اللبنانيون يطلبون من المخلّص الخلاص.. والراعي: لو نزل مسؤولونا الى الشارع لاستقالوا!
التسوية-الحل الى مابعد الاعياد..ميقاتي عازم على تذليل العقد.. جعجع:"التغيير" أفضل عيدية
بكركي تذكّر بالحياد..ايطاليا تدعم الجيش.. ولبنان الرسمي يطمئن:ملتزم الـ1701
المركزية- في ليلة الميلاد، يصلّي اللبنانيون على امل ان تحمل اليهم ولادةُ المخلّص، الخلاص، ليس فقط من المأساة الخانقة التي يعيشون، بل ممّن أوصلوهم الى واقعهم المزري هذا، والذي أبكى البابا فرنسيس منذ اسابيع، وأدمعت له عينا الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش منذ ايام. وقد أدان هؤلاءَ البطريركُ الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في رسالته الميلادية، بعبارات يندى لها الجبين، قائلا "لو كانت المحبة موجودة في حياتنا الوطنية وفي قلب المسؤولين لما بلغنا ما بلغناه، ولما كان الشعب يرزح تحت أكبر مأساة في تاريخه. حبذا لو يسير المسؤولون بين الناس، ويطوفون في الشوارع، ويزورون أحياء المدن والقرى، ويدخلون إلى البيوت، ويتكلمون مع الآباء والأمهات، ويستمعون إلى أنين الموجوعين، وصراخ الأطفال (...) ولو أنهم نظروا إلى ما عليهم من مستحقات تجاه المستشفيات، والمدارس المجانية، لخجلوا من نفوسهم، واستقالوا من مناصبهم. ولكن رغم كل ذلك نرى أهل السلطة غارقين في صراعاتهم ويبحثون عن حيل وتسويات ومساومات للانتقام من بعضهم البعض ولإبعاد أخصامهم وتعيين محاسيبهم، والتشاطر في كيفية تأجيل الإنتخابات النيابية والرئاسية عن موعدها الدستوري، لغايات في نفوسهم ضد مصلحة لبنان وشعبه".
اتصالات تمهيدية: انطلاقا من هذا الكلام الصريح والمباشر، تشير مصادر سياسية مطّلعة عبر "المركزية"، الى ان الفترة الزمنية الفاصلة بين عيدي الميلاد ورأس السنة، ستشهد اتصالات لمحاولة رأب الصدع بين العهد والتيار الوطني الحر من جهة، والثنائي الشيعي وحزب الله تحديدا من جهة ثانية، تمهيدا لابرام "تسوية" جديدة بين الجانبين، لن تبصر النور الا بعد الاعياد، هذا إن وُلدت، ذلك ان ردم الهوة بين اهل البيت الواحد، بات صعبا نظرا الى تصعيد "البرتقالي" غير المسبوق في وجه "الحزب"... ومع ان الاخير، عبر كتلته النيابية، بدا امس مهادنا ومستوعبا و"ساكتا عن ضيم" شريكه في ورقة مار مخايل، تعتبر المصادر ان الحل المرجوّ يُفترض ان يكون شاملا، قضائيا وانتخابيا، ومرضيا للتيار وللثنائي في آن، لضمان فك اسر مجلس الوزراء واجراء الانتخابات، والا فإن الاول سيبقى مكبّلا، والثاني سيكون في خطر.
عزم على التذليل: في الاثناء، وفي معرض تهنئته اللبنانيين بحلول الاعياد، حاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "الطبطبة" عليهم، فوعدهم بـ"إننا عازمون على تذليل كل العقبات لاعادة جمع الشمل الحكومي واستكمال الخطوات التي بدأنا القيام بها لوضع لبنان على سكة التعافي والانقاذ"، متمنيا أن تحمل الايام المقبلة السلام والامان للجميع وأن تتضافر كل الارادات لانقاذ لبنان واللبنانيين جميعا مما يعيشونه من ازمات مؤلمة". الى ذلك، وفي حديث لـ"النهار"، أشار ميقاتي إلى أنّ "الأمور هي حاليّاً على صورتها المعروفة وعلى حالها من الجمود"، وقال إنّ "كلّ المبادرات الممكنة مؤجّلة إلى ما بعد عطلة الأعياد المجيدة". واذ اوضح ان "علاقته مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي لا تشوبها شائبة أو يداخلها تباين أو توتر"، لفت الى ان "عملنا بجهد ودأب طوال الفترة الماضية ما في وسعنا أن نعمله (...) وأملنا كبير بتحقيق إنجازات أكبر وأهم خلال الأيام المقبلة".
افضل عيدية: وفيما شلل الحكومة ورفضُ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (الذي يطلّ عبر او تي في مساء، ويفترض ان يزور بكركي غدا معايدا بالميلاد) توقيعَ المراسيم، يفاقمان معاناة اللبنانيين والحلولَ الفعلية لازماتهم اللامتناهية من الفقر وغلاء اسعار كل شيء الى التقنين الكهربائي وشح الدواء وصعوبة استيراد المستلزمات الطبية فيما حلّق عداد كورونا اليوم مسجلا 2119 اصابة و16 حالة وفاة، ويتهدّدان ايضا الانتخاباتِ النيابية المهدّدة اصلا لوجستيا وماليا، اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان "أفضل "عيدية" للعام 2022 هي الانتخابات النيابية وما ستحمله من تغيير محتّم يؤدي إلى بدء عملية إنقاذ حقيقية تنهض بلبنان من جديد وتضعه حيث يجب ان يكون. ونحن على هذا الصعيد بانتظار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في أسرع وقت ممكن. إن أفضل عيدية نقدِّمها لأنفسنا وللبنان هي في التحضير لخوض غمار التغيير من خلال صناديق الاقتراع في الأشهر القليلة المقبلة".
الحياد للانقاذ: هذا في الازمات اليومية – السياسية. أما المعضلة "السيادية" فبدورها مستعصية على الطبقة الحاكمة وقد وصلت الكبتاغون من لبنان مجددا الى الامارات في الساعات الماضية. في هذا الاطار، اضاء الراعي من جديد على باب الخلاص. فقال : مرة أخرى نكرر أن باب الإنقاذ والخلاص الوحيد هو إعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط، تنفيذا للميثاق الوطني الرافض تحويل لبنان مقرا أو ممرا لأي وجود أجنبي، وحماية للشراكة والوحدة وإفساحا في المجال لحسن تحقيق دور لبنان. عندما نقول لا تستقيم الشراكة والوحدة من دون حياد لبنان، لا يعني أننا نحن من يشترط ذلك، بل هي طبيعة لبنان الجيوسياسية التي تحتم التزام الحياد من أجل الشراكة والوحدة. لبنان من دون حياد يقف دوما على شفير الأزمات والانقسامات والحروب، بينما لبنان الحياد يعيش في رحاب الوحدة والسلام والاستقرار والإزدهار والنمو. ونوضح أن لبنان لا يستطيع أن يكون حياديا إزاء ثلاثة: إجماع العرب إذا حصل، وإسرائيل، والحق والباطل. في إجتماع الإثنين الماضي سلمت الامين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش مذكرة احتوت مواقفنا المعهودة من الحياد والمؤتمر الدولي الخاص بلبنان ووجوب تنفيذ جميع القرارات الدولية دون استنسابية وتجزئة، لاسيما وأن دولة لبنان وافقت عليها تباعا. وأكدنا للأمين العام ضرورة أن تتحرك الأمم المتحدة قبل سواها لبلورة حل دولي يعكس إرادة اللبنانيين".
الـ1701: يأتي هذا الموقف في وقت تعرّضت اليونيفيل منذ ساعات قليلة، وفيما طائرة غوتيريش لم تقلع بعد، لاعتداء على يد "الاهالي" في بلدة شقرا الجنوبية. ليس بعيدا، كرر ميقاتي "تأكيد التزام لبنان قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، والتزام سائر القرارات الدولية ذات الصلة". موقفه جاء امام وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غويريني، الذي زاره في دارته على رأس وفد، في حضور سفيرة إيطاليا نيكوليتا بومبارديار. خلال الاجتماع جدد ميقاتي "شكر ايطاليا على وقوفها الدائم الى جانب لبنان ودعمها له على كل المستويات". كما شكرها على مساهمتها في إطار قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان وتضحيات جنودها في سبيل الاستقرار والامن في الجنوب.
سليم: من جهته، شدد وزير الدفاع الوطني موريس سليم على على حرص لبنان واللبنانيين على قوات اليونيفل وتمكينهم من القيام بمهامها على أكمل وجه وفقا لقرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة. وأضاف خلال استقباله وزير الدفاع الايطالي: لبنان يتمسك بالعلاقة الطيبة بين اليونيفل والسكان المحليين والمستمرة منذ عقود.
الوزير الايطالي: بدوره، أكد غويريني أن "لبنان يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لايطاليا، كما أن وجود إيطاليا ضمن قوات اليونيفيل يعزز هذا التوجه"، لافتا الى "تولي أربعة قادة إيطاليين قيادة هذه القوات". كما شدد على أن "إيطاليا تدعم عمل رئيس الحكومة اللبنانية والجهود المبذولة لاجراء الاصلاحات المطلوبة لمعالجة الاوضاع في لبنان". أكد أن "لبنان يمكنه الاعتماد كليا على إيطاليا لدعمه في موضوع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وسائر المؤسسات الدولية المعنية. اما دعمنا للجيش فهو دعم كامل ونحن نتعهد بتسريع الاجراءات المطلوبة لايصال هذا الدعم"... واكد من اليرزة، على التزام بلاده تجاه لبنان والاستمرار في المشاركة في القوة الدولية حتى بعد التسليم والتسلم في قيادة اليونيفل لمناسبة انتهاء مهام الجنرال استيفانو دل كول قريباً. كما أشار الى أن إيطاليا تتابع باهتمام كل الجهود المبذولة في اطار المفاوضات مع البنك الدولي.
رئيس الاركان: كما استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه، رئيس أركان الدفاع الإيطالي الأميرال Giueseppe CAVO DRAGONE على رأس وفد مرافق، وجرى البحث في العلاقات الثنائية بين جيشي البلدين.
لا سيادة بالتراضي: على هذا الصعيد ايضا، غرّد رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب "القوات اللبنانية" الوزير السابق ريشار قيومجيان عبر حسابه على "تويتر" كاتبا "الاعتداء على قوات "اليونيفيل" في بلدة شقرا وصدّها في منطقة عملياتها يعني ٣ حقائق: ١- لبنان دولة فاقدة للقوة السيادية ولا تلتزم القرارات الدولية لا سيما ١٧٠١ ٢- الامم المتحدة تهادن حزب الله وتسلّم ببنيته العسكرية-الأمنية السرية ٣- لا سيادة بالتراضي والمهادنة بل بالحزم والمواجهة".
الحل بالسياسة: في المواقف، لفت المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الى ان "فك الاشتباك السياسي في هذا البلد يحتاج إلى ثمن سياسي، وأن البلد تحكمه المصالح الوطنية، وليس اللعب بالزواريب، وبخاصة اللعب بزواريب القضاء والرشاوى الدولية. وهذا يفترض بالقوى السياسية دفع هذا الثمن السياسي. وتابع "الحل بالسياسة لا بالقضاء، وإزاحة المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار الذي حول القضاء إلى سوق انتيكة يمر بتسوية مع من يحميه بالسياسة، وكذا الحال مع مفاصل الجسم القضائي والإداري؛ ما يعني أن التسوية السياسية الآن في مأزق".