برلمان 2018: بري للمرة السادسة وتوازن مختل
تبدأ مع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس مرحلة جديدة نظرياً، فيما يصعب التكهن بمدى التغيير الذي ستحمله واقعياً وعملياً على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن استحقاق انطلاقة مجلس النواب الجديد على أهميته لا يكفي وحده لاستقراء قابلية القوى السياسية لاعلان نفضة على الحقبة السابقة انسجاماً مع معظم وعود هذه القوى لناخبيها وقواعدها ابان الحملات الانتخابية الاخيرة. فصورة الاستعدادات لاحداث تغييرات بنيوية في الواقع المأزوم داخليا على كل الصعد ستنتظر الاستحقاق الحكومي وطبيعة تشكيلة الحكومة الجديدة التي غالباً ما اعتبر العهد العوني ان عهده الحقيقي سيبدأ معها. واذ سجلت في هذا السياق ظاهرة لافتة تمثلت في مسارعة كتل نيابية عدة الى تسمية الرئيس سعد الحريري سلفاً لرئاسة الوزراء أسوة بتسمية الرئيس بري لرئاسة المجلس، اعتبرت أوساط سياسية معنية بالاستحقاقين ان الخلاصات الأولى التي يتركها التأييد المزدوج لتزكية عودة برّي الى رئاسة المجلس والحريري الى رئاسة الحكومة تعكس ضمناً اعادة ربط حقبة ما بعد الانتخابات النيابية بما قبلها لجهة تثبيت التسوية السياسية التي قامت في البلاد لدى انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. ومع ان الحقبة الجديدة ستشهد متغيرات لا بد منها في ظل الخلاصات والنتائج العميقة للانتخابات التي تفرض أخذ المسارات الداخلية في اتجاهات اصلاحية لا مفر منها، فإن مسار التسوية في اطاره العام لن يتبدل بموافقات جماعية واضحة وهو أمر يعد لمصلحة الاستقرار الداخلي ومواجهة التحديات الخطيرة الخارجية التي تتهدد البلاد.
وتبعاً لذلك سيكون برلمان 2018 بدءاً من انطلاقته اليوم أمام تحد من نوع مختلف اذ انه سيرث مجلساً مدد لنفسه ثلاث مرات وشهد على أطول وأخطر أزمة فراغ رئاسي وكانت له تجارب مريرة مع الانقسامات السياسية الحادة بين فريقي 14 آذار و8 آذار وانعكاساتها على عمل المؤسسات. ومع انطلاقة المجلس الجديد ستكون معظم معالم هذه "التركة" قد زالت لجهة اختلاف ميزان القوى داخل المجلس العتيد. لكن الأوساط لفتت الى ان ثمة أمراً لا يمكن تجاهله لدى انعقاد الهيئة العامة للمجلس اليوم هو تراجع ميزان القوى لمصلحة قوى 8 آذار في ظل اضمحلال تحالف 14 آذار وتفرق قواه من جهة، كما في ظل واقع آخر يصعب القفز فوقه وهو وصول عدد من النواب الاضافيين من حلفاء النظام السوري الى المجلس الجديد للمرة الاولى منذ عام 2005. وهي معالم ستحضر رمزياً وواقعياً مع انعقاد الجلسة الاولى لبرلمان 2018.
"النهار"