Feb 20, 2022 1:11 PM
خاص

من يفجّر الوضع في سوريا ولمصلحة اي طرف؟

المركزية – يشهد الوضع في سوريا تصعيدا غير مسبوق في الآونة الأخيرة، من استهداف قوات النظام السوري للمدنيين ومرافق حيوية طالت أحياء سكنية ومنها مجزرة بحق عائلة في قرية معارة النعسان شرقي إدلب، إثر تعرض منزلها لعدد من القذائف المدفعية، الى استهدف تنظيم "داعش" حافلة عسكرية تقل جنوداً وضباطاً، ما أدى إلى مقتل وجرح نحو 15 عنصراً بينهم ضباط، وغيرها من الاحداث الامنية.  

في المقابل، دفعت ميليشيات إيرانية بعدد من الأرتال العسكرية من مناطق دير الزور والرقة وبادية حماة وحمص وسط وشرق البلاد، باتجاه المناطق الجنوبية في سوريا، تزامناً مع احتجاجات ومظاهرات شعبية مناهضة للنظام السوري تشهدها مدينة السويداء جنوب سوريا، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية والأمنية.  

من يفجر الوضع في سوريا؟ فهل ان ما يجري يهدف الى ضرب صيغة سوريا الموحدة شعبا وجيشا ومؤسسات؟ ام ان ما يجري يصب في خانة الضغط على الرئيس السوري بشار الاسد ليتحرك باتجاه التسوية التي على اساسها استمر في الحكم شرط ان ينفذ ما هو مطلوب منه للبقاء؟  

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": "من يفجر هو الطرف الخاسر او من يجد  نفسه  يبتعد عن الحل. يبدو ان هناك حلا في سوريا، لكن لا أحد قادر على انتاج تسوية سياسية، وبالتالي يحاول من يستخدم التفجيرات والعنف بدون حسم للوضع العسكري ان يوجه رسائل مفادها انه موجود وله مطالب يجب أخذها بعين الاعتبار في حال حصول اي تسوية. لذلك، لم تنته الازمة السورية حتى لو كان هناك وقف اطلاق نار، لأن على ما يبدو، منذ آذار الماضي بدءا من حراك درعا وصولاً الى اليوم الى حراك السويداء، الخلافات بين المؤيدين للنظام السوري من الممثلين والاعلاميين، تؤشر الى ان هناك ازمة تسوية في سوريا لم تعد قابلة للانتظار تحت اطار وجود "داعش" وارهابيين. وهنا يُطرح سؤال اساسي "الى متى سيبقى هذا الوضع في سوريا مجمدا، من وضع اقتصادي متدهور، من سوريا مقسمة ضمن اربع دول؟ وبالتالي لا يمكن القول بأن الاوضاع مستقرة في سوريا، هناك فقط خط دمشق – قسيون". 

ويضيف: "الشعب ينتفض في السويداء منذ أسبوعين، والمظاهرات تعم الشوارع والمواطنون يطالبون بإسقاط النظام، ما اضطر الروس الى ارسال وفد عسكري كبير للتفاوض مع اهل السويداء الذين يطالبون بمستحقاتهم المالية والمعيشية لأن هذا النظام لم يستطع تأمين هذه الحالة. وبالتالي ليس بالدبابات يحيا الانسان، حتى لو أرسلوا اعدادا كبيرة من الجنود الى السويداء، فإن المظاهرات تزداد يوما بعد يوم، وبالتالي لا يستطيع النظام القول "أنهم دواعش".  

عن التفجير في سوريا واستخدام ورقة داعش، يقول العزي: "يا للمصادفة، كلما وجد الطرف المعني بهذا الموضوع انه "مزروك" يحرك ورقة داعش ويروع بها السوريين والغرب. لكن إذا كان "داعش" موجودا الى هذه الدرجة ومؤثرا  داخل النظام، هذا يعني ان هناك ازمة. وبالتالي عن اي حل يتحدثون عندما يقولون انهم اخمدوا العصابات المسلحة، في حين ان"داعش" ينمو ويصبح لديه قدرات على التفجير. كما ان داعش للمصادفة ايضا لا يتحرك الا في مناطق معينة عندما يوحى له او يُطلب منه . هذا يعني ان هناك ازمة في التعامل مع هذا المفهوم".  

ويتابع: "لذلك، الموضوع السوري ليس بانفجار من هنا وقذيفة من هناك، بل هو في كيفية حل هذه الازمة التي اصبحت عبءا على حاميّها بمن فيهم الايراني والنظام والروسي. لذلك، اليوم هذه الازمة طويلة الامد، لأنهم لم يستطيعوا تقديم إعمار أو خدمات للناس، وبالتالي الشعب، رغم ان عدد النازحين منه الى خارج سوريا يبلغ نحو 12 مليونا، لا يزال يخرج في المدن ويقول ان هناك عصيانا وثورة . وهذا يدل على انهم مهما حاولوا إسقاط الثورة لأن مطالبها محقة ومهما أُدخلِت عليها اجنحة العصابات المسلحة، يبقى الطلب الشعبي هو المحق، وهم سكان يطالبون بالعيش الكريم. تارة يتهمونهم بأنهم حملوا سلاح وطورا انهم ارهابيين، هذا كله لا يعني. والثورات في كل العالم لا تقوم بخمس دقائق، حتى الثورة الفرنسية استمرت عشرين سنة حتى تمكنت من وضع مراسم معينة". 

ويرى العزي ان "المطلوب اليوم من كل الدول إنهاء العنف المُستخدَم من اجل تحقيق مكاسب معينة عسكرية او سياسية على حساب المدنيين والاستقرار والامن السوري وبالتالي لا بد من دخول في حل سياسي فعلي يؤمن لسوريا الاستمرار وعودة الناس اليها وممارسة الحياة الطبيعية، وغير ذلك ستبقى سوريا كما هي الحالة اليوم، وبالعكس ستكون هناك لاحقا استخدامات أكثر للعنف والتهديد والعصابات، لأن كل لواء وكل مجموعة في سوريا اصبحت هي "ابو الدم" و"ابو الليل".. تتخذ قرارها وفق مصالحها . وهذه حال الحروب الاهلية. الحروب الاهلية والمجتمعية تؤدي الى انشقاقات الدول وبالتالي يصبح الحكم ليس عاموديا وانما افقيا من خلال الانتشارات والمجموعات والاسماء التي تسيطر على منافع خاصة من معابر وتهريب وسرقات وبالتالي هذا يضعف الدولة ويزيد العنف والعصابات المنظمة والتهريب والمافيات في غياب الدولة الفعلية، وخاصة في ظل دولة تحكمها ميليشيات من اصقاع العالم". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o