May 28, 2018 7:15 AM
صحف

معركة التأليف:7 عقد امام الحريري

يصح القول ان الحراك ‏الحكومي بدأ حتى من قبل تكليف الرئيس سعد الحريري الذي يُتوقع منه أن يتجاوز سبع عُقد تواجه التأليف، مع تأكيد غالبية ‏المعنيين أن الحكومة ستُبصر النور في غضون أسابيع قليلة. فأين يمكن أن تبرز بعض ‏‏"العقد السياسية" التي يمكن أن تعرقل مسار التأليف؟

أولاً، العقدة المسيحية: يصح القول فيها إنها الأبرز، لاعتبارات عدة، منها تنوع التمثيل المسيحي وعدم حصريته، ‏فضلاً عن حصة العهد، وعمرها من عمر كل حكومات ما بعد الاستقلال، ولا سيما حكومات الجمهورية الثانية.‎

إذا كانت الحكومة المرتجاة هي حكومة وحدة وطنية، فإن ذلك يقود حتماً إلى البحث عن أوسع تمثيل مسيحي، ‏بحيث تكون معظم الكتل التي فازت في الانتخابات ممثلة حكومياً. وإذا تم اعتماد معيار الثلاثة نواب، قاعدة للتمثيل ‏الوزاري، فإن هذه المعادلة تسري مسيحياً على أحزاب التيار الوطني الحر (18 نائباً حزبياً و11 للعهد بينهم ثلاثة ‏نواب يمثلون الطاشناق)، القوات اللبنانية (15 نائباً)، الكتائب (ثلاثة نواب)، المردة (ثلاثة نواب)، الحزب السوري ‏القومي الاجتماعي (ثلاثة نواب مسيحيين هذه المرة)، كتلة المستقبل (ثلاثة نواب مسيحيين هم هادي حبيش ‏وهنري شديد ونزيه نجم).

إذا قرر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري شطب كل مكوّن يقل عن أربعة نواب، يكون قد حرر نفسه، أولاً من ‏تسمية وزير مسيحي، وبالتالي، قطع الطريق أمام تمثيل القوميين والكتائب، أما المردة، فلا يمكنه تجاوزهم لأنهم ‏بانضمام فريد هيكل الخازن، صاورا يمثلون كتلة من أربعة نواب مسيحيين، بالإضافة إلى تحالفهم مع ثلاثة نواب ‏آخرين هم فيصل كرامي وجهاد الصمد ومصطفى الحسيني.

يمكن كسر هذه المعادلة إذا قرر رئيس الحكومة أن يستثني نفسه منها، بإصراره على أن يتمثل بوزير مسيحي ‏على الأقل، باعتبار ذلك حقاً من حقوق رئيس الحكومة المكلف، فيكون قد قطع الطريق على الكتائب التي لن تجد ‏إلا الرئيس نبيه بري يتضامن معها، ومن بعدها الحزب القومي الذي سيستنجد، في حالة كهذه، بحلفائه جميعاً، ولا ‏سيما حزب الله، للفوز بمقعد وزاري، وعندها، سيكون حزب الله محكوماً هذه المرة بجواب افتراضي: من حقك أن ‏تتمثل كحزب، لكن ليس من الحصة الشيعية هذه المرة. هل يتطور موقف الحزب لاحقاً إلى حدّ القول إنه لا ‏يشارك في حكومة لا يتمثل فيها الحزب القومي، أم يعتبر أن أولوية التأليف، وبشروط الحد الأدنى، قد تجعله ‏يصرف النظر عن مشاركة القوميين في الحكومة؟

تبقى هناك عدة نقاط مرتبطة بما يسمى "العقد المسيحية"، أولاها، ماذا إذا قرر سليمان فرنجية أن يسمي فريد ‏هيكل الخازن وزيراً مارونياً عن "التكتل الوطني" وليس وزيراً ينتمي إلى تيار المردة، هل يوقّع رئيس ‏الجمهورية مرسوماً حكومياً كهذا؟

ثانية العقد، متصلة بالنسب والتناسب، بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية: إذا كان التيار يرى أن من حقه أن ‏يتمثل بستة وزراء (الكتلة الأكبر مسيحياً)، ويصرّ على عدم إعطاء القوات اللبنانية أكثر من "حجمها الطبيعي"، ‏أي ثلاثة وزراء في الحد الأقصى، وليس بينهم بطبيعة الحال موقع نائب رئيس الحكومة (المحسوم على الأرجح ‏للنائب إلياس بو صعب)، ولا أي حقيبة سيادية (لا الدفاع ولا الخارجية على قاعدة أن الداخلية ستبقى في عهدة ‏تيار المستقبل)، هل يمكن أن يمضي رئيس الحكومة بحكومة إذا قررت القوات أن لا تشارك فيها احتجاجاً على ‏الحصة التي ستعطى لها (مقاعد وحقائب)؟

ثالثة العقد مرتبطة بحصة التيار الوطني الحر والعهد: من يضع الحد الفاصل بين الحصتين، خصوصاً أن العهد ‏يتمثل عملياً بالكتلة النيابية للتيار، لا بل إننا للمرة الأولى منذ الطائف حتى الآن أمام معادلة "رئيس الجمهوري ‏القوي"، أي الرئيس الذي يمتلك كتلة نيابية وازنة وأساسية. فهل ما يسري على الياس الهراوي وإميل لحود ‏وميشال سليمان يسري أيضاً على ميشال عون، أم أنه صار للرئاسة مضمونها المختلف الآن؟ وهل يمكن أن ‏تتعدى حصة العهد المقاعد المسيحية (استنساخ تجربة ميشال سليمان أيضاً)؟

رابعاً، العقدة الدرزية: إذا صحت فرضية أن "تركيب" كتلة للنائب طلال أرسلان هدفها ضمان توزيره في ‏الحكومة الجديدة، من ضمن حصة رئيس الجمهورية، فإن ذلك سيثير إشكالية مفتوحة أصلاً: هل هناك من يريد ‏اللعب بـ"البيت الدرزي"، وبالتالي الإخلال بتوازنات الجبل؟ وماذا لو قرر وليد جنبلاط أن لا يتمثل في الحكومة ‏إذا حُرم من حق تسمية الوزراء الدروز الثلاثة؟ وهل يملك العهد فائضاً من المقاعد المسيحية، حتى يعرض على ‏جنبلاط مقعداً وزارياً مسيحياً؟

خامساً، العقدة الشيعية: لا عقدة شيعية حقيقية في ظل توافق حزب الله وحركة أمل على اقتسام المقاعد مناصفة، ‏لكن ما يصح هنا، ويسري على باقي المكونات، سيكون مرتبطاً بطبيعة الحقائب التي سيحصل عليها الطرفان، ‏خصوصاً في ظل مطالبة حزب الله بأن يتمثل هذه المرة بشكل مختلف عن السابق. حتى إن الحديث عن قبول ‏الحزب بجوائز ترضية من نوع وزارة دولة لشؤون مكافحة الفساد أو وزارة دولة لشؤون التخطيط، يبدو حتى ‏الآن، في معرض الاجتهاد أكثر منه تعبيراً عن موقف الحزب الحقيقي. طبعاً، أسهم في تذليل العقدة الشيعية، بشكل ‏مبكر، التسليم للرئيس نبيه بري ببقاء وزارة المال ضمن حصة الطائفة الشيعية.

سادساً، العقدة السنية: بطبيعة الحال، سيكون للرئيس الحريري أن يسمي أغلبية الوزراء السنّة، لكنه يواجه معضلة ‏عشرة نواب سنة أفرزتهم الانتخابات النيابية من خارج لوائحه، إلا إذا استثنينا منهم النائب الاشتراكي بلال عبدالله ‏حليف تيار المستقبل انتخابياً. هؤلاء يحق لهم نظرياً أن يتمثلوا بوزيرين في الحد الأقصى، وبوزير في الحد ‏الأدنى، فهل سيقبل رئيس الحكومة بذلك؟ وماذا إذا اشترط رئيس الجمهورية أن يكون له الحق في تسمية وزير ‏سنّي من خارج هذا الفريق الذي فاز في الانتخابات النيابية؟

سابعاً، عقدة "الفيتوات": في الحكومة السابقة، أدى "الفيتو" على الوزير علي حسن خليل إلى تثبيته في وزارة ‏المالية. لذلك، لم يتجرّأ التيار الوطني الحر على وضع "فيتو" على اي اسم في العلن. يسري ذلك أيضاً على العهد، ‏لكن ثمة سؤال، ماذا إذا صحت فرضية "الفيتوات"، وآخرها تهديد الوزير الياس بو صعب المبطّن للوزير ملحم ‏رياشي بوضع "فيتو" على ترشيحه للحكومة، من خلال تغريدته التي قال فيها "كان أفضل لو صام الشاطر عن ‏الكلام حفاظاً على نجاحه بملف مهم، لكن وبعد ما قرأناه اليوم أقول غلطة الشاطر بألف". تسري عقدة "الفيتوات" ‏أيضاً على الحريري، خصوصاً في ضوء ما نقل عنه قبل أربعة أيام من أنه لن يضع تشكيلة وزارية فيها وزير ‏ينتمي إلى "سنّة 8 آذار"!

الاخبار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o