Dec 08, 2021 4:23 PM
خاص

حرب العشائر تكرس سقوط هيبة الدولة وكلمة الفصل لكبيرها وحزب الله!

المركزية – بين غياب الدولة وشريعة الغاب التي تتحكم بالأرض في منطقة بعلبك الهرمل حيث يسود نظام العشائر، أكثر من جدار فاصل. فالسلاح المتفلت والحروب اليومية بين العشائر ومشاهد أفرادها المدججين بالسلاح عدا عن تبادل الإتهامات والإستخفاف بهيبة الأمن ومؤسساته يثبت مقولة انهيار الدولة اللبنانية وتحولها إلى مجرد شاهد على كل ما يدور في "ذاك المربع" في ظل عجز فاضح عن اتخاذ أي رد فعل لحسابات عديدة حتى لو وصل الأمر إلى ذقن "شقيق نائب". وما حصل في الأمس لجهة خطف شقيق النائب إيهاب حمادة على يد أفراد من عشيرة الحاج حسن وإطلاق سراحه لاحقا يثبت "إنو ما في ذقن ممشط في المجتمع العشائري". 

في التفاصيل كما يرويها أحد أبناء العشائر في منطقة الهرمل لـ"المركزية" أن عملية خطف وسيم حماده شقيق النائب إيهاب حماده حصلت على خلفية رفض آل حماده إسقاط الدعوى في حق أحد أبناء عشيرة الحاج حسن،  المحكوم عليه بالسجن بسبب إقدامه منذ حوالى 5 أعوام على قتل شقيق النائب حمادة لأسباب شخصية "وتافهة" على حد تعبيره. يومها أصر آل حماده اتباع المسار القانوني وبنتيجة تدخل كبار عشيرة الحاج حسن لحقن الدماء تم تسليم الجاني إلى القضاء. لكن الواضح أن عشيرة آل الحاج حسن التي ينتمي إليها القاتل وهي من العشائر الكبيرة في المنطقة ولها نفوذ على الأرض ترفض الإعتراف بالقانون. وعليه قام عدد من أفرادها بمهاجمة منزل وسيم حماده وأطلقوا النار عليه فأصيبت زوجته في قدميها كما أصيب بدوره في قدميه وتم خطفه واعتقاله في منزل أحد الخاطفين. وما هي إلا ساعات حتى أعيد إطلاق سراحه. 

بحسب المصدر "العشائري" فإن عملية إطلاق سراح المخطوف تمت نتيجة إصابته وتعرضه لنزيف حاد وتدخل عشيرة الحاج حسن وتم نقله إلى أحد المستشفيات. ويؤكد المصدر أن "عشيرة الحاج حسن تدين هذا العمل اللاأخلاقي واللاإنساني الذي ارتكبه بعض أفرادها" لكن العقاب بحسب النظام العشائري يقتصر فقط على الإدانة "شو هني الدولة تا يعلقوا المشانق؟". 

هم أكثر من ذلك. فقانون العشيرة فوق القانون والدولة والعدالة الإنسانية وإلا كيف يمكن تفسير عملية خطف شقيق النائب الذي قتل شقيقه قبل أربعة أعوام على يد أفراد من عشيرة الحاج حسن بهدف الضغط وإجبارهم على إسقاط الدعوى لإطلاق سراح المجرم؟ أكثر من ذلك، من يؤكد أن الأمر انتهى عند هذه التسوية التي توصلت إليها لجنة المصالحة التي تضم مندوبين من كل عشيرة؟ 

واللافت أن على رغم كل ما حصل رفضت عشيرة آل حمادة إسقاط الدعوى مما يعني "ان باب الإنتقام لا يزال مفتوحا وقد لا يقتصر في المرة المقبلة على مجرد عملية خطف، وكل شيء وارد. فالعشائر لا تخضع إلا لقانون العشيرة ومعلوم أن آل حماده لا يحبذون الدخول في إشكالات وصراعات العشائر ويلجأون دائما إلى القضاء. وبحسب شريعة الغاب القوي يأكل الضعيف والعشائرية تتغلب على الطائفة ولا تمتثل إلا لقانون العشيرة والعائلة حتى لو تمّ المسّ بشقيق نائب أو أعلى من ذلك...". 

 

قد يكون عقاب الإدانة أمام الرأي العام بمثابة الحكم بالإعدام في نظام العشائر لكن ماذا عن دور الأجهزة الأمنية؟ يضحك إبن الهرمل في سره ويختم: "هنا لا يوجد قانون ولا أمن وقد يُقتل 50 شخصا وتقوم الدنيا ولا تقعد قبل أن يصل الجيش. لكن هيبة الدولة تحد من كل هذه الإشكالات فيما لو كانت هناك دولة". 

بحسب قول مرجع إجتماعي فاعل في منطقة الهرمل لـ"المركزية" فالمدينة تعدّ بمثابة خزان العشائر في لبنان، وهي تضمّ عشائر من آل زعيتر، علّوه، ناصر الدين، شمص، جعفر، حمادة، علام، والمصري في بريتال وحورتعلا، وشريف في اليمونة، وعشيرة آل مقداد في سهل مقنة، إضافة إلى عشائر أخرى، منها دندش، وكان لها دور في تاريخ لبنان ومعارك الاستقلال، وكان الرئيس صبري حمادة أحد أركانها، وصولاً إلى تمثيلها النيابي في البرلمان". ويلفت إلى "أن الدولة كرست النظام العشائري على عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي عين بطرس عبد الساتر مستشاراً للعشائر للتنسيق مع الدولة وكان يريد من تلك الخطوة استيعابهم واحتضانهم فيما كان المطلوب فتح مدارس وتأمين محيط إجتماعي وإقتصادي يضمن حمايتهم وتكيفهم مع المجتمع". 

ويرى المرجع أن لـ"حزب الله" التأثير الحزبي الأكبر في المنطقة، والتنسيق قائم مع الجيش اللبناني لا سيما خلال عمليات المداهمة التي يتم إبلاغ قيادة الحزب بها قبل حصولها. لافتا أن الإشتباكات التي تحصل بين العشائر غالبا ما تكون "إستعراضية" على قاعدة توازن القوى الذي يتحكم بنظام العشائر، وهناك حرص دائم بعدم سقوط قتيل من أي طرف عشائري لأن الدم حقو غالي والثأر يمتد لمئات السنين". 

في العودة إلى آل حمادة يوضح إبن الهرمل أن عشيرة "آل حمادة تعد من العشائر الصغيرة وتضم وجهاء ومثقفين والنائب إيهاب حمادة شاعر ومثقف وهذه نقطة سلبية في النظام العشائري القائم على مفهوم الدم والقوة والسلاح. ويختم "قد تكون التسوية التي قامت بها لجنة المصالحة كافية لحقن الدماء وتقتصر المسألة على تغريم عشيرة الحاج حسن بالتعويض ماديا. ولن ننسى دور الحزب الذي تعود إليه كلمة الفصل علما أنه يتجنب الدخول في الصراع العشائري ويفضل أن تبقى العشيرة بمثابة الجيش الرديف له". 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o