Apr 26, 2022 3:45 PM
خاص

بوتين قناص حروب الفرص...هل يسعى إلى تغيير النظام العالمي؟

المركزية – منذ اليوم الأوّل للغزو الروسي لأوكرانيا، كانت أهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلف ما أسماه بـ "العملية العسكرية الخاصة" معروفة، أهمّها: حياد أوكرانيا وعدم دخولها "الناتو"، ووقف التنسيق مع أوروبا، الاعتراف بخضوع القرم للسيادة الروسية، واعتبار المناطق التي دخلها الجيش الروسي مستقلة.  

وفي السياق، ينقل زوار موسكو عن مسؤولين روس قولهم إن بوتين لن يتراجع في الخطوة التي اتخذها باتجاه أوكرنيا قبل تحقيق مطالبه، هذا إلى جانب سعيه إلى فرض أسس وقواعد جديدة على النظام العالمي. فما حقيقة هذه المعطيات؟  

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يوضح لـ"المركزية" أن "بوتين قناص فرص، وربما كلّ الحروب التي خاضها منذ اعتلائه السلطة كانت حروب فرص. من ناحية أخرى، هذه الحروب كانت في حالة معيّنة عندما كان يحتاج إلى تثبيت دوره في السلطة. بوتين على خلاف مع الولايات المتّحدة ووجد في هذه الفرصة أنه يمكنه تنفيذ ما يدور في رأسه وهو الإمبراطوية القيصرية الجديدة التي وضع معالمها من وسط آسيا إلى القوقاز وروسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا، بالتالي الاستعراضات التي حصلت في بداية العام في كازاخستان كانت رسالة بأنه يستطيع أن يحقق ما يريد. وكان بوتين لفت في أكثر من مناسبة إلى أن النظام العالمي الجديد لم يعد مرحّبا به، بالتالي يجب تغيير قواعده، وهو يريد أن يكون لاعباً على مستوى القطبية، لذلك كان يعتبر أن الدخول إلى أوكرانيا وتغيير نظامها يدخل ضمن معادلة من يستطيع أن يسيطر على أوكرانيا تاريخياً يستطيع السيطرة واللعب في قلب القارة الأوروبية. من هنا، توجّهه الفعلي كان نحو تغيير هذه القواعد وخرق المفاهيم الدولية، أي الدفاع عن الغزو الروسي لم يكن من موقف الدفاع عن أوكرانيا وروسيا إنما عن القيم الإنسانية والدولية وحماية الدول الصغيرة التي تتعرّض لأزمة فعلية هي احتلالها من قوى كبرى تعربد وتبلطج وتفرض شروطها بالقوّة، لذلك ضرب عرض الحائط كلّ المفاهيم الدولية والإنسانية والاقتصادية ودخل في هذه الحرب وهو يعتبر أن الوضع في كييف غير مستقرّ وأن جيشه سيلقى ترحيباً في أوكرانيا ويتم التعامل معه على أنه المنقذ ولهذا صاغ شعاراته على أساس أنه ينفّذ عملية عسكرية لإنقاذ المتكلّمين بالروسية من براثن النازية الجديدة. هذا في الشكل، أما في المضمون فيهدف إلى توسيع إمبراطوريته منذ اليوم الأوّل لاعتلائه السلطة حيث استبدل النشيد الروسي بالسوفياتي".  

ويتابع: "بوتين يريد تحقيق حلمه بطريقة جنونية وفقاً لأساليب تعيدنا إلى مفاهيم الدولة القومية التي لا وجود للديمقراطية فيها إنما للسيطرة والقوة. سيستطيع خرق الاتّحاد الاوروبي وسيضعف الموقف الأوروبي وهذا سينتقل إلى الناتو الذي سيكون ضعيفاً نتيجة عدم التوافق على الاستراتيجية التي لم تكن موضوعة في محاربة روسيا إنما كان هناك انفتاح اقتصادي وتعاون تقني معها".  

ويشير العزي إلى أن "الرئيس الروسي كان يحاول فرض أمر واقع والتفاوض مع الولايات المتّحدة وفي النهاية هذه المعركة ليست على أرض واشنطن التي قد توافق على كل ما يمكن طرحه. فهم بوتين وجود غطاء أميركي، وهو في الأساس ينكر وجود أوكرانيا ولغتها وحتّى اليوم يتهرّب من الجلوس معها لأنه يحاول بشتّى الطرق عدم الاعتراف بهذه الدولة. تهرّبه من الحوار والتعامل مع المجتمع الدولي ساهم في الصمود الهائل للجيش والشعب والقيادة الاوكرانية الذي أبهر العالم".  

أما بالنسبة إلى عدم تراجع بوتين عن تحقيق أهدافه من الحرب، فيرى أنه "أراد منذ اليوم الأوّل اعتماد سيناريو يشبه ذاك الذي استخدمه الناتو في يوغوسلافيا وهو تهديم البنى التحتية والقوى الدفاعية والعسكرية للأوكران وفكّ التواصل مع القيادة وهذا ما كان يراهن عليه وما أوهمته به الاستخبارات بأن الشعب الأوكراني الذي يمثّل 70% من الأورثوذوكس الناطقين بالروسية سيرحّبون بالجيش في المدن الكبرى (كييف، خاركوف وماريوبول) إلا أن العكس حصل فاستبسل بوتين في محاصرة كييف لكنه هُزم وفشل تطبيق مخططه في اليوم الرابع. الجيش والشعب الأوكراني كان إلى جانب القيادة وفي أواخر آذار لم يستطع الجيش الروسي الذي كان يهيئ نفسه لمحاربة الناتو الدخول إلى مدن صغرى، وما سمّاه بالانسحاب كان تحت نيران الأوكران، وبالتالي اعتبرت هذه هزيمة بكلّ ما للكلمة من معنى. فالآليات، فخر الصناعة الروسية، لم تستطع السير على أوتوسترادات أوكرانيا ولا مواجهة بعض الشباب الذين حملوا فقط أسلحة دفاعية وهذا ما أدّى إلى خسارة كبيرة لدى الجيش الروسي مما دفعه للانسحاب تحت شعار "إعطاء مهلة لتطوير التفاوض"، لكن في السابع من نيسان بدأ التحدث عن حملة ثانية في الدونباس، ونحن في اليوم التاسع منها ولم تحقق السيطرة المطلوبة".  

ويضيف العزي: "الروس متعبون وهناك فشل وهزيمة. موسكو تستخدم الصواريخ بعيدة المدى والاستراتيجية بشكل هستيري. الغرب لن يعطي بوتين اي انتصار يحتفل به في عيد النصر على الفاشية في التاسع من ايار والأميركيون يريدون استنزافه في أوكرانيا ليغرق في هذا الوحل على غرار غرق السوفيات قبله في الشيشان وأفغانستان. أما الأوروبيون فيريدون هزيمة نكراء لبوتين كي يتخلّصوا من الاحتواء الأميركي لهم والتخلّص، بالتالي، من سطوة بوتين الذي لن يتراجع رغم الخسائر في جيشه، إلا أن همّه الأساسي الانتصار والقول للشعب الروسي إنه يواجه الفاشية الجديدة وسيبني هذا الحلم الإمبراطوري حتّى على دم شعبه لأنه أصبح يهتمّ بمرحلة جديدة تؤمّن ولاية جديدة له، خصوصاً بعدما عمل على إقصاء كلّ من يهدد هذا الهدف". 

ويختم: "لن يكون هناك انتصار لبوتين لأن ذلك سيعني دقّ ابواب الغرب ساعة يشاء. ولن يكرّر الغرب تجربة هتلر مع بوتين الذي لم تعد تعرف حدوده وأحلامه أي نقاط استراتيجية".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o