Mar 30, 2022 4:32 PM
خاص

مفاوضات الترسيم عند خط الكباش السياسي والدولة تفاوض بلسان الحزب...

  المركزية – لا يختلف عاقلان على أن اللغط الحاصل في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وطرح إشكاليات هذا الملف عشية الإنتخابات النيابية في 15 أيار المقبل يحمل أكثر من معنى والتوقيت بحد ذاته لا يخدم لبنان. فالأفكار الجديدة التي كان يتوقعها الجانب اللبناني من الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي عشية زيارته الأخيرة إلى بيروت آتياً من إسرائيل في 9 شباط كان من المتوقع أن تظهر نتائجها الحاسمة خلال مهلة أسابيع فقط ولن تتعدى الشهرين. إلا أن عملية التفاوض بقيت غير واضحة. 

مصادر مواكبة لملف الترسيم اعتبرت أن الوفد العسكري - التقني المفاوض تمكن خلال المفاوضات من فرض الخط 29 وفقاً للقانون الدولي، وأثبت أحقية لبنان في التعديل، واستطاع نقل النزاع من منطقة الـ 860 كلم مربع الى منطقة الـ 1430 كلم مربع. كما أثبت من خلال الرسالة التي وجهها لبنان الى الأمم المتحدة أن لبنان يفاوض وفقاً للخط الذي طرح على طاولة المفاوضات في الناقورة ولا يعترف بالمنطقة الاقتصادية الخالصة الاسرائيلية فيما خص حقل كاريش. أما النقطة الأبرز في الرسالة، بحسب المصادر، فهي تحذير شركات النفط من العمل لصالح اسرائيل في المنطقة المتنازع عليها مع الإحتفاظ بتعديل المرسوم 6433 في حال فشلت المفاوضات، وبذلك أصبح الاحتفاظ بحق هذا التعديل مدونا في الأمم المتحدة ولا يستطيع أحد تجاهله أو التملص منه. وما محاولة سحبها بتاريخ 23/2/2022 من موقع قسم شؤون المحيطات وقانون البحار في الأمم المتحدة، ومن ثم إعادة نشرها بعد طلب من الأمم المتحدة التي أقدمت على عمل يُعتبر سابقة خطيرة في سجل تاريخها، الا الدليل الواضح على أهميتها. 

وتكشف المصادر لـ"المركزية" أن بالتزامن مع تقديم هوكشتاين لعرضه المتمثل بالخط المتعرج والذي يهدف إلى إبعاد الأنظار عن حقل كاريش وإلهاء اللبنانيين في النقاش حول الخط الذي يقع داخل المياه اللبنانية في منطقة الـ 860 كلم مربع وصلت بتاريخ 11-3-2022 سفينة الحفر stena iceMAX التي تعمل لصالح شركة هاليبرتون التي تعاقدت معها شركة إنرجين اليونانية. ولفتت إلى بدء أعمال حفر أول بئر من أصل 3 إلى 5 آبار تم الإتفاق عليها بين الشركتين لتطوير حقل كاريش من الجهة الشمالية واستكمال عمليات الإستكشاف عن النفط والغاز في المنطقة الحدودية الواعدة بالموارد البترولية. وتسأل المصادر بكثير من الريبة "هل يجوز أن يمر هذا الحدث بشكل عابر خصوصا أنه يشكل تحدياً لموقف لبنان الرسمي الذي أعلن عنه في الرسالة التي نقلها إلى الأمم المتحدة؟ وهل سيسمح لإسرائيل بالتنقيب في الجوار فيما لبنان الرسمي يتلهى بانتقاء الكلمات لرفض عرض هوكشتاين الذي لا يقدم أو يؤخر إن لم يأت على ذكر العودة إلى الخط 29؟". 

السفير هشام حمدان وتعليقا على مسار المفاوضات يقول "حزب الله منح الدولة حقّ الكلام الذي لا يستطيع أن يقوله هو بنفسه أي أنّه موافق على ما تريده أميركا وهذا الأمر متّفق على مضمونه مسبقا ولذلك ترك الأمر لحليفه في الثنائية نبيه بري، أن يخرج بالإطار التفاوضي "العجيب الغريب"، الذي أسقط الحدود المعترف بها دوليا وأحكم القبضة على سير المفاوضات. وهذا يعني أنّ الحزب وحده يملك سلطة القرار لحظة بدء إسرائيل بأعمال الحفر لاستخراج الغاز والنفط، متى يكون شأنا مدنيا، ومتى يكون عملا عدوانيا". 

يضيف حمدان: "عندما تقدّمت المفاوضات، وأصبح الحل وشيكا، برز موقف الحزب الذي منح الدولة حقّ تقرير الموقف بشأن الخط الذي يجب إعتماده للمفاوضات فسارعت وزارة الخارجية إلى سحب رسالة وجّهتها إلى الأمين العام للأمم المتّحدة، تعتبر فيها خط الترسيم المقبول هو الخط 29، بحجة أن الولايات المتّحدة ترى "أنّه لا يمكن للمسؤولين اللبنانيين الموافقة بشكل كلامي على التفاوض حول الخط 23، فيما هناك رسالة مكتوبة تطالب بالخطّ 29". ويطرح حمدان جملة تساؤلات منها: "لماذا وافق اللبنانيون كلاميا على التفاوض على الخط 23، على  رغم اعتباره مخالفا للقانون الدولي، ويوقع بلبنان خسائر جسيمة من مياهه الإقليمية اللبنانية لمصلحة إسرائيل؟ ولماذا تنازلت حكومة ميقاتي تلقائيا عن حقّها بمراجعة القضاء الدولي في حال إعترضت إسرائيل على الخط 29 ووضعت الحكومة الأمر قيد التفاوض مع الولايات المتّحدة؟ كل هذا يؤشر إلى أن طابع التفاوض مع الولايات المتّحدة سياسي وليس قانونيا، وهذا يعني أن هناك من يريد أن يوظف الجانب السياسي لمصلحته".  

ويذكر حمدان بما كشفه مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق دايفيد شينكر في مقابلة عبر فيديو مصوّر عن "عرض قدّمه بعض أعضاء الحكومة اللبنانية كصفقة لرفع ‎العقوبات عن ‎النائب جبران باسيل، ويتضمن موافقة لبنان على الخط 23 كحد أقصى لحدود لبنان البحرية مع إسرائيل، وهو ما تطلبه إسرائيل خلال عملية ترسيم الحدود." ويقول: "باسيل نفى الأمر وقال إنه ليس "عميلا". عال.  المطلوب إذاً وقف التفاوض السياسي. وإذا كانت إسرائيل متمسكة بحدودها البحرية عند الخط 23، على لبنان أن يقول إنّها الخط 29". ويختم: "قد يؤدي هذا الأمر إلى الخلاف، وهذا أمر طبيعي. لكن لهذا الغرض وُجد القضاء الدولي. وعلى لبنان التمسّك بالقانون. فنحن لا نستطيع التفاوض بالسياسة".   

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o