Mar 31, 2022 4:53 PM
خاص

3 عوامل تؤسس للبرودة الشعبية انتخابياً ونيسان يحسمها

المركزية – في دراسة أجرتها مؤسسة كونراد إديناور أواخر العام 2021 تبين أن حوالى 35 في المئة من اللبنانيين لا يودون المشاركة في الإنتخابات النيابية في 15 أيار المقبل. يومها كان الدولار لا يزال تحت عتبة الـ20 ألف ليرة ونسبة الفقر لا تتجاوز الـ50 في المئة. اليوم وصلت نسبة الفقرإلى 70 في المئة والآتي أعظم على كل الصعد المعيشية والصحية والإجتماعية وحتى المالية. قد يكون الرقم غير كافٍ لاستنتاج نية المقاطعة عند أكثرية الناس، أو قد تكون العيّنة غير معبّرة عن آراء شعب بأكمله. لكنّ قلّة الحماسة تجاه الانتخابات القادمة لا تحتاج إلى الكثير من الأبحاث. ففي أكثر المراحل حساسية في تاريخ البلاد، تبدوالحماسة تجاه الإنتخابات شبه معدومة، باستثناء حماسة محترفي السياسة، أكانوا من أحزاب السلطة أو معارضيها أو السياديين. 

الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي يشير إلى أن ثمة عوامل تؤسس لهذه البرودة الشعبية ويقول لـ"المركزية": "في مقاربة أولى لموضوع الإنتخابات ومقدار البرودة التي تطبع سلوك الناخبين عموما في معظم الدوائر الـ15، يمكن الإستدلال على العوامل والمسببات التي تقف وراء هذا التباطؤ في الحماسة الإنتخابية. العامل الأول يتمثل بعدم الثقة التامة لدى الرأي العام اللبناني بثبوت الإستحقاق الإنتخابي في موعده المقرر في 15 أيار وذلك وفقا للمعلومات والتسريبات التي تتوالى عن وجود نية مبيتة لدى الأفرقاء المتخوفين من تراجع حظوظهم بسعيهم إلى تخريب الإنتخابات بوسائل إضافية غير تلك التي استخدموها سابقا. ومع فشل كل هذه المحاولات في تأجيل الإستحقاق إحتمال لجوء المتضررين إلى وسائل أخرى منها العامل الأمني أو التشكيك الأمني. يضاف إلى ذلك عامل الربط مع التطورات الإقليمية والدولية خصوصا مع ملفي مفاوضات فيينا والحرب الروسية-الأوكرانية. 

العامل الثاني بحت إنتخابي فالإرتجاجات والصراعات الداخلية بين  أفرقاء 8 آذار استدعت تدخلا سافرا ومباشراً من الثنائي الأسد - نصرالله وقد شمل عدة دوائر سواء في الشمال أو عكار أو طرابلس لإصلاح الوضع بين "الملحقات" السياسية لا سيما التيار الوطني الحر والمردة والقومي السوري الإجتماعي. وحتى اللحظة لم تحسم الخلافات لا سيما في دائرة الشمال الثالثة على رغم ضغط الثنائي. أما في الشوف وعاليه فالوضع يبدو مشابها أقله قبل 3 أيام من المهلة النهائية لإعلان اللوائح بحيث لا تزال الإرتجاجات قائمة بين الملحقات الثلاثة: طلال إرسلان والتيار ووئام وهاب. وينسحب هذا الصراع على الدوائر الثلاث في البقاع علما أن نصرالله حسم المقعد الشيعي السادس في دائرة بعلبك-الهرمل للمرشح جميل السيد وأسقط المسؤول البعثي علي حجازي مقابل إطلاق يد السوري في البقاع -راشيا في محاولة لضرب التحالف الثنائي بين الإشتراكي والقوات اللبنانية". 

بالتوازي يضيف الزغبي "ثمة مساعٍ يقوم بها النظام السوري بالإشتراك مع حزب الله لتشتيت الصوت السني في دائرة زحلة والبقاع الأوسط من خلال الإكثار في عملية تشكيل اللوائح، وبالتالي الصوت المسيحي. أما في دائرة بيروت الثانية فيعمل الثنائي نفسه على جمع شتات القوى المحسوبة عليهما لكن ضمن لوائح متقابلة بهدف الفوز بعدد أكبر من المرشحين. وهذا ما يفسر ترك الثنائي الشيعي أكثر من مقعد سني شاغراً في لائحتهما". 

يبقى العامل الإقتصادي بحيث يؤكد أنه "في أحسن الأحوال تسيطر حال اليأس والقرف على الناس لكن من المرجح أن تشكل الماكينات الإنتخابية للوائح وبعض المرشحين البارزين منصة لمساعدة الناس على التنقل والحضور إلى صناديق الإقتراع". 

من غير الواضح بعد ما إذا كانت المعارك الانتخابية المقبلة ستقدّم مناسبةً لتقصير مسافة البرودة بين الناخب وصندوق الإقتراع، لا سيما حرارة المشاركة السنية بعد عزوف الرئيس سعد الحريري عن المشاركة في الإنتخابات ترشيحا واقتراعا. لكن في قراءة الزغبي معطيات تؤشر إلى أن الحرارة بدأت تدب في اوصال البيئة السنية "ولعل البيان النوعي والمفاجئ الذي أصدره تيار المستقبل في استنكاره استخدام القضاء سياسيا لأهداف إنتخابية من خلال الإدعاء الطارئ وغير القانوني على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع  خير دليل على تبدد نوعي للبرودة بحيث ساهم في تنفيس الإحتقان السياسي الذي كان سائدا بين حليفي الأمس لا سيما أنه ركز على خطورة سلاح حزب الله مما يعيد التصويب على الهدف الأول من اعتكاف الحريري وهو سيطرة سلاح حزب الله على الدولة ويلتقي كليا مع موقف القوات". 

"الحالات السياسية المسببة للبرودة ستكون في طريقها إلى الإضمحلال بعد انتهاء مهلة تشكيل اللوائح ليل 4 نيسان وبدء المعارك الإنتخابية، إذّاك ستعود الأمور إلى مستواها الأعلى وتزداد ثقة الرأي العام بأن الإنتخابات حاصلة حكما في موعدها". لكن هل يمكن الرهان على نوايا المتخوفين من تراجع حظوظهم في الإنتخابات المقبلة؟ "عندما يلتقي عامل الضغط الدولي والإقليمي لإجراء الإنتخابات مع عامل بت مسألة التحالفات يصبح المعطلون أمام ارتباك، ولا يعود أمامهم الكثير من الوقت والحجج للقيام بمحاولات ضرب الإستحقاق. وإذا مر شهر نيسان من دون خربطة يكون مصير الإنتخابات محسوما بإجرائها والحماسة في ذروتها تباعا وصولا إلى يوم الإستحقاق"، يختم الزغبي. 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o