Mar 20, 2022 11:37 AM
خاص

العرب شركاء في تصنيع النظام الإقليمي وسوريا تلعبها صولد... العودة إلى الحضن العربي أو إلى أزمتها!

المركزية – دلالات ورسائل عديدة حملتها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة. في الشكل بدا اللقاء مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كما لخصه "فاتحة خير وسلام واستقرار لسوريا والمنطقة". لكن يعلم الأسد كما كل قادة دول مجلس التعاون الخليجي أن توقيت الزيارة يطرح أكثر من دلالة كونها الزيارة الأولى التي يقوم بها الأسد لدولة عربية منذ اندلاع الحرب في سوريا منتصف آذار 2011، وبالتزامن مع ذكرى اندلاعها في رسالة ضمنية بأن سوريا بدأت تتلمس الخطى لحلول لتلك الأزمة، وأن الأسد يدرك جيدا أن زيارة دولة الأمارات ستكون محطة فارقة على طريق الحل.

هذه الرسائل الإيجابية في الشكل لم تبدد موقف الخيبة والإنزعاج الذي عبرت عنه الإدارة الأميركية على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بحيث اعتبر أنها "محاولة واضحة لإضفاء الشرعية" على الزعيم السوري "الذي يظل مسؤولاً وخاضعاً للمساءلة عن وفاة ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف السكان السوريين قبل الحرب، والاعتقال التعسفي واختفاء أكثر من 150 ألف رجل وامرأة وطفل سوري ". هذا ولم نتكلم بعد عن أكثر من 660 معتقلا لبنانيا في السجون السورية لا يزال مصيرهم مجهولا.

وبعيداً من الشكليات ثمة رسائل في جوهر خلفيات الزيارة ترتبط مباشرة بالتغييرات المرتقبة في النظام العالمي لا سيما في هذه المرحلة التي يعيش فيها العالم تحولات على خلفية حرب روسيا على أوكرانيا.

منسق "التجمع من اجل السيادة"- مدير المركز الجيوسياسي للشرق الاوسط وشمال افريقيا نوفل ضو يشير عبر "المركزية" إلى تبلور نظام عربي إقليمي من خلال الحرب الروسية على أوكرانيا وتظهير أكبر للجهد العربي إزاء الحراك الدولي ويقول "  من جهة هناك الحراك التركي الذي حاول أن يفعّل دوره أوروبيا وأميركيا في موضوع الحرب مع روسيا،  كذلك فعلت إسرائيل في محاولة لتعزيز دورها الإقليمي. وتتمثل مساعي إيران في تمييع مفاوضات فيينا وطرح نفسها كبديل نفطي لتغطية أزمة ارتفاع أسعار النفط ". ووسط هذه المشهدية يتظهّر المشروع العربي الذي يرعاه مجلس التعاون الخليجي ومن ضمنه زيارة الأسد إلى الإمارات التي جاءت تحت سقف استراتيجية المجلس لإيجاد حل لسوريا بعد سلسلة محاولات لإعادتها إلى حاضنة المشروع العربي ومساعدتها على الخروج من أزمتها".

قد تفتح زيارة الأسد لدولة الإمارات مجددا الباب أمام احتمال عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية، بعد أن علّق وزراء الخارجية العرب عضويتها عقب اندلاع أزمتها في اجتماع طارئ نهاية تشرين ثاني 2011. فهل يكون رد الأسد على المبادرة العربية اليوم إيجابيا؟ "ليس بالضرورة أن يوافق الأسد على المبادرة العربية تماما كما حصل مع لبنان إزاء الورقة الكويتية المغطاة خليجيا". اليوم هناك ديبلوماسية خليجية عربية ناعمة عنوانها الشراكة في صياغة النظامين الإقليمي والعالمي وهي تُستعمل مع سوريا بعد اليمن والعراق ولبنان. لكن هناك احتمال بأن يكون رهان الإيراني والسوري والحوثي على لعبة الوقت، تماما كما فعل حزب الله في مسألة ترسيم الحدود بحيث أعاد المفاوضات إلى نقطة البدايات. كلها مؤشرات إلا أنها ترتبط بإعادة إنتاج نظام إقليمي جديد على غرار النظام العالمي الذي يحاك اليوم في ظل تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا".

هي المرة الأولى التي يجلس فيها العرب إلى الطاولة كمحاور ولاعب أساسي في تصنيع النظام الإقليمي ويقولون :نحن شركاء ومعنيون في رسم مستقبلنا". نفهم من ذلك أن مفاوضات فيينا باتت موضوعة على الرف؟  " وهج الحرب الروسية-الأوكرانية غطى في الظاهر على مفاوضات فيينا، لكن في المضمون لا يزال الروسي لاعبا أساسيا فيها كونه صاحب اليد الطولى في تشييد المفاعلات النووية في إيران والضامن لسحب كميات اليورانيوم المخزنة إلى روسيا بحسب الإتفاق الروسي-الإيراني. واليوم يسعى إلى انتزاع الضمانات مقابل كسر العقوبات المفروضة عليه".  

وحول الكلام الذي يتردد من أن تكون زيارة الأسد إلى الإمارات خطوة نحو التطبيع مع إسرائيل يؤكد ضو أن " موضوع التطبيع غير داهم، والإمارات لا تلعب دور الوسيط بين العرب وإسرائيل إنما هو جزء أساسي من مشروع مجلس التعاون الخليجي في تنفيذ سياسة عربية خليجية واضحة داخل المنطقة العربية، أضف إلى ذلك أن سوريا لا تملك هامش المناورة الكافية للطلب من الإمارات بلعب هذا الدور".

يبقى المحور اللبناني في دلالات الزيارة وهو الأهم والأبرز " إذا قبلت سوريا بالعودة إلى الحضن العربي فهذا يعني ضرب ركن أساسي من المشروع الإيراني المتمثل بالسيطرة على أربعة دول عربية ولبنان من ضمنها. لكن هل تكون خطوة الأسد عن سابق تصور وتصميم، أم أنه يسعى لتمرير الوقت بأقل كلفة ممكنة من الخسائر؟الجواب تكشف عنه الأيام المقبلة"يختم ضو.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o