Jun 01, 2018 4:34 PM
اقليميات

موجة توقيفات معارضين ومدونين في مصر

في وقت يستعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاداء اليمين الدستورية السبت لولاية ثانية مدتها أربع سنوات، قامت أجهزة الامن بحملة توقيفات جديدة شملت معارضين ومدونين وصحافيين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي.

وبدأت هذه الموجة عقب فوز السيسي بولاية رئاسية ثانية بنسبة 97% في الانتخابات التي أجريت في نهاية آذار/مارس الماضي، وهي الثانية منذ أطاح الرئيس المصري، عندما كان قائدا للجيش، بالرئيس الاسلامي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 بعد تظاهرات حاشدة طالبت برحيله.

وشملت التوقيفات خصوصا شادي الغزالي حرب وحازم عبد العظيم ووائل عباس، وهي أسماء ارتبطت بثورة 2011 التي أسقطت حسني مبارك والتي فاجأت آنذاك كل مؤسسات نظامه بما فيها الجيش.

ويقول محللون ان هذه الموجة الجديدة من التوقيفات تشكل استمرارا للسياسة "القمعية" التي ينتهجها نظام السيسي منذ توليه السلطة والتي أسكتت المعارضة الى حد بعيد، ولكنها ايضا مرتبطة بتزايد الاستياء لدى قطاعات كبيرة من المصريين بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.

ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد إن هذه التوقيفات تشير الى ان "شيئا لم يتغير في السياسات الامنية للنظام" المصري.

ويضيف "ما زال هناك تخوف من تكرار ما جرى في كانون الثاني/يناير 2011، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسي أكثر من مرة" في تصريحاته.

ويتابع "مع الزيادة المنتظرة في أسعار المحروقات والكهرباء"، يخشى "صناع القرار من ان يستغل الناشطون، خصوصا ممن ارتبطت اسماؤهم بثورة 2011، الظروف لتعبئة المواطنين ضد نظام السيسي"، موضحا ان "برنامج الاصلاح الاقتصادي تقع آثاره المتمثلة في ارتفاع الاسعار على الغالبية العظمى من المصريين".

وأعلن مسؤولون مصريون مرارا ان أسعار الكهرباء والمحروقات سترتفع مع بداية العمل بموازنة السنة المالية الجديدة مطلع تموز/يوليو 2018 من دون ان يحددوا نسبة الزيادة.

وتنشر الصحف الحكومية الثلاث وبعض الصحف الخاصة وبعض قنوات التلفزيون منذ أيام، جدولا بعنوان "قيمة ما تتحمله الدولة نتيجة استيراد المنتجات البترولية عند 75 دولارا للبرميل". ويشير هذا الجدول الى أن الدولة تتكبد قرابة 104 مليارات جنيه (5,8 مليارات دولار تقريبا) سنويا لدعم الوقود.

ونددت منظمات حقوقية والاتحاد الاوروبي الاربعاء بتوقيف معارضين وشخصيات من المجتمع المدني في مصر بعد إعادة انتخاب السيسي.

وقالت مايا كوسيانسيتش، الناطقة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، إن "العدد المتزايد للتوقيفات بحق مدافعين عن حقوق الانسان وناشطين سياسيين ومدونين في الاسابيع الماضية في مصر يشكل تطورا مقلقا".

وأضافت المتحدثة "في وقت تسعى مصر لترسيخ الديموقراطية ودولة القانون، من المهم احترام التعبير السلمي عن الرأي والانتقاد".

وتابعت ان "الاستقرار والامن الدائمين لا يمكن ان يتماشيا الا مع الاحترام الكامل لحقوق الانسان والحريات الاساسية بموجب الدستور المصري والالتزامات الدولية".

وردت وزارة الخارجية المصرية، مؤكدة "رفضها" هذه الانتقادات. واعتبرت انه يمكن كذلك التنديد بسجل اوروبا في مجال حقوق الانسان، مشيرة الى "الصعوبات الجمة والمعاملة المزرية التي يعاني منها الكثير من المهاجرين واللاجئين، وتجاوزات سلطات إنفاذ القانون، فضلاً عن تصاعد الحركات والأحزاب اليمينية المتطرفة، وما يقترن بذلك من مظاهر العنصرية والتمييز والعنف وخطاب الكراهية".

وقررت نيابة أمن الدولة العليا الاسبوع الماضي حبس المدون والصحافي البارز وائل عباس 15 يوما احتياطيا بعد أن حققت معه بتهم عدة بينها "المشاركة في تنفيذ اهداف جماعة ارهابية"، و"نشر اخبار كاذبة واساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

ويعرف عباس بنشر أشرطة فيديو حول التعذيب في أقسام الشرطة إبان نظام مبارك.

وكانت نيابة أمن الدولة العليا قررت في وقت سابق حبس الناشط السياسي شادي الغزالي حرب مدة 15 يوما احتياطيا بعد التحقيق معه بتهم نشر أخبار كاذبة على "فيسبوك" و"تويتر".

وقضت محكمة عسكرية الثلاثاء الماضي بحبس الصحافي والباحث اسماعيل الاسكندراني عشر سنوات. وكان تم توقيفه في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 بتهمة الانتماء الى جماعة الاخوان المسلمين التي تصنفها السلطات إرهابية منذ العام 2013.

ووفق منظمة "مراسلون بلا حدود"، فان 33 مواطنا صحافيا ومدونا يقبعون في السجن في مصر.

ويقول الباحث في معهد العلاقات الاستراتيجية الدولية بفرنسا كريم بيطار إن التوقيفات "تشكل استمرارا لسياسات القمع التي انتهجت خلال السنوات الاخيرة والرامية الى القضاء على كل السلطات القادرة على إحداث التوازن مع السلطة التنفيذية مثل البرلمان والقضاء والاعلام والمنظمات غير الحكومية والمثقفين وغير ذلك".

ويتابع ان التوقيفات "مرتبطة من دون شك بالشعور المتنامي بالاستياء لدى قطاعات واسعة من المصريين وكذلك بشعور النظام بأنه قادر على الافلات من العقاب بسبب قرار الغرب غض النظر عنه".

ويعتبر بيطار ان "التفضيل الغربي للسلطوية العربية يمنح الحكام في الشرق الاوسط شيكات على بياض تجعلهم يشعرون بأنهم مطلقو الايدي في ما يتعلق بالقمع".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o