Dec 22, 2021 10:53 AM
صحف

زمكحل:2021 سنة التراجع الكبير ومن أصعب السنوات المذلّة في تاريخ لبنان

لا یمكن عرض الحصاد الإقتصادي للعام 2021 «الجھنمي» من دون الحدیث عن التدھور غیر المسبوق في قیمة اللیرة اللبنانیة تجاه الدولار الأمیركي والتي لم یشھدھا لبنان حتى في أحلك أیام أزماته الذي وصل بصعوده «السیاسي» الفاحش في الأیام الأخیرة من ھذا العام الى حدود 28000 لیرة للدولار الواحد فیما استقر سعر الدولار المصرفي الجدید عند 8000 لیرة.

لیس مفاجئا أن السلطة السیاسیة في البلاد لم تبد إستعدادا في ھذا العام لحل الأمور الحیاتیة من سعر صرف وغلاء أسعار وتضخم وسعر محروقات وأدویة وغذاء وأزمات أخرى خوفا من خسارة إمتیازاتھا وتفكیك منظومتھا الطائفیة وأكثر من ذلك عمدت الى تدمیر أركان الدولة شیئا فشیئا على حساب اللبنانیین.

وقد أدّى الإخفاق المستمر في تنفیذ الإصلاحات السیاسیة والإقتصادیة الى أزمة إقتصادیة وصفھا البنك الدولي بأنھا واحدة من أكبر عشر أزمات على مستوى العالم منذ القرن التاسع عشر.

2021 سنة الجمود والشلل الدستوري والتنفيذي

إن 2021 كانت من أصعب السنوات بالنسبة الى لبنان وأنھا الأسوأ إقتصادیا واجتماعیا وسیاسیا وأمنیا، وھي سنة الجمود والشلل الدستوري والتنفیذي كما وصفھا رئیس تجمع رجال الأعمال اللبنانیین في العالم وعمید كلیة إدارة الأعمال في جامعة القدیس یوسف الدكتور فؤاد زمكحل الذي تحدث لـ»الشرق» عن الأزمات المتلاحقة التي شھدھا لبنان ھذه السنة. واستغرب كیف أن السلطة السیاسیة لم تتخذ أي خطوة في وجه الإنھیار الكارثي ھذه السنة أو القیام بأي مشروع حقیقي وجدّي وذلك من أجل متابعة حیاة المواطنین. ففي العام 2020 ما إن بدأ لبنان تدریجیا یتنفس الصعداء مع تراجع جائحة كورونا بعد المعارك الضاربة ضد ھذا العدو المجھول (كأننا نخوض حرب عالمیة ثالثة) الذي جمّد الأزمة الإقتصادیة حتى انفجرت بوجه اللبنانیین في العام 2021 الأزمة النقدیة الكارثیة.

سفينة لبنان تغرق وليس هناك من يعوّمها

ویقول زمكحل: «إن سنة 2021 ھي سنة عدم إتخاذ القرار أي أن سفینة لبنان تغرق ولا من یعوّمھا أو ان المركب لا یحوي قبطانا مع غیاب المؤسسة الإجرائیة للسلطة التنفیذیة -أي الحكومة- أما سبب ھذا التقدیر فلم یظھر أن ھناك استعدادا لدى أي طرف من الأطراف السیاسیة المتمثلة في السلطة التنفیذیة لاتخاذ إجراءات للحدّ من الضغوط المالیة والإقتصادیة التي ینوء تحتھا المواطنون الى درجة تراجعت فیھا نسبة الإھتمام بطریقة تنفیذھا للقرارات أقله التي اتخذتھا وبقیت حبرا على ورق سائلا: أین أصبحت مسیرة التدقیق الجنائي؟ وأین أصبحت البطاقة التمویلیة؟ وتابع زمكحل: «للأسف لم یحصل أي إصلاح إقتصادي ولم تتقدم الدولة بأي مشروع حقیقي لكن رأینا إستقالة من المسؤولیة عوضا عن اتخاذ تدابیر تحدّ من الإنھیار الإقتصادي والإجتماعي بل على العكس تماما لقد فوجئنا بسلطة سیاسیة شلّت البلد لا تبالي بمصیر غالبیة الشعب اللبناني ولا یخفى على أحد أن قرارا واحدا لم ینفذ».

لبنان انتقل من الاقتصاد الأبيض الى الاقتصاد الأسود

وأضاف «سنة 2021 ھي سنة التراجع الكبیر حیث راكمت حجما ھائلا من الخسائر الإقتصادیة في كل القطاعات (صناعة وزراعة وخدمات وسیاحة) والكثیر من المواطنین فقدوا أعمالھم بسبب إغلاق الشركات وأزمة المحروقات وارتفعت نسبة البطالة». وعلى الصعید النقدي تحدث عن «التراجع الكبیر للعملة الوطنیة التي أصبحت رھینة السوق السوداء إذ كان التعایش مع الأزمة بامتیاز ترافق ذلك مع إھتراء الدولة بما حال دون قیامھا بوظائفھا في ظل غیاب خطة ورؤیة إقتصادیة تنفیذیة تتفق علیھا مختلف الأطراف، فانتقلنا في البناء من الإقتصاد الأبیض الى الإقتصاد الأسود أي بمعنى آخر الى إقتصاد التھریب وتمویل الإرھاب».  وقال «إنها سنة الذل أي سنة المغامرات المذلة أمام محطات المحروقات والمستشفیات والتسوّل من صیدلیة الى صیدلیة الى اخرى لإیجاد حبّة دواء لتخفیف الأوجاع والمغامرات المذلة امام المستشفیات الخالیة من المعدات الطبیة الضروریة أو یومیات التقنین في التیار الكھربائي فضلا عن المغامرات في السوبرماكات لشراء السلع الأساسیة إما الفقودة أو موجودة بكمیات ضئیلة باتت أسعارھا باھظة».

لا مساعدات خارجية ما لم يتكل اللبنانيون على أنفسهم

ودعا زمكحل المؤمن بلبنان واحد موحد لتكون سنة 2022 سنة التغییر بإعادة بناء لبنان على أسس متینة»، مضیفا: «سوف نقلع أشواكنا بأظافرنا ونعمل بكل قوتنا ، لسنا منجمین كي نتفاءل أو نتشاءم بل علینا أن نكون واقعیین نبني آراءنا على أھداف قصیرة المدى یمكن أن ننفذھا نحن بأنفسنا لإعادة النمو والعیش بكرامة في وطننا»، ووصف اللبنانیین بالأبطال الذین مرّوا ویمروّن في أصعب أیام حیاتھم ویعملون لیلا ونھارا لمواجھة أكبر أزمة إقتصادیة واجتماعیة في العالم. وقال: «في العام 2022 نحن محكومون الیوم بالعمل كجماعات صناعیة وتجاریة وخدماتیة ومصرفیة لنجعل منه عام المرونة إذ لا یمكن الإستمرار كما في السابق ونحن نعلم انه لن تكون مساعدة للبنان ما لم یتكل اللبنانیون على انفسھم أولا بوضع خطة إصلاحیة واضحة بما یسمح بجذب السیولة والحصول على الدعم المالي المطلوب».

رجال وسيدات الأعمال سيستطيعون استقطاب الفرص

وتوقع أن یحمل العام الجدید تداعیات العام 2021 بناء على المسار الذي تطورت به الأزمة وعلى نتائج وتقاریر محلیة وخارجیة للقول أن الأزمة سترخي بتداعیاتھا على كل شيء وكل قطاع في البلاد.

ورأى انه: «بالرغم من كل ما یجري، لقد نجح القطاع الخاص اللبناني في مقاومة الأزمات التي مرّت في لبنان والمنطقة ونجح بجدارته في منافسة الشركات العالمیة»، مشیرا الى أن التجمع الدولي لرجال وسیدات الأعمال اللبنانیین MIDEL الذي أعلن عن تأسیسه الأسبوع الماضي برئاسته «لمواجھة كل خطط عزل لبنان واقتصاده من خلال تثبیت وشراكات ومذكرات تفاھم عدة منھا مع كل من غرف التجارة اللبنانیة – المكسیكیة، واللبنانیة – البرازیلیة، واللبنانیة – الكندیة، واللبنانیة – الإفریقیة، واللبنانیة – الصینیة وغیرھا في القارات الخمس لنبرھن للعالم أن رجال وسیدات الأعمال اللبنانیین سیستطیعون إستقطاب الفرص من ضمن الأزمات».

المصدر - الشرق

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o