Dec 14, 2021 6:14 AM
دوليات

رغم تملص طهران... "حوار" سعودي إيراني بشأن الصواريخ المدمرة

في وقت بدأت السعودية هذا العام محادثات مباشرة وصفتها بأنها ودية مع إيران الذي اعتبرت أن النقاشات قطعت "مسافة جيدة"، عقدت مؤخرا "جلسة حوار" في العاصمة الأردنية، بمشاركة خبراء من الجانبين.

واختتمت في المعهد العربي لدراسات الأمن ومقره عمان، الاثنين، جلسة الحوار الأمني بين السعودية وإيران بمشاركة خبراء من الجانبين، بحسب وكالة الأنباء الأردنية (بترا).

لكن وكالة رويترز نقلت عن دبلوماسي إيراني كبير نفيه لما ورد في بترا قائلا إنه "لم يحضر أي مسؤول إيراني الجلسة التي استضافها المعهد العربي للدراسات الأمنية". فماذا حصل في عمان وما هي مخرجات المباحثات التي وضعت تحت مسمى "جلسة حوار"؟

يجيب مدير العلاقات العامة في المعهد العربي لدراسات الأمن، جمال الأحمد، في حديث لموقع "الحرة"، مشددا على أن ما حصل هو "جلسة حوار وليست محادثات".

والمعهد العربي لدراسات الأمن يعتبر من المؤسسات القليلة المتخصصة في منطقة الشرق الأوسط، وهو معني بمتابعة كل ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل وحظر الانتشار النووي وقضايا الأمن النووي.

وأكد الأحمد أن الجلسة "حضرها خبراء ودبلوماسيين سعوديين وإيرانيين".

بدوره، يرى الباحث الإيراني المتخصص في القضايا الإقليمية والإستراتيجية، حسين رويوران، في حديث لموقع "الحرة"، أن "حصول الجلسة غير مستبعد، لاسيما أن السعودية وإيران قد بدأت بالفعل محادثات من بغداد، وبالتالي من المنطقي عقد لقاءات في دول وأوقات عدة".

وفي وقت سابق من هذا العام، بدأت المملكة وإيران محادثات مباشرة، في وقت تحاول فيه القوى العالمية إنقاذ الاتفاق النووي المبرم مع طهران، بينما تتعثر جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب في اليمن.

ووصفت المملكة، التي قطعت العلاقات مع طهران عام 2016 تلك المحادثات بأنها ودية، لكنها استكشافية فحسب، في حين قال مسؤول إيراني في أكتوبر إن المحادثات قطعت "مسافة جيدة".

وأجريت ثلاث جولات من المباحثات في بغداد برعاية الحكومة العراقية، ما بين أبريل ويونيو الماضيين.

وفي مايو الماضي، أكد الرئيس العراقي، برهم صالح، استضافة بغداد أكثر من جولة محادثات بين السعودية وإيران، في أول إشارة رسمية، آنذاك، إلى هذه المحادثات.

ولم يكشف صالح حينها عن تفاصيل هذه الجولات، معتبرا أنها محادثات "مستمرة، ومهمة، وبارزة".

وعن الأجواء التي كانت سائدة في الجلسة بالعاصمة الأردنية، اعتبر الأحمد أن "الحوار كان على مستوى جيد من التفاهم".

وكذلك كشف الأمين العام للمعهد العربي لدراسات الأمن، أيمن خليل، للوكالة الأردنية، أن "أجواء من الاحترام المتبادل سادت الجلسة، التي أظهرت رغبة متبادلة من الطرفين في تطوير العلاقات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، بما ينعكس على ازدهار شعوب المنطقة".

بينما قال مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، لصحيفة عرب نيوز السعودية، الاثنين، إن المملكة ترغب في إجراء محادثات أكثر موضوعية مع إيران، لكن طهران تنتهج إلى الآن موقفا يتسم بالمماطلة وليست جادة بشأن المحادثات.

وأشار المعلمي إلى أن المحادثات لم تحقق أي نتائج مهمة، مضيفا:"نود دفع هذه المناقشات نحو القضايا الجوهرية التي تتعلق بسلوك الحكومة الإيرانية في المنطقة".

وتابع: "لكن ما دام الإيرانيون يستمرون في عدم الجدية تجاه هذه المحادثات فلن يتحقق أي شيء. الإيرانيون يتخذون موقفا يعتمد على الأمد البعيد. لسنا مهتمين بالمحادثات من أجل المحادثات".

وعن أهم النقاط التي تم تناولها في الجلسة، يقول الأحمد "الإحاطة بالقضايا الأمنية لاسيما فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية الموجهة والمسيرة وليس الباليستية فقط".

وأضاف: "تم التطرق إلى قضايا متعلقة بالملف النووي الإيراني، والتركيز على ضرورة زيادة مستوى الشفافية، لاسيما في الملفات المتعلقة بالدول المجاورة لإيران"، رفضا الكشف عن المزيد من التفاصيل لأنه غير مخول بذلك.

وبحسب وكالة الأنباء الأردنية، ناقشت الجلسة عددا من القضايا الأمنية والتقنية، ركزت على "الحد من تهديد الصواريخ وآليات الإطلاق، والإجراءات الفنية لبناء الثقة بين الطرفين، وتحديدا فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والتعاون في مجال الوقود النووي ومحاور أخرى".

وحول أهمية هذا النوع من الجلسات، يقول رويوران إن "الخلافات المتراكمة عبر السنوات لا يمكن إزالتها فورا، بل تحتاج للعديد من المباحثات والمناقشات".

واعتبر أن "للمسؤولين السعوديين والإيرانيين إرادة سياسية حقيقية في المكاشفة والمصارحة، وهو السبيل الوحيد لرفع جميع الخلافات"، لافتا إلى أن "الاختلافات بين إيران والسعودية ليست بالشكل الذي لا يمكن رفعه".

من جهته، يعتبر الكاتب والباحث السعودي، حسن المصطفى، في حديث لموقع "الحرة"، أن "التفاوض عملية طويلة، تحتاج بناء ثقة، وإجراءات حسن نية، والرياض تنتظر من طهران أفعالا وليس مجرد أقوال".

وشدد على أن بلاده "تريد السلام مع إيران، وفي ذلك مصلحة للبلدين والشعبين، وتخفيف الاحتقان المذهبي، ويمكن أن تؤسس الجلسات لثقة متبادلة من خلال العمل على ملفات مشتركة مثل استقرار أسعار النفط، أو محاربة داعش والقاعدة، أو حفظ أمن الممرات المائية في الخليج أو حتى مكافحة المخدرات".

ولفت المصطفى إلى أنه "لا يمكن أن يقام سلام على أرضية هشة، ولكي تكون الأرضية متينة، من المهم أن يكون الحوار شفافا مباشرا، ويقود لأن يكون هناك تعاون وتنافس إيجابي بين الطرفين، خصوصا أن السعودية لا تزال متوجسة من نوايا إيران النووية وسياساتها الخارجية التوسعية التي يديرها فيلق القدس".

وعما يجب أن تحمله مخرجات المحادثات المشتركة، يشدد المصطفى على أن "أبرز القضايا التي تجب مناقشتها هي تلك المتعلقة بأمن الخليج، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، والكف عن دعم المليشيات المسلحة في العراق التي تجاهر بعدائها للسعودية".

وتابع: "لا بد من وقف تمويل الحوثيين في اليمن بالسلاح، والضغط عليهم لوقف هجماتهم الصاروخية ضد المملكة، والانخراط في الحوار والعملية السلمية، دون نسيان حزب الله في لبنان، الذي راح يرفع مستوى نبرته المضادة لسياسات المملكة، وعمل على دعم الحوثيين لوجستيا وعبر التدريب والرعاية".

بدوره، ألمح الأمين العام للمعهد العربي لدراسات الأمن إلى أن جلسة الحوار سيصدر عنها توصيات، قائلا: "ستعقد المزيد من الجلسات بين الطرفين في وقت قريب، وذلك لمتابعة توصيات الحوار الأمني والتقني وصياغة تفاصيله، دون أن يكشف النقاط الأساسية في هذه التوصيات، وعن الجهة المعنية للنظر بها في كل من البلدين.

وفي سبتمبر الماضي، قال العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "إيران دولة جارة، ونأمل أن تؤدي محادثاتنا الأولية معها إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة، والتمهيد لتحقيق تطلعات شعوبنا في إقامة علاقات تعاون مبنية على الالتزام بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

وذكرت وكالة مهر للأنباء شبه الرسمية في إيران، حينها، أن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، التقى، مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويدعم البلدان حلفاء متنافسين في حروب بالوكالة في اليمن وسوريا ومناطق أخرى. وقطعت الدولتان العلاقات الدبلوماسية في 2016، إثر هجوم على سفارتها في العاصمة الإيرانية وقنصليتها في مشهد (شمال شرق)، نفّذه محتجّون على إعدام المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر.

وتصاعدت حدة التوتر بين الجانبين عام 2019 بعد هجوم على منشآت نفط سعودية، الذي حملت السعودية إيران المسؤولية عنه، وهو اتهام تنفيه طهران. ولا يزال التوتر محتدما في اليمن، حيث يقاتل تحالف تقوده السعودية جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o