث عنه داخل الأروقة المغلقة وفقا لبعض التسريبات الموثوقة لا يختلف عما قيل أو قدم في أماكن أخرى بديلة جرت فيها مفاوضات علنية أو سرية، مباشرة أو غير مباشرة، ثنائية بين طهران وواشنطن أو متعددة دخل عليها أطراف أوروبية أو وسطاء إقليميون.

الأرجح أن العودة إلى فيينا أقرب إلى العودة من حيث انتهت الجولات التفاوضية السابقة، التي تعطلت عندما لامست قضايا جوهرية لدى الطرفين، ولكن هذه المرة يبدو أن طهران ترغب في إظهار مرونة معينة في بعض القضايا، خصوصا فيما يتعلق بموضوع رفع الحرس الثوري عن قائمة العقوبات الأميركية، وهذا ما ألمح إليه أكثر من مسؤول إيراني كبير، وبالرغم من الجدل الذي أثاره هذا الموضوع داخل إيران هناك تلميحات إيرانية في إمكانية تخطيه أو تأجيل البحث فيه مقابل قضايا أخرى يجب حلها، وهذا يعني أن المفاوض الإيراني يدفع مجددا إلى معادلة التنازلات المشتركة، التي تربح الطرفين، لا أن يكون فيها طرف رابح وطرف خاسر.

جاءت واشنطن إلى فيينا متمسكة بما قدمته سابقا خصوصا بموضوعين اساسيين الحرس الثوري وضمانات عدم الخروج من الاتفاق مستقبلا، إضافة إلى صعوبة رفع كامل للعقوبات، في المقابل فإن طهران التي قبلت بالعودة بالرغم من وجود هذه الشروط على طاولة المباحثات، وتعاملت بواقعية معها، إلا انها تركز الآن على أزمتها الجديدة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تقريرها عن أنشطة إيرانية نووية مشبوهة في ثلاثة مواقع نووية، حيث تطالب طهران الوكالة بإنهاء التحقيق وإغلاق الملف وتقديم ضمانات بعدم فتحه مجددا، ووفقا لما نشره موقع جادة إيران فإن طهران أكدت وبشكل رسمي قبل وصول كبير مفاوضيها النوويين إلى فيينا بأنه "عندما يتم حل وإغلاق ما يسمى بقضايا الإجراءات الوقائية والمواقع المشبوهة، يمكن تحقيق الاتفاق النهائي".

تفاوض واشنطن تحت ضغوط الحرب الأوكرانية ومشاريع عزل روسيا سياسيا واقتصاديا وإيجاد  مصادر بديلة للطاقة الروسية، بينما تفاوض طهران تحت ضغوط الحرب الأوكرانية أيضا وتداعيات قرار واشنطن عزل روسيا ومعاقبة من يتحالف معها أو يدعمها، وتحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة تهدد جديا هذه المرة الداخل الإيراني بموجة احتجاجات واسعة خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء، وتراجع في خدمات كثير من المرافق العامة وتعطيل في دورة إنتاج بعض المصانع الكبرى نتيجة للعقوبات، وهذا ما دفع أصحاب القرار في طهران إلى اظهار بعض الليونة بالرغم من أن هناك قناعة لديهم بأن أطرافا في إدارة الرئيس بايدن غير مستعجلين  للتوصل إلى اتفاق معها، لكن طهران تريد أن ترمي الكرة في الملعب الأميركي وتُحمل واشنطن مسؤولية فشل المفاوضات أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

من هنا يمكن القول إن نتائج هذه الجولة التفاوضية النووية في فيينا قد لا تختلف عن ما سبقها، فجميع الأطراف متفقة على إبقاء أبواب الدبلوماسية مفتوحة، وقد تنتهي هذه الجولة بالاتفاق على عقد جولة أخرى حتى لا تكون الأخيرة حيث يتجنب الجميع إعلان فشلها، فجولة الفرص الضئيلة التي دبرها الأوروبيون على عجل لا تملك متسعا لتحقيق أي اختراق ما دام الطرفان الأساسيان متمسكين ببعض شروطهما الصعبة وليست المستحيلة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o