Oct 28, 2021 3:33 PM
خاص

عندما يلتقي "الكبار" في قمة العشرين... هل يحضر لبنان؟

المركزية – اليوم الخميس تحمل الطائرة "إير فورس وان" الرئيس الأميركي جو بايدن الى روما للمشاركة في قمة مجموعة العشرين الصناعية التي ستعقد في 30 و31 الجاري. ومن فرنسا يصل الرئيس ايمانويل ماكرون حيث سيلتقي الرجلان، على هامش القمة، في أول لقاء لهما بعد توتر دبلوماسي شديد من جراء خسارة باريس صفقة غواصات مع أستراليا بعد تحالف أمني مع واشنطن.  

كما تتجه الأنظار الى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولقائه بايدن، خاصة وان العلاقات بين أنقرة وواشنطن ليست على ما يرام، وأن البلدين بحاجة إلى "تسوية" القضايا المتعلقة بشراء أنقرة نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400.  

في المقابل، سيشارك الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ في القمة عبر الفيديو، وقد يكون هذا الغياب لمصلحة الولايات المتحدة أو تضييعاً لفرصة، خصوصاً مع الصين، لأن الدولتين على خلاف متزايد بشأن التجارة والوصول إلى بحر الصين الجنوبي وتهديد بكين المتزايد لتايوان، فبسبب التوتر بين البلدين قد يكون من الصعب على قمة العشرين التوصل إلى توافق. فما هي أهمية هذه اللقاءات التي ستعقد على هامش القمة؟  

مدير مركز المشرق للدراسات الدكتور سامي نادر يقول لـ"المركزية": "لقاء بايدن -ماكرون جاء بعد أزمة كبيرة بسبب صفقة الغواصات والعقد الذي انفرط بين فرنسا واستراليا بسبب خلاف استراتيجي حول كيفية مقاربة صعود الصين وليس بسبب صراع بين جارين او فقط الاطاحة بالعقد. هذا التحدي الجديد يمكن مقاربته من زاويتين: العقيدة الاميركية الحالية التي ترى ان الصين اصبحت نوعا من الخصم وبالتالي لا بد من مواجهتها. واليوم هذا الـ"اوكس" او التحالف الثلاثي بين استراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، الذي ظهر مع الاعلان عن إلغاء عقد وتوقيع عقد جديد ليس الا حجراً في التحالف الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة الخطر الصيني. وهذا، له مدماك آخر، "الكواد"، اي كوريا الجنوبية واليابان والهند واستراليا. في المقابل، هناك المقاربة الفرنسية الالمانية التي تعتبر الصين منافسا ولكن شريكا في الوقت نفسه، لا بد من التنسيق معه في امور لها علاقة بالمناخ وغيرها".  

أضاف نادر: "فرط العقد وهذا الخلاف ظهر الى العلن وهدد تركيبة اساسية في اللعبة ألا وهي تركيبة "الناتو"، وفرنسا هي عضو اساسي فيه وهناك شراكة اطلسية هُددت وحاولت الولايات المتحدة ان تلملم القطع المبعثرة، وبالتالي فإن لقاء بايدن –ماكرون اساسي. صحيح أنه جرى نوع من المحاولة للملمة الاضرار التي حصلت لكن فرنسا ما زالت تطلب خطوات ملموسة وليس مجرد وعود، وبالتالي هذا اللقاء بين بايدن وماكرون سيكون حاسما في هذا الاتجاه، وفي كيفية اعادة لملمة وانقاذ الشراكة الفرنسية الاميركية، الشراكة الاطلسية، وتحالف الناتو بشكل عام والاتفاق على توزيع الادوار. اعتقد انهما سيظلان مختلفين حول مقاربتهما للصين، وسيقفزان على الموضوع الاساسي، وستكون هناك شراكة بينهما في أمكنة أخرى، وهذا متوقع، شراكة في اوروبا او في افريقيا مثلاً، فهناك مسألة مالي ومواجهة داعش، وربما في المسألة اللبنانية يكرس دور اكبر للفرنسيين، لا نعلم. علينا ان ننتظر نتيجة هذا اللقاء. ولكن يمكن وضعه في إطار الازمة وإعادة توزيع الادوار في المرحلة السابقة من اجل انقاذ هذه الشراكة. ولدى الطرفين مصلحة في انقاذ هذه الشراكة".  

اما عن لقاء اردوغان بايدن، فقال: "الرئيس التركي يلعب دوراً اساسياً ويشكل تحدياً بالنسبة للولايات المتحدة، لم يعد في موقع الشريك في مسألة السودان، واصبحت تركيا تلعب ضد المصالح الاميركية في سوريا واثيوبيا، وتهدد. هناك حرتقة على المصالح الاميركية، وهناك امر خطير جدا يحصل نتيجة هذا التمايز، ألا وهو التقارب الروسي -التركي وشراء الاسلحة، وخصوصا الـ S400 من روسيا، الأمر الذي يشكل تحولاً استراتيجياً مهماً، لانه يعرّض كل المنظومة العسكرية، لأن الناتو برمتها مبنية على التكامل العسكري، وعندما يتم إدخال سلاح من الخارج، فهذا يعني انه يكشف منظومته العسكرية لفريق، تصنّفه الولايات المتحدة على أنه خصم، ان لم نقل عدواً".  

وتابع نادر: "بالطبع هناك نقاط تقارب، فرغم كل ذلك، ما زالت تركيا في حلف الناتو، لم تخرج، رغم كل شيء قد يصار الى تعاون مع تركيا في تثبيت الاستقرار في سوريا، للضغط على نظام الاسد. للتوازن مع الاتراك والايرانيين، فنحن بحاجة الى الاتراك في المسألة الاوروبية، وقد يتلاقيان حول مسألة الايغور في الصين والاقليات، ولكن نقاط الاختلاف اصبحت كبيرة جدا بين تركيا والولايات المتحدة، ونرى تداعياتها على المستوى الاقتصادي وانهيار الليرة التركية، نتيجة هذا اللعب على التوتر الجيوسياسي العالي".  

وعن عدم حضور الرئيسين الروسي والصيني، أجاب: "الاجواء اليوم بين الكبار غير مرتاحة ولم تصل الى التضارب بعد بل هي اجواء مواجهة وتشنج كي لا نقول تصعيدا بين الولايات المتحدة والصين، وبينها وبين روسيا ايضاً. الاجواء مختلفة بالنسبة لروسيا عما كانت عليه ايام الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي لعب على استمالة روسيا ضد الصين، رغم كل الانتقادات في الداخل وانه سمح لروسيا بالتدخل في الانتخابات وصولا الى حد اتهامه بأنه عميل روسي. لكن اذا نظرنا الى التقارب الحاصل بين روسيا والصين نفهم لماذا لا تشاركان شخصيا في القمة"، لافتاً الى أن ترامب "لم يكن تصرفه كرد فعل شخصي او مصلحة آنية، بل قرأ مطبخه السياسي موازين القوى بشكل جيد، وفهم ان التحدي الكبير بالنسبة الى واشنطن اليوم هو الصعود الصيني، لأن المستوى الذي بلغته الصين على اقتصاديا وتكنولوجيا، يجعل منها التحدي الاول بالنسبة للولايات المتحدة ويجب احتواؤها. فركّب "الكواد" بما فيها واستمال روسيا لمواجهة الصين. اليوم المقاربة مختلفة، ولذلك، اتجهت روسيا اكثر باتجاه الصين، وعدم وجودهما معاً في القمة، دليل الى تقاربهما. ولننظر ايضا كيف ان هذا المحور شكل دافعا بالنسبة لايران لعدم المشاركة ايضا. فطهران تجرجر أذيالها، وتقول تارة بأنها ذاهبة الى الاتفاق النووي وطورا لا. لماذا؟ لأنها بدأت تعمل على الخيار الآخر وهو التوجه شرقا، وتوطيد العلاقات مع روسيا والصين التي قد تشكل محوراً او قطباً آخر قادرا على مواجهة الولايات المتحدة".   

عن تأثير كل هذه المتغيرات اقليميا، يقول نادر: "اتصور ان هذه اللعبة الكبيرة لها تداعياتها على مستوى الشرق الاوسط، وقد تحدثنا عن تداعياتها الكبيرة على العلاقة مع ايران، هذا الملف الذي يحكم كل التوازنات في الشرق الاوسط. فكل بلد وكل ساحة مهما كانت صغيرة بحجم الساحة اللبنانية، محكومة بملف المواجهة مع ايران، وكلما اتجهت الامور نحو التصعيد كما هو حاصل اليوم، توترت هذه الساحات، وهذا ما نشهده حالياً. والتصعيد  من حزب الله ضد الولايات المتحدة ليس الا انعكاسا لهذا التوتر ".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o