Aug 04, 2022 11:34 AM
خاص

4 آب... الجرح النازف أبدا

المركزية - دارت رزنامة الزمن دورة كاملة حتى عاد اليوم المشؤوم... عاد 4 آب ليذكرنا بما لم ولن نستطيع أن ننساه يوما: انفجار مرفأ بيروت الذي سوى بالأرض مدينة كاملة كانت مرادفا للفرح والحياة والتظاهرات النبيلة، فتحولت في لحظة إلى مساحة سوداء تعبق بروائح الموت والدم والاهمال...

"دولتي فعلت هذا".إنه الشعار الذي"زين" الجدران المحيطة بمسرح جريمة 4 آب ذات الحصيلة الأكثر من مروّعة. أكثر من 200 شهيد و6000 جريح سقطوا في لحظة انفجرت فيها كميات كبيرة من مادة نيترات الأمونيوم المكدسة بطريقة خطيرة في العنبر 12 من مرفأ بيروت.

لكن هذا المشهد على قساوته وفظاعته لا يختصر وحده يوم 4 آب. ذلك أن أحدا لا يشك في أن جريمة العصر عرّت بالكامل طبقة سياسية أمعنت على مدى عقود في الاجهاز المركز على لبنان وناسه ومقدّراته. بدليل ما جرى ويجري في ملف التحقيق في الجريمة. ذلك أن بعد إبعاد القاضي فادي صوان عن القضية، تسلم زميله طارق البيطار كرة نار تحقيق، وضع السلطة القضائية وهيبتها في مواجهة مفتوحة ومباشرة مع السلطة السياسية الخائفة على سطوتها وجبروتها واستمراريتها.

غير أن القاضي الجديد سارع إلى تفجير قنبلة سياسية من العيار الثقيل في وجه الجميع: استدعى الرجل إلى التحقيق عددا كبيرا من الشخصيات التي كانت في مرمى القاضي السلف. وفي ذلك دليل واضح إلى أن قطار الحقيقة لن يصل إلى المحطة النهائية قبل أن يقدم هؤلاء الاجابات الشافية عن بعض الأسئلة البديهية أولها: من هو صاحب شحنة النيترات والباخرة "روسوس" الراسية منذ ما يقارب عقدا من الزمن في المرفأ بلا حسيب ولا رقيب؟ ثم، وربما الأهم، من اتصل برئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلب منه عدم زيارة المرفأ قبل أيام من الكارثة؟ كلها إجابات تعمدت الشخصيات والقوى التي تدور في فلكها إخفاءها عن الناس، لا سيما منهم أهالي الضحايا. فالأولوية في مكان آخر: في تصفية الحسابات السياسية والحكومية والرئاسية البعيدة المدى... على حساب القضية النبيلة.

وليس أدل إلى ذلك، إلا العدد القياسي من الدعاوى وطلبات الرد المرفوعة ضد البيطار الذي بات "عاطلا عن العمل" منذ أكثر من 6 شهور على وقع تعطيل التحقيق بشكل متعمد. على أن "الأنكى يكمن بالتأكيد في أن بعض المطلوبين للعدالة في هذا الملف أقدموا بكل برودة أعصاب على الترشح للانتخابات النيابية الأخيرة.. حتى أن بعضهم عاد إلى مقعده النيابي، ودخل لجنة... الادارة والعدل النيابية، وبات اليوم يطلق تصاريح الدفاع عن كرامة واحترام المجلس النيابي ومقامه.. لكن ماذا عن كرامة أهالي الضحايا وحقهم في معرفة الحقيقة؟ سؤال قد لا نجد الجواب الشافي عنه قبل الذكرى الثالثة للفاجعة، وهي التي بات من المؤكد أننا سنحييها العام المقبل في غياب الشاهد الصامت الأول: إهراءات القمح التي لم تستطع الصمود أكثر من عامين، مع العلم أنها لو نطقت لكشفت كل المستور... وهذا ما لا يريده كثيرون، ما يفسر مرور سقوط الاهراءات مرور الكرام على شعب مشغول في تأمين خبزه كفاف يومه في بلد اللاعدالة واللاعقاب تحول فيه كل يوم إلى 4 آب جديد...   

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o