Sep 14, 2021 6:20 AM
صحف

1.135 مليار دولار قيمة حقوق السحب الخاصة... لإنفاقها بقانون وعدم هدرها

تبلغت وزارة المال من صندوق النقد الدولي أن لبنان سيتسلم في 16 أيلول الجاري نحو مليار و135 مليون دولار هي حصة لبنان الخاصة من أكبر توزيع لمخصصات حقوق السحب الخاصة (SDR) في تاريخ صندوق النقد الدولي بقيمة تعادل نحو 650 مليار دولار والتي أقرها الصندوق بشكل نهائي في 23 آب الفائت. حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة عن العام 2021 سجلت ما يقارب 860 مليون دولار، وهي الاموال التي كان يجب ان تصل الى لبنان منتصف الشهر الجاري، لكن اللافت ان للبنان حصة أيضا من حقوق السحب الخاصة التي استحقت في العام 2009 ولم يستفد منها، فبادر الصندوق الى ابلاغ السلطات اللبنانية بإمكان الحصول عليها. وبالفعل طلبت وزارة المال من الصندوق تحويل قيمة حقوق السحب الخاصة المتاحة للبنان والعائدة للعام 2009 وقيمتها 275 مليون دولار تضاف الى مبلغ الـ 860 مليون دولار، ما يعني ان 1.135 مليار دولار ستدخل حساب الاحتياطات الاجنبية لدى مصرف لبنان في 16 أيلول الجاري.

وحِفاظًا على قيمة هذه الأصول، وحُسن استخدامها، نظرًا الى أهمّيتها التي توازي أهمّية احتياطات الذّهب، لندرة الحصول عليها من جهة، ولما يُعانيه لبنان من أزمات خانقة من جهة أُخرى، ولما كان من الثابت أنه يُخشى من التصرُّف بهذه الحقوق بشكل عَبَثي، وأن تُهْدَر عائداتها هباءً، كمثل إمكانية إستخدامها في الدّعم الموازي للتهريب الشرعي وغير الشرعي، تقدم نواب تكتل "الجمهورية القوية" باقتراح قانون معجل مكرر يهدف إلى تنظيم كيفية التصرُّف بهذه الحقوق بَيعًا وتفرُّغًا، وحَصْر استخدام عائداتها بما يضمن فعاليتها في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي بحَسَب الأولويات، ولحظ الاقتراح ضرورة إدراجه على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية عامة، لمُناقشته وإقراره، واعتبار الأسباب الموجبة بمثابة مُذكّرة تُبرِّر العجلة، عملاً بأحكام المادة/110/ من النظام الداخلي لمجلس النوّاب.

في تفاصيل اقتراح القانون المقدَّم، يُحظر التصرُّف بحقوق السَّحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد الدولي، بَيعًا أو تفرُّغًا، رهْنًا أو تأمينًا، إيداعًا أو أمانةً أو ضمانةً، إلاّ بموجب قانون يصدر عن مجلس النوّاب. كما يُحصر استخدام كامل عائدات التصرُّف بالحقوق والمومأ إليها أعلاه، بتمويل البطاقة التمويلية، المنصوص عنها في القانون الرقم 320/2021 حصْرًا، على أن يُستعان بمؤسسات دَولية ضامنة للتنفيذ العادل والشفاف.

في هذا السياق، حذر نائب رئيس مجلس الوزارء سابقا غسان حاصباني لـ"النهار" من إهدار هذه الاموال التي تعتبر فرصة لن تتكرر قريبا، فيما المخاوف من هدرها مثلما حصل مع كل الاحتياط الاجنبي الذي كان موجودا في مصرف لبنان وذهب الى الدعم العشوائي، أو حتى يتساءل ما إذا كان سيتم استخدام هذه الاموال لدعم ما يصفه بـ"شهر عسل" الحكومة الجديدة لشراء بعض الوقت الى حين البحث في حلول أخرى بعد رفع الدعم. لذلك فان إستخدام هذه الاموال يجب ان يكون بطريقة مدروسة بدقة على ان يأتي ضمن حل شامل وخطة واضحة ومتكاملة. كما يؤكد حاصباني ان هذه الاموال وفي الظروف العادية، يمكن وصفها بالدفعة الاولى غير المشروطة ضمن أي برنامج تمويلي يمكن الاتفاق حوله مع صندوق النقد الدولي والذي يمكن ان يصل حجمه بالنسبة الى لبنان الى ما يقارب 2.1 ملياري دولار تقريبا.

في هذه المرحلة يشهد لبنان على رفع تلقائي للدعم نتيجة نفاد الاموال بالعملات الصعبة لتمويل أي دعم إضافي، ولتفادي هدر اموال حقوق السحب الخاصة على اي خطوة غير مدروسة للدعم العشوائي مثلما حصل في الفترة الماضية، ويذهب جزء كبير من هذه الاموال الى التهريب والتخزين والاحتكار بالنسبة الى المحروقات والادوية وغيرها، وبالتالي يجب حاليا تركيز إستخدام اموال حقوق السحب على تأمين وتعزيز شبكة أمان إجتماعية للبنانيين لمواجهة هذه المرحلة الصعبة ريثما تتم الاصلاحات المطلوبة التي توصي بها كل الجهات والمؤسسات الدولية والدول المانحة والخبراء في الداخل والخارج. من هنا، يشدد حاصباني على ضرورة حصر توزيع الاموال الجديدة ببطاقة تمويلية مبنية على منصة رقمية وبالتالي عدم توزيع الاموال نقدا بل عبر بطاقة الكترونية للمستحقين من العائلات اللبنانية الاكثر حاجة، ويمكن الانطلاق من العائلات التي تم تحديد عددها قرب 750 الف عائلة على ان يصار الى التداول بهذه البطاقة بين هذه العائلات والمحال التجارية ونقاط البيع. ولتغطية كلفة الاستيراد يقوم مصرف لبنان باستخدام الاموال الاجنبية لتمويل هذا الاستيراد وتأمين الدولارات، وبالتالي تبقى قيمة الاموال محفوظة ولا نشهد أي تسرب للدولار النقدي الى السوق السوداء او الى خارج الحدود عبر التهريب، وفي الوقت ذاته هذه العملية تساهم في الحد من طباعة الليرة اللبنانية مع قدرة أفضل على تتبع كيفية إنفاق هذه الاموال. كما يؤكد حاصباني إمكانية إستخدام هذه البطاقة الإلكترونية لشراء الادوية وتغطية النفقات الاستشفائية والفاتورة الصحية ما يرفع بالتأكيد قيمة البطاقة التمويلية التي يُنتظر ان تدخل حيز التنفيذ.

من جهته، لفت الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور أنيس أبو ذياب، عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى موضوع المليار و135 مليون دولار، وهي حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة المقدمة من صندوق النقد الدولي، والتي تأتي هذه المرة من دون شروط، على عكس المرات السابقة التي تستخدم عادة لتعزيز الاحتياطات في المصارف المركزية، مقترحاً استخدامها لدعم البطاقة التمويلية، وبجزءٍ منها لتحسين ميزان المدفوعات، وإمكانية استعادة الثقة في ظل حكومة تقوم بالإصلاحات عن طريق دعم الدواء والقمح، وإعادة دعم القطاعات المالية المتعثّرة مثل الكهرباء وغيرها، مشدداً على عدم التصرّف بها من دون خطة شاملة وكاملة.

بدوره، كشف الخبير المالي، نسيب غبريل، عبر "الأنباء" الإلكترونية أنّ هذا المبلغ يصل إلى لبنان بعد أيام في 16 الجاري، قائلاً: "من المفترض أن يصل هذا المبلغ إلى مصرف لبنان الذي عليه أن يقرر طريقة التصرف به، خاصةً وأنّ صندوق النقد يطالب أن يُصرف بطريقة شفافة"، مقترحاً أن تضخّ هذه الأموال بالاقتصاد لتمويل الحاجة للسيولة للشركات التابعة للقطاع الخاص، لدعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وأن لا تُهدر لتنفيعات سياسية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o