قضاء العهد يقتحم مصرف لبنان والموظفون يضربون: ضعوا حدا لعون
موجة استنكار لتوقيف المطران الحاج وجعجع: رسالة للراعي
العلية امام القضاء وابراهيم الى بغداد واضراب القطاع العام يستمر
المركزية- حينما تتناحر اجهزة الدولة وسلطاتها او ما بقي منها في ما بينها، وحينما تقرر قاضية في الدولة اعتادت الاقتحامات الاستعراضية الدخول عنوة الى مصرف لبنان دون ادنى اعتبار لرمزيته، وحينما يرفض قاض آخر اعطاء اشارة لجهاز امني لدخول أحد اهم مقار الدولة فتدخله على غفلة القاضية غادة عون لتخرج لاحقا بكفي حُنين، ومن دون اجهزة وحواسيب على غرار تلك التي صادرتها من شركة مكتف واعدة بصيد ثمين لم يظهر له اي اثر حتى اللحظة، وحينما يذكّر مشهد الملاحقة بين القاضية وحاكم المصرف المركزي من الرابية الى الحمرا اللبنانيين بأحد اشهر الرسوم المتحركة، كيف يمكن وصف حال الدولة بأقل من الانحلال والهستيريا والجنون وسط الانهيار والافلاس بمستوياته كافة؟
الحقيقة في مثل هذه الحالات حقيقتان واكثر، والحق ينقسم مناصروه وفق الاصطفافات التقليدية المعروفة بين مؤيدي العهد ومعارضيه. لكن أسئلة كثيرة تطرح:
لماذا توقيت زيارة القاضية عون اليوم الى المصرف المركزي، بأي حق وبموجب اي قانون؟
ما الخلفيات الكامنة وراء التحرك عشية دخول البلاد مدار الاستحقاق الرئاسي وانتهاء العهد؟ وما الرسالة المطلوب ايصالها؟
وبعد...ماذا عن رسالة تكاد تكون اخطر في مدلولاتها، بتوقيف نائب بطريركي والتحقيق معه لساعات طوال قبل استدعائه الى التحقيق العسكري غدا ، وهل تتقاطع الرسالتان من الحمرا الى بكركي عند مفرق قصر بعبدا في ظل تصعيد المواقف المتصلة بالاستحقاق الرئاسي تدريجيا؟
كل ذلك يحصل فيما رئيس دائرة المناقصات جان العلّية الذي يجمع اللبنانيون على وصفه بالرجل "الآدمي" يمثل في قصر العدل، على خلفية اخبار مقدم في حقه من مجلس شورى الدولة، وهو المعروف بمواجهته فريق العهد.
فهل تزامن كل هذه الاحداث محض صدفة ام ان وراء الأكمة ما وراءها؟
عون في المركزي: الحدث الابرز اليوم كان في مصرف لبنان، حيث داهمته القاضية غادة عون بحثا عن الحاكم رياض سلامة. فبعد ان داهمت عناصر أمن الدولة صباحا منزل الحاكم في الرابية اثر معلومات عن وجوده فيه، من دون ان تجده، انتقلت القوة الى مصرف لبنان لتنفيذ مداهمة بحثا عنه، غير ان القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت رجا حاموش رفض اعطاء الإشارة لدخول عناصر امن الدولة الى مصرف لبنان. وبعد وصول القاضية عون الى المكان، دخلت الى المصرف وبحثت عن سلامة ولم تجده، وخرجت معلنة: أتت إشارة من القاضي رجا حاموش لإخلاء المكان. وافادت معلومات ام تي في ان سلامة كان داخل مكتبه في المركزي لكن القاضية غادة عون لم تستطع الوصول إليه. كما افيد ان حالة هستيريا شهدتها أروقة مصرف لبنان حيث عمدت القاضية عون الى البحث داخل الخزانات والمكاتب عن حاكم مصرف لبنان.
الموظفون يضربون: على الاثر، اتخذ مجلس نقابة موظفي مصرف لبنان بالاجماع، قراراً "باعلان الاضراب والإقفال التام لمدة 3 ايام ابتداءً من نهار الأربعاء الواقع فيه 20 تموز 2022، إتاحة للعقلاء للتدخل حمايةً للمؤسسة. واعلن في بيان "إذ نعود ونذكر باننا تحت سقف القانون، نناشد كافة المعنيين سيمّا وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز التدخل لوضع حد لهذه التصرفات غير اللائقة من قبل القاضية غادة عون، والتي تخرج عن كل الاصول القانونية في سابقة لا مثيل لها، حتى لا نضطر آسفين لإعلان الإضراب المفتوح".
ميقاتي يأسف: تعليقا، أبدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أسفه للطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد، مما يعرّض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه. وقال "إن مداهمة المصرف المركزي بهذا الشكل الاستعراضي وسط تداخل الصلاحيات بين الاجهزة القضائية ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. قلت وأكرر لسنا متمسكين بأحد، ولا ندافع عن احد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيدا عن الاستنسابية، مع الحرص على سمعة لبنان المالية دوليا. والمطلوب ان تتم معالجة هذا الملف بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد لمصرف لبنان، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب بعد ذلك".
تعميم جديد: وكان "المركزي" اصدر صباحا تعميما جديدا لتشجيع استعمال بطاقات الدفع بالدولار الفريش (Fresh) الصادرة محليا. وبالتالي ستصبح كافة بطاقات الفريش دولار مقبولة لدى كافة التجار في لبنان (نقاط البيع -Point of Sale) وذلك ابتداء من ٢٥ تموز الحالي، دون اي تعديل في العمولات عند استعمال هذه البطاقات لدى التجار.
وضع حد للعقيقي: وليس بعيدا من اعتباطية اجهزة الدولة، تفاعلت اليوم قضية توقيف النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية المطران موسى الحاج عند معبر الناقورة ابان عودته الى لبنان والتحقيق معه لساعات، ومن ثمّ استدعاؤه من قبل قاضي التحقيق العسكري فادي عقيقي للتحقيق معه في المحكمة العسكرية يوم غد الأربعاء.
وفي السياق، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان "المطلوب من رئيس مجلس القضاء الأعلى ومدعي عام التمييز وضع حد لتصرفات القاضي عقيقي وصرف النظر عن استدعاء النائب البطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية في الطائفة المارونية المطران موسى الحاج والاستماع اليه".وأكد في بيان ان "ليس مفهوماً أبداً ان يقوم الأمن العام بتوقيف المطران الحاج عند معبر الناقورة لدى عودته الى لبنان والتحقيق معه لساعات طويلة متواصلة، ومن ثمّ استدعاؤه من قبل قاضي التحقيق العسكري فادي عقيقي للتحقيق معه في المحكمة العسكرية يوم غد الأربعاء. فالمطران الحاج هو نائب بطريركي على القدس والأراضي الفلسطينية والمملكة الهاشمية، ومن صلب مهامه زيارة الأديار المارونية في تلك الديار والاطلاع على شؤونها وترتيب أمورها. إنّ استدعاء المطران الحاج الى التحقيق في المحكمة العسكرية ليس انطلاقاً من شبهة او دليل او قرينة ما، بل نعتبره رسالة الى غبطة البطريرك الراعي انطلاقاً من مواقفه الوطنية". واردف: القاضي فادي عقيقي، وفي مناسبات عدة قبل الآن، قد أثبت انّه موجود في المحكمة العسكرية لا لإحقاق الحق والسهر على أمن البلاد والعباد، وإنّما لتحقيق غرض واضح المعالم تجلّى أكثر ما تجلّى فيه في أحداث الطيّونة المشؤومة وفي أحداث أخرى مشابهة ، كما يتجلّى الآن في واقعة استدعاء المطران الحاج الى التحقيق.
الاضراب مستمر: على صعيد آخر، بقي الجمود سائدا على الساحة الحكومية، مع ان الاوضاع المعيشية والاضراب المستمر في القطاع العام يحتاجان حلا سريعا، خاصة وأن مقررات اجتماع السراي امس لم ترض الموظفين. فقد اكدت رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر ان الاجتماع الوزاري الذي عقد أمس لم يقدم اي خطوة ايجابية، إنما المزيد من الانكار والتجاهل والقهر النفسي والمعنوي للموظفين. واكدت في حديث اذاعي ، الاستمرار بالاضراب العام لانه الخيار الوحيد المتبقي للحصول على المطالب. وأكدت نصر أن "لاضراب المفتوح مستمر وبعزيمة اكبر لتعمد السلطة اذلال الموظف ولا تراجع"، معتبرة أن "ما تقدمت به الحكومة هو جرم اضافي على ما يرتكب بحق الموظفين". من جهة أخرى، أشارت معلومات صحافية الى ان رابطة موظفي القطاع العام أكدت أنها غير معنيّة بقرارات الدولة والإضراب المفتوح مستمرّ وبوتيرة أكبر رفضاً لـ"تعجرف الدولة بحق الموظف".
ابراهيم الى العراق: معيشيا ايضا، وفيما لبنان غارق في العتمة والازمات تتكاثر، يتوجه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم غداً الأربعاء إلى بغداد للقاء رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، محاولا الحصول على دعم عراقي جديد في ظلّ إشتداد أزمتي الفيول والطحين في لبنان. وقد إستقبل الرئيس ميقاتي اليوم اللواء ابراهيم وتم البحث في الوضع الأمني اضافة الى الزيارة التي سيقوم بها الى العراق غدا. كما استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون وعرض معه الوضع الأمني في البلاد.
تسوية المرفأ: على صعيد آخر، عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب للأوضاع العامة في البلاد والتطورات، كما تركز البحث على متابعة الملفات التي يتولى بو صعب معالجتها، ومنها أسباب توقف التحقيقات في جريمة مرفأ بيروت وعدد من المراسيم العالقة.
العلية يمثل: قضائيا ايضا، أعلن رئيس دائرة المناقصات جان العلية لدى خروجه من قصر العدل بعد الاستماع إليه على خلفية الاخبار المقدم في حقه من مجلس شورى الدولة "لي الشرف اليوم ان اقدم واجبا وطنيا ووظيفيا مقدسا وأن امثل أمام سعادة النائب العام الاستئنافي القاضي غسان عويدات. كما استمع إلي على سبيل المعلومات. وكانت جلسة مطولة اجبت فيها عن كل الاسئلة". أضاف "سأتقدم بواسطة المحامي نزار صاغية باخبار منفصل في موضوع مزايدة السوق الحرة". وكان العلية وصل الى قصر العدل في التاسعة والربع من صباح اليوم حاملا ملفاته، كما وصل النوّاب بولا يعقوبيان ووضّاح الصادق ومارك ضو لمساندته. من جانبه، غرّد عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص عبر "تويتر" كاتبا "سيمثل جان العلية اليوم أمام النيابة العامة بجرم مستمر ومتمادي يرتكبه منذ سنوات: المحافظة على المال العام. وظرف مشدّد للجريمة هو الصوت العالي. أمّا قانون الشراء العام، فإلى جهنم المنظومة وبئس المصير..."
ترسيم ونزوح: الى ذلك، استقبل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا وتم البحث في ملفي النفط والنزوح السوري. كما التقى الوزير بوحبيب المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان ومنسقة الشؤون الانسانية نجاة رشدي في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهامها في لبنان. وأثار بو حبيب خلال اللقاء مسألة المساعدات التي تقدمها الامم المتحدة وملف النزوح السوري وعدم إمكانية تحمل لبنان هذا العبء، وأكدت رشدي لبو حبيب ان الامم المتحدة والدول المانحة ساعدت حوالي المليون ونصف المليون لبناني. كما التقى الوزير بو حبيب سفير الاتحاد الاوروبي لدى لبنان رالف طراف وبحث معه في موضوع النازحين طالبا اجراء حوار جدي للوصول الى خارطة طريق لانهاء هذا الملف.