Dec 28, 2021 6:07 AM
صحف

رسالة باهتة لعون تنعى وحدة الدولة وتتبنى اللامركزية المالية والإدارية!

على مرمى أربعة أيام، من دخول عهد الرئيس ميشال عون اشهره العشرة الأخيرة، اطل الرئيس في رسالة، إلى «أحبائي» اللبنانيين، تضمنت كشفاً لحساب اتهامي لما وصفه «بالمنظومة»، وهي «سياسية ومالية من دون سيادة وشراكة وبالفساد، على مدى 15 عاماً.. التي حملها وحدها مسؤولية الانهيار الذي حاولت ان امنعه، كاشفاً انه مع حصول الانهيار لم استسلم ولن استسلم».

تجنّب رئيس الجمهورية تسمية أشخاص المنظومة التي يعرفها النّاس، ممرراً في كلمته التي توزعت على 2000 كلمة ومحاور عدّة، عازياً صمته للحؤول دون «زيادة المشكلة تعقيداً»، متحدثاً عن محطات في تجربته السياسية منذ كان تلميذاً ضابطاً في الحربية..

وعلى الرغم من ربط حركته السياسية بـ«منع مشاريع الهيمنة على الدولة»، (1990)، والحرص على ان الدولة وحدها تضع الاستراتيجية الدفاعية، وتسهر على تنفيذها، واعتبار ان «معركتي بناء الدولة منذ اليوم الأوّل الذي مارست فيه الشأن العام والخدمة العامة»، فالثابت، وفقاً لسياق النص، ان الأمر اسقط من يده.. من تعطيل المجلس الدستوري إلى إسقاط خطة التعافي المالي، وتعطيل الحكومة وعرقلة الحوار مع سوريا لإعادة النازحين، وتوتير العلاقات مع دول الخليج، و«العرقلة في مجلس النواب التي تساهم في تفكيك الدولة» وعن القضاء، متسائلاً: «كيف أوقع تشكيلات فضيحة»، ولم يبق امامه سوى الدعوة كـ«مؤتمن على الدستور» الا الدعوة لحوار عاجل من أجل التفاهم على ثلاث مسائل والعمل على اقرارها لاحقاً ضمن المؤسسات، وهي:

- اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة.

- الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان.

- خطة التعافي المالي والاقتصادي بما فيها الإصلاحات اللازمة والتوزيع العادل للخسائر.

مع هذه الصراحة في الرسالة، وآمل الا اضطر إلى ان اقول أكثر»، يمكن اختصار الموقف بكلمات قليلة:

كانت رسالة باهتة «لرئيس قوي» لم ينه مسيرته السياسية بإعلان الاحباط، إنما بصراحة، بانتظار ان يقول التاريخ ما لديه، نعت رسالة رئيس الجمهورية وحدة الدولة، فاتحة الطريق امام تكريس التشظي في وحدة الدولة ومؤسساتها، عبر اللامركزية المالية والإدارية، ولو تشويها لما تضمنته وثيقة الوفاق في الطائف.

اما على المستوى السياسي المباشر، فقد سدد السهام إلى المجلس النيابي ورئيسه نبيه برّي عندما اعتبر «إن العرقلة في مجلس النواب تساهم في تفكيك الدولة»، متسائلاً عمّا اسماه قوانين إصلاحية، وعما إذا كان مكانها في الادراج اللجان، كقانون الكابيتال كونترول، واستعادة الاموال المحوّلة إلى الخارج، وكشف الفاسدين وحسابات وأملاك القائمة بالخدمة العامة وقانون الشيخوخة؟

كما حمل عون الرئيس برّي دون ان يسميه بأنه هو من اسقط «أهم محكمة دستورية  في العجز عن اتخاذ قرار حول نص دستوري واضح»، فضلاً عن تأخير المصادقة على قطوعات حسابات الدولة منذ العام 1997.

ولم ينج حزب الله من «التلطيش» في الرسالة الرئاسية: قال الرئيس: لا أريد ان اخاصم أحداً -  لا اشخاصاً ولا جهات - ولا أريد تفكيك الوحدة في أي طائفة.

الإشارة هنا إلى الشيعة، والمخاصمة إلى الرئيس برّي، وحركة أمل، والتفكيك تعريض وحدة الثنائي الشيعي للانفصام..

وعندما تساءل عن «المبرر لتوتير العلاقات مع الدول العربية وتحديداً دول الخليج»، فأنا ارغب بأفضل العلاقات معها، اضاف: «والتدخل في شؤون لا تعنينا» في إشارة إلى دور حزب الله خارج لبنان، لا سيما في سوريا واليمن والعراق ودول أخرى.

وفي ما خص الاستراتيجية الدفاعية، اعتبر ان «الاستراتيجية الدفاعية وحدها الدولة هي التي تضعها وتسهر على تنفيذها».

وعلى الحملة، قبل أشهر قليلة من نهاية عهده، عاد عون إلى التيار الوطني الحر، متبنياً سائر طروحاته، ومتجاوزاً الإجابة عمّا هو مشترك وعام، يعني جميع المواطنين، معتبراً ان سقف الانتخابات النيابية التصويت على اللامركزية المالية والإدارية، ولا شيء آخر..

وتساءل رئيس الجمهورية ميشال عون: هل اللبنانيون ما يزالون على موقفهم من وحدة الدولة، أم سقط النظام؟ ووصف تفكيك الدولة بأنه جريمة.

ودعا إلى تعديل نظام الدولة لتصبح الدولة قابلة للحياة.. وقال: لن اقبل على سقوط الدولة، معتبراً ان البداية تكون بعقد جلسة لمجلس الوزراء.. فمن الضروري ان تجتمع الحكومة اليوم قبل الغد لمعالجة المشاكل على طاولة مجلس الوزراء.

وقال عون: انا ارغب بأفضل العلاقات مع الدول العربية، وتحديداً مع دول الخليج، وأسأل: ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع هذه الدول والتدخل في شؤون لا تعنينا؟ موضحاً: صحيح ان الدفاع عن الوطن يتطلب تعاوناً بين الجيش والشعب والمقاومة، ولكن المسؤولية الأساسية هي الدولة.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لا موعد محددا للدعوة إلى هذا الحوار الذي يريده رئيس الجمهورية وليس هناك من أي تحضيرات مسبقة لأنه لا يزال في إطار الطرح وهناك انتظار لردود الفعل عليه.

وفي السياق، اعتبرت مصادر سياسية ان الكلمة الرئاسية، كانت اقل مما توقعه البعض، ولا تشكل مخرجا للازمة القائمة، بل كانت بمثابة محاولة للتنصل من مسؤولية الرئيس عون وفريقه السياسي عن التدهور الحاصل.

وقالت المصادر ان هناك مواقف فاقعة، تضمنتها الكلمة، مثل استعارة كلمة المنظومه السياسة، وذلك في محاولة ممجوجة، لدغدغة مشاعر المنتفضين ضد سلوكيات العهد وممارسات التيارالوطني الحر الفاشلة، وركوب موجة الرافضين للسلطة بمجملها، وكأن رئيس الجمهورية وفريقه لم يكونوا في السلطة منذ سنوات، ولم يمارسوا تعطيل الدولة، والتغطية على سلاح حزب الله والتهاون بارتكاباته وتجاوزاته بمصادرة مؤسسات الدولة والتدخل بشؤون الدول العربية الشقيقة والصديقة.

واشارت المصادر الى ان هذه الكلمة كان يمكن ان توجه بالسنة الاولى للعهد، ولا سيما ما تضمنته من دعوة للتلاقي ونبذ الخلافات والحوار، الا انها اتت متأخرة، ولزوم ما لا يلزم، لان الثقة باتت مفقودة برئيس الجمهورية وفريقه ووريثه السياسي  لكثرة المعارك الوهمية التي خارجها مع كل الاطراف السياسيين، بلا طائل، وممارسات تعطيل الدولة والتدخل بشؤون القضاء، وهدر الاموال العامة بالكهرباء وغيرها والتلهي بأمور تافهة، حتى وصلنا الى الكارثة الاقتصادية والمالية التي يواجهها لبنان حاليا.

ولاحظت المصادر ان التطرق الى مقاربة الاستراتيجية الدفاعية لأول مرة في مواقف الرئيس عون، هو من باب الرد  بحياء على حزب الله لتعطيل جلسات مجلس الوزراء، في حين كانت السهام موجهة اكثر لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ردا على التعديلات التي أجراها مجلس النواب على قانون الانتخابات النيابية خلافا لرغبة عون وفريقه السياسي.

وهكذا، لم تحمل كلمة رئيس الجمهورية التي حيك حولها الكثير أي مبادرة تنهي الأزمة المستفحلة، والمفتوحة على السنة المقبلة، التي يفترض ان تشهد حراكاً جيداً في ما خص الاستعدادات لاجراء الانتخابات النيابية، أو استجرار الطاقة أو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o