هل سرّب "الثنائي الشيعي" "التجنيس"؟
يبدو واضحاً ان ملف مرسوم التجنيس مرشح للتفاعل وهو لم يقفل بعد على رغم احالته على المديرية العامة للأمن العام للتدقيق فيه، والاتفاق المبدئي على شطب الأسماء غير المستحقة للجنسية اللبنانية.
وتظهر مراجعة اولية للأسماء أن كثيرين تحوم حولهم شبهات مالية وتجارية، وان بعضهم ملاحق بجرائم مالية عكس ما اعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق من ان عملية درس الأسماء التي شارك فيها الانتربول، الى مؤسسات أمنية لبنانية، أظهرت عدم وجود أي شوائب متعلقة بالمجنسين الجدد.
وعدم الرضى "الشيعي" عن المرسوم الذي دفع الرئيس نبيه بري الى ان يكرر امام ضيوفه "أن أحداً لم يحدثه في مرسوم التجنيس قبل إصداره"، حمل وزير المال علي حسن خليل، وهو المعاون السياسي للرئيس بري، على التغريد مساء السبت بالآتي: "لم نتحدث في السابق بخصوص مرسوم التجنيس، أما وباب التعديل للمرسوم قد فتح. فنحن اليوم نطالب بحق الفقراء في الحصول على الجنسية وحق أبناء وادي خالد والقرى السبع، وحق أبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب بالحصول على الجنسية اللبنانية". وفي المعلومات أن ثمة نحو 3000 من أبناء القرى السبع جهّزوا ملفاتهم لاستعادة الجنسية.
وأبلغ مصدر مطلع "النهار" أنه على رغم العدد الكبير من السوريين القريبين من النظام الذي دخل في عداد المجنسين، الا أن الثنائي الشيعي يرى في مضمون المرسوم أموراً تدفع الى التصدي له:
-أولاً: أنه أعد من دون استشارة الثنائي الشيعي وباتفاق بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل أي الثنائي الماروني - السني الذي كان أشار اليه الرئيس بري قبل نحو سنة وحذّر منه.
-ثانياً: ان المرسوم لم يخضع لمراجعة المديرية العامة للأمن العام، بل أرسل الى شعبة المعلومات في المديرية العامة للأمن الداخلي، خوفاً من تسربه الى الثنائي الشيعي الذي يرى أن الأمر كان مقصوداً وليس من باب الاستعجال كما كان التبرير.
ثالثاً: ان شمول المرسوم أسماء رجال الأعمال والمتمولين السوريين وغيرهم من جنسيات أخرى هدف الى التهيئة لمرحلة إعادة إعمار سوريا من خلال تفعيل الاتصال بهؤلاء والدخول في مشاركات معهم، وهو ما يعتبر أيضاً التفافاً على حلفاء سوريا الأصليين الذين يحضرون أنفسهم لتلك المرحلة.
وأكد المصدر المطلع أن هذه الأمور وغيرها دفعت الثنائي الشيعي الى اعتراض تدريجي لم يرد له ان ينطلق عبر محطات أو صحف قريبة منه أو محسوبة عليه، لذا عمد الى تسريب الخبر قبل أن يتلقفه الثنائي وغيره ويصبح مادة اعلامية أساسية.
وأدى المرسوم الى تداعيات كثيرة أبرزها الآتي:
1-عدم التمكن من المضي به من دون إعادة النظر فيه على رغم توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة عليه.
2-احالته على الأمن العام والتشكيك في قدرة شعبة المعلومات على اعداد الملفات بعدما سرّب أن البحث في الأسماء تم عبر محرّك البحث "غوغل".
3- التشكيك في صدقية الموقعين عليه والمعنيين به واتهامهم بالرشى أو بتحقيق منافع خاصة من خلاله.
4- انقسام الرأي العام اللبناني بين مؤيّد ومعارض وضمن تقسيمات طائفية ومذهبية.
5-أعاد المرسوم إشعال فتيل الانفجار في العلاقة بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل على رغم التزام الأخير الصمت وعدم الدخول في جدالات.
6-فتح ملفات التجنيس الأخرى الموازية لعدد من المستحقين وجعلهم في مواجهة مع فريق رئيس الجمهورية، وهو ما حمل الوزير علي حسن خليل على تغريدته الأخيرة في هذا المجال.
7-إحراج رئيس الوزراء سعد الحريري في ملف تجنيس أولاد اللبنانيات المتزوجات بأجانب بعدما وعد بمتابعته أكثر من مرة، وأيضاً في ملف أبناء وادي خالد المؤيدين لـ"تيار المستقبل".
8- حشر الرئيس وفريقه في الموضوع الطائفي بسبب المطالبة بأبناء القرى السبع (الشيعة) وأبناء وادي خالد (السنة)، ما سيثير الرأي العام المسيحي المتخوّف من التناقص الديموغرافي.
هذه التداعيات ستضع رئيس الجمهورية أمام خيارات كلها مرة. أولها التراجع عن الملف وإبطال المرسوم في أساسه، وهو ما سيعتبر انهزاماً وانكساراً ليس من عادة العماد ميشال عون قبوله والرضوخ له.
ثاني الخيارات: المضي بالمرسوم ومواجهة المطالب التي يمكن أن تتحول كرة ثلج وحركات مطلبية تؤثر على صورة العهد، وتضغط على الحكومة ورئيسها.
ثالث الخيارات: القيام بتسوية مع الثنائي الشيعي، ان في الحكومة، أو في ملفات أخرى، لضمان مخرج لائق للمرسوم. لكن الحل ليس سهلاً لأنه يتطلب تنازلات غير واضحة المعالم الى اليوم، ولن يكون الا في مقدور "حزب الله" الدخول على الخط لايجاد تسوية بين الافرقاء. وهو امر سيحرج الرئاستين الاولى والثالثة أيضاً.