Feb 16, 2022 4:36 PM
خاص

التهويل بالحرب الروسية-الأوكرانية: أميركا تختبر نيات اوروبا

المركزية – منذ حوالي أسبوعين ينشغل العالم بأسره بالأزمة الأوكرانية، حيث ارتفعت مؤشّرات حتمية نشوب حرب تبدأ بغزو روسي لأوكرانيا. وفي أعقاب الادعاء الروسي بانسحاب بعض القوات المحتشدة على الحدود الأوكرانية أمس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية صباحاً مغادرة المزيد من القوات لشبه جزيرة القرم بعد الانتهاء من تدريبات عسكرية، بيد أن قادة دول غربية لا يزالون يشككون في أهمية هذه الخطوة. 

وزير الدفاع البريطاني بن والاس قال إنه لم ير حتى الآن "أي دليل على أن روسيا قلصت عملياتها. ما نرصده من ملاحظات مادية على أرض الواقع، هو عكس ذلك". من جانبه، لفت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أنه لا يرى حتى الآن أي انسحاب للقوات الروسية من مواقع قريبة من الحدود الأوكرانية، فيما ذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ أن لا إشارات على خفض التصعيد "حتى الآن". فما هي آخر تطوّرات الصراع الروسي-الأوكراني والى اين تتجه الامور؟ 

العميد الركن خالد حماده يقول لـ "المركزية" :لا شكّ أن الولايات المتحدة ومن خلفها بريطانيا قادت حملة إعلامية تقول بأن هناك عدوانا وشيكا على أوكرانيا وإن الجيش الروسي يستعدّ لدخولها وإسقاط العاصمة أو لتثبيت الحالتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، رغم النفي الروسي لهذه الادّعاءات. طبعاً الحشد الذي تجاوز المئة ألف جندي مقلق، إلا أن أميركا وضعت أوروبا أمام اختبار لتعرف ما هي ردود فعلها الحقيقية على ما يمكن أن يسمّى الطموحات الروسية، أو تجاه ما يمكن أن تقوم به موسكو كفرضية للتمدّد في الدول التي كانت سابقاً ضمن الاتّحاد السوفياتي. الروس من جانبهم نفوا أكثر من مرّة أن ليس لديهم نوايا عدوانية واضعين تحرّكاتهم في إطار التدريبات، وفي الواقع لا يمكن حصرها بالتدريب بل هو استعراض قوّة. ما أظهرته الاتّصالات الديبلوماسية، لا سيما الاميركية، الروسية والفرنسية أنها لم تفض إلى أي نتيجة، حتّى مواقف الاتحاد الأوروبي لم تأت بأي نتيجة، أما الاتصال ذو الوقع الأكبر فكان بين مستشار ألمانيا أولاف شولتز والرئيس الاميركي جو بادين". 

ويلفت إلى أن "الواضح أن الأميركيين كانوا يرغبون في استنفار أوروبا تجاه روسيا واستباق موضوع تشغيل خطّ الغاز "نورد ستريم 2" الذي يصل مباشرةً من روسيا إلى ألمانيا ويؤمّن تدفّق الأموال إلى روسيا بشكل مستقرّ، ويوفر في المقابل الغاز بما يجعل الاقتصاد الألماني مستقرّاً، ويثبّت العلاقات الروسية الألمانية بطريقة أكثر استقراراً. ويمكن أن يكون هذا سبب انزعاج الأميركيين عندما شعروا بإمكانية وجود حلف ألماني-روسي، أو على الأقلّ أن لا يمكن استدراج ألمانيا كي تقف دائماً في صفّ واشنطن تحت عنوان التهديد الروسي عندما تصبح موسكو مصدر استقرار لألمانيا". 

ويتابع حماده "الرئيس الروسي مصرّ على تشغيل خطّ الغاز الذي سيقلّل تدريجاً من أهمية أوكرانيا على صعيد تزويد أوروبا بالمادة، وكذلك سيبني صفحة جديدة من العلاقات مع ألمانيا. بالتالي، ستنقسم أوروبا حول هذا الموضوع. روسيا تقول إنها ستزوّد أوروبا بالغاز عبر أوكرانيا لغاية العام 2023 ما يعني أن أوكرانيا ستبقى خطّ تماس ما بين أوروبا وروسيا في حال كانت الأولى تلتزم الشروط الأميركية، أو إشارة للأميركيين بأن لا يمكن استيعاب أوروبا وأخذها دائماً إلى الحرب بقرار منهم". 

أما على صعيد آخر، فيؤكّد أن "موسكو أظهرت أن في حال استمرّ الأوكران بطلب الانضمام للناتو أو في حال استمر نشر الصواريخ البالستية الأميركية في جمهوريات أوروبا الشرقية التي انضمّت إلى حلف الناتو، فلن يتحمّل الروس أن تكون هذه الصواريخ بعيدة 5 أو 10 دقائق عن بلادهم، بالتالي سيكون لهم تدبير آخر ربما يكون عن طريق تغذية الحركات الانفصالية أو تهديد أوكرانيا بوظائفها الأساسية، منها محاولة تجزئتها وإفقادها دورها كمزوّد لأوروبا بالغاز". 

توازياً، بدأت تظهر بذور حرب إلكترونية، وتعليقاً على ذلك يقول حماده أنها "أصبحت نمطاً من الحروب، ربما تصبح الآن الأداة المستخدمة للقول إن الأمور لم تعد إلى سابق عهدها وأن هناك دائماً حربا مفتوحة، إلكترونية هذه المرة، تضاف إلى الحرب المفتوحة مع المناطق الانفصالية التي تستمر منذ ضمّ القرم بالاشتباك مع الجيش الأوكراني. هذا ما يسمّى تعهد النزاع أو محاولة المحافظة عليه للقول إن هناك بؤرة مفتوحة دائماً، روسيا موجودة على خطّ التماس، استقرار أوكرانيا بالميزان وعلى أوروبا اتخاذ الموقف المناسب وعلى الولايات المتّحدة التعامل مع روسيا كقوّة عظمى وليس كدولة ناشئة كما تحاول دائماً أن تفعل".   

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o