Sep 18, 2021 3:55 PM
تحليل سياسي

الحكومة: ثقة نيابية كبيرة وتشكيكٌ شعبي ودولي أكبر!
في انتظار الخطط الوزارية: الازمات والطوابير على حالها.. والسيادة تُنتهك بحرا بعد البرّ؟
أطنان نيترات بقاعا: هل تكشف "الداخلية" أصحابَها؟ الشرعي الاعلى: لرفع كل الحصانات

المركزية- اذا كان نيل الحكومة الوليدة ثقة مجلس النواب الاثنين المقبل، مضمونا، بعد ان جمعت على طاولتها معظمَ القوى السياسية في تركيبةٍ سياسية بوضوح لم يُحترم فيها معيارُ الاستقلالية او الاختصاص، فإن نجاحها في إنقاذ البلاد من الجحيم الذي تتخبط فيه، غير مضمون، وقد شكّك فيه ليس فقط الرأي العام اللبناني الشعبي والسياسيّ المعارِض، ومعهم دبلوماسيون عرب واجانب، بل ايضا مرجعيات دولية بارزة ومنها وكالة بلومبرغ التي قالت في الساعات الماضية ان "عودة نجيب ميقاتي إلى السلطة كرئيس للوزراء أو التركيبة المألوفة لحكومته الجديدة لا توحي فعلا بالثقة"، مشيرة الى ان "القيادات السياسية في البلاد، خاصة حزب الله لم يوافق على تشكيل الحكومة إلا لأنّ خيار المزيد من المماطلة لم يعد متوفرا"، معتبرة ان قرار رفع الدعم الذي اتخذه المركزي "أجبر السياسيين على إعادة ترتيب الكراسي. فمن دون المحروقات، تنعدم الكهرباء والمواصلات والعديد من الحاجات الأساسية للمجتمع الحديث"... وليس رفع الحكومة تحدي الانقاذ الاقتصادي وحده موضع تشكيك، بل يضاف اليه تحدّي الدفاع عن هيبة الدولة وسيادتها المنتهكتين "الشهيدتين". فبعد ان تجاوزها حزبُ الله بقرار نقل النفط الايراني الى لبنان والذي اكتفى ميقاتي بالاعراب عن حزنه لحصوله، مقرّا بأن لا قرار للحكومة في هذه المسألة، ها هو العدو الاسرائيلي يستعد ايضا للمس بحقوقنا النفطية البحريّة، مستفيدا من تباين القيادات اللبنانية في مقاربة مسألة ترسيم الحدود ما علّق مفاوضات الناقورة... فهل اهل الحكومة على "قلب واحد" وموقف واحد، ماليا واصلاحيا وسياديا، بما يمكّنهم من تفكيك هذه الالغام كلّها؟ ام ان مجلس الوزراء بيتٌ بمنازل كثيرة بما يجعل فرضية انفجار هذه الالغام على طاولته، مرجحة؟

الثقة الاثنين: الاثنين المقبل اذا، تعقد في الاونيسكو جلسة لمجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري والتصويت على منح الحكومة الثقة. وفي وقت يرجح ان تكتفي كل كتلة بمداخلة واحدة، ستحصل الحكومة على ثقة كافية ووافية تلامس المئة صوت، ولن يحجبها عنها الا تكتل الجمهورية القوية وعدد من النواب المستقلّين. اما تكتل لبنان القوي فبات منحه الحكومة الثقة شبه محسوم. في السياق، رأت الهيئة السياسية في التيّار الوطني الحرّ اثر اجتماعها الدوري أن "البيان الوزاري تضمّن مطالب التيّار التي وردت في بيان التكتل الأخير ولاسيما كل ما يتصل بالإصلاحات المالية والنقدية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي ومكافحة الفساد وتوفير شبكة الأمان الاجتماعي والتدقيق الجنائي وإعادة الأموال المحوّلة إلى الخارج والكابيتال كونترول والفوائد المشجعة للاقتصاد المنتج والبطاقة التمويليّة والانتخابات ومشاركة المغتربين والتحقيق في انفجار المرفأ وإعادة إعماره وتنفيذ ورقة سياسة النزوح  وإقرار قانون اللامركزيّة الإدارية". كما ابدت الهيئة "ارتياحها لتوقيع عقد التدقيق الجنائي وترى أن العبرة بالتنفيذ، وأكدت أن إصرار رئيس الجمهورية عليه أعطى ثماره خصوصاً أن صندوق النقد والهيئات الدولية تشترط قيام لبنان بالتدقيقات المالية اللازمة وصولاً إلى الشفافية التي تعيد الثقة وتفتح باب الحصول على المساعدات". ورأت ان "آن الأوان أن تكفّ بعض القوى والكتل النيابية عن سياسة النكدّ بحرمان اللبنانيين من الكهرباء".

ورشة سريعة: وفيما بدا هذا الموقف التصعيدي كهربائيا موجّها الى زملاء التيار في الحكومة قبل خصومه، فإن الاوضاع المعيشية بلا معالجات بعد، وسيتعيّن على الحكومة فور نيلها الثقة، الشروع في ورشة عمل سريعة لرسم خطط اولية لمعالجة القضايا الملحّة التي ما عادت تحتمل تأجيلا وأبرزها الطوابير امام محطات المحروقات والانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي، والشح في الدواء، وذلك قبل ان تتفرّغ لمفاوضاتها مع صندوق النقد ولتهدئة تقلّبات الدولار...

تحسّن الاثنين؟: وبينما لم تلمس البلاد نتائج شحنات الفيول العراقي ولا المازوت الايراني الذي وصلت دفعة جديدة منه مساء امس عبر سوريا، لم يبدّل رفع الدعم نهائيا عن المحروقات ولو في شكل مبطّن، امس، في المشهد على الارض اليوم. فالمواطنون وقفوا لساعات في صفوف لا تنتهي للحصول على البنزين وقد بقيت محطاتٌ كثيرة مقفلة لانها لم تستلم المحروقات او خوفا من الاشكالات. في هذا الاطار، أشار عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات، جورج البراكس، إلى أن "كنا نحذر من أن نصل لوقت لا يتوفر فيه البنزين، والآن تم رفع الدعم وصدر جدول اسعار جديد". وأكد، في حديث إذاعي أن "الشركات ستبدأ بالتوزيع، وهناك شركات تنتظر البواخر، وسيكون هناك تحسن الإثنين". وعن المازوت الايراني، رأى البراكس أن "الكميات التي ستأتي من إيران ستسد حاجة صغيرة مثل المستشفيات، ولكن لن يكون بإمكانها تغطية كل القطاعات، أو أخذ دور الشركات المستوردة". ولفت إلى أن "طالما البنزين لا يكفي حاجة السوق، فستظل الطوابير موجودة امام المحطات، والمطلوب حل وتحرير الاستيراد".

لمَن النيترات؟: وسط هذه الاجواء التي تركت المواطنين وقطاعات النقل والاستشفاء والسياحة والخبز، في حال ضياع وتخبط، قفز الهمّ الامني الى الواجهة من جديد، من بوابة البقاع هذه المرة. فقد تم ضبط شاحنة محملة بـ 20 طنا من نيترات الأمونيوم في بدنايل. وتفقّد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي المكان وهو كان عقد اجتماعا أمنيا في زحلة قبل ان ينتقل الى بلدة بدنايل... وسألت مصادر معارضة عما اذا كان سيتم الكشف عن الجهة التي ستسخدم هذه المواد، وما اذا كانت للزراعة، ام مرتبطة بما حكي في الاشهر الماضية عن دور لحزب الله بنقل النيترات من المرفأ، قبيل انفجاره، الى مناطق نفوذه، مضيفة "هل يمكن لوزير الداخلية الجديد ان يقول الحقيقة كما هي للبنانيين"؟

الاستنساب والعدالة: وليس بعيدا من جريمة المرفأ، التي يختلف اركان الحكومة ايضا في مقاربة تحقيقاتها ما يثير مخاوف من خلافات ستنشب سريعا بينهم في شأنها، وبينما افيد اليوم ان دورية من امن الدولة حضرت الى منزل رئيس الحكومة السابق حسان دياب بغية تنفيذ مذكرة الاحضار الصادرة في حقه وتم اتخاذ الاجراءات المرعية بفعل غيابه، دعا المجلس الشرعي الاسلامي "الى رفع كل الحصانات دون استثناء من خلال إصدار قانون جديد في المجلس النيابي، ولمنع إدخال هذا الملف في الاستنساب والانتقام السياسي تأكيدا لما طالب به مفتي الجمهورية، واي ملاحقة انتقائية لرؤساء أو وزراء وغيرهم تجعل عملية هذه المحاكمة في حال خلل جوهري وتصبح عملا من أعمال الاستهداف والانتقام، وتجاهل للآليات الدستورية والقانونية، وهذه الآليات الدستورية والقانونية ينبغي أن تكون من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء المنصوص عليه في الدستور اللبناني، كي لا يتم التعارض مع مضمون الأنظمة والقوانين التي أقرها المجلس النيابي والمتضمنة للأسس التي بموجبها يحاكم الرؤساء والوزراء في حال مخالفاتهم أو التهاون في مهامهم وبذلك تحفظ مقومات بناء الدولة ونتجنب الاستنسابيات في القضايا العامة وبهذا تسلك العدالة طريقها الصحيح. ان الانتقاء والاستنساب لا يصنع عدالة، ولا ينتج حقا أو حقيقة".

بري للخارجية: على صعيد آخر، وتعليقاً على التقارير الواردة حول فوز شركة هاليبرتون بعقد للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وفلسطين المحتلة، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري وزارة الخارجية اللبنانية الى تحرك عاجل وفوري بإتجاه مجلس الامن والمجتمع الدولي للتحقق من إحتمالية حصول إعتداء إسرائيلي جديد على السيادة والحقوق اللبنانية. وأكّد بري أن "قيام الكيان الاسرائيلي بإجراء تلزيمات وإبرام لعقود تنقيب في البحر لشركة هاليبرتون أو سواها من الشركات في المنطقة المتنازع عليها في البحر يمثل نقضاً لا بل نسفاً لإتفاق الاطار الذي رعته الولايات المتحدة الاميركية والأمم المتحدة"، معتبراً ان "تلكؤ ومماطلة تحالف شركات توتال نوفاتك وإيني في المباشرة بعمليات التنقيب والتي كان من المفترض البدء بها قبل عدة شهور في البلوك رقم 9 من الجانب اللبناني للحدود البحرية يطرح علامات تساؤلات كبرى"، مؤكداً ان "تمادي الكيان الاسرائيلي في عدوانيته هذه يمثل تهديداً للامن والسلام الدوليين".

دفن آخر شبر: من جانبه، غرّد رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط عبر "تويتر": "أعلنت شركة Halliburton  فوزها بعقد حفر آبار نفط في المنطقة المتنازع عليها مع اسرائيل. نفس المنطقة التي كدنا نستعيد قسماً منها لولا المزايدات. هذا يعني دفن آخر شبر سيادة في لبنان على ثرواته ومقدراته".

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o