Sep 10, 2021 6:49 AM
صحف

ولادة الحكومة تتوقّف على عاملين أساسيين.. واعتذار ميقاتي يتوقّف على قرار رؤساء الحكومات السابقين

على رغم هذه المعطيات المراوحة بين السلبية والايجابية، فإنّ أوساطا سياسية متابعة قالت لـ"الجمهورية" ان ولادة الحكومة تتوقّف على عاملين أساسيين: الأول، ان يوافق الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي على الثلث المعطِّل الذي يريده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من دون المجاهرة بذلك. والثاني، ان يتراجع رئيس الجمهورية عن الثلث الذي دفع الرئيس سعد الحريري إلى الاعتذار، وقد يدفع الرئيس نجيب ميقاتي إلى الاعتذار ايضاً. واعتبرت هذه الأوساط ان النتيجة حتى اليوم سلبية، فلا عون في وارد التراجع ولا ميقاتي الذي يلتزم بموقف نادي رؤساء الحكومة السابقين، ما يعني ان الاتجاه يتراوح بين الاعتذار او المراوحة في الفراغ.

واستبعدت الأوساط ان يعتذر الرئيس المكلف قبل ان يتبلور المنحى الذي سيعتمده رؤساء الحكومات في حال الاعتذار، حيث يبدو انه لم ينضج بعد هذا التوجه لجهة مقاطعة الاستشارات ورفع الغطاء عن اي شخصية يمكن ان تكلّف، كما انهم ليسوا في وارد توفير الغطاء لاستشارات يضعها رئيس الجمهورية أمام أمر واقع ويعمد إلى إحراجها فإخراجها.. وقالت الأوساط ان اعتذار ميقاتي يتوقّف على قرار رؤساء الحكومات السابقين الذين يتريثون في اتخاذ قرار المواجهة المفتوحة مع رئيس الجمهورية بنقل المعركة من التكليف إلى إسقاط رئيس الجمهورية، خصوصا ان الأخير يحظى بتأييد "حزب الله" الذي لن يتخلى عنه، فضلا عن ان التسخين السياسي يخدم عون، كما يؤدي إلى تسريع الانهيار.

ورأت الأوساط ان التلويح بالاعتذار يدخل ضمن سياق الضغوط السياسية على رئيس الجمهورية، كما ان تجميد الرئيس المكلف زياراته للقصر الجمهوري يدخل في الإطار نفسه، وذلك في انتظار ضغوط خارجية تدفع عون إلى إعادة النظر في موقفه، أو انهيارات مُتسارعة وغضب شعبي بسبب رفع الدعم، يدفع رئيس الجمهورية إلى تدوير الزوايا والموافقة على الصيغة النهائية التي أفضت إليها المفاوضات الحكومية. ولم تستبعد الأوساط ان يكون الرئيس المكلف في موقف انتظار رفع الدعم لكي لا يحمل كرة النار، وان تشكل مراسيم التأليف تنفيساً لاحتقان الناس على أثر رفع الدعم، فيما الإفراج عن البطاقة التمويلية الذي حصل أمس يشكل مدخلاً لرفع الدعم الذي بات أمرا واقعا لم يعد في الإمكان الهروب منه.

واعتبرت الأوساط ان عون و"التيار الوطني الحر" يواصلان تعميم الأجواء الإيجابية عمداً من أجل رفع مسؤولية الفراغ عن كاهلهما ووضعها في حضن الرئيس المكلف، ولكنهما يحرصان في الوقت نفسه على عدم استفزاز ميقاتي لكي لا تتحوّل القطيعة مواجهة سياسية على غرار المواجهات المفتوحة مع الحريري، لأن انزلاق الأمور في هذا الاتجاه يعني انعدام فرص التأليف، وانعدام الفرصة هذه المرة لاستشارات جديدة، ما يعني استمرار حكومة تصريف الأعمال وسط غليان شعبي وانهيارات مالية بلا سقوف.

وتوافرت معلومات لـ"الجمهورية" من اوساط مراقبة وحيادية ان الرفض كان متبادلاً بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي، خصوصاً ان الاسماء التي طرحها عون دلّت الى انتمائها الى «التيار الوطني الحر» او من اصدقاء رئيسه النائب جبران باسيل مباشرة. وفي ظل التكتم على الاسماء وهويات أصحابها في شكل متعمّد الى حين الوصول الى التفاهم النهائي، وهو ما لم تَنفه أوساط التيار التي اعترفت ضمناً بالدور الذي يلعبه رئيسه على رغم بيانات النفي الرسمية التي ترفض قيادات التيار بعد أوساط رئاسة الجمهورية الاعتراف بها، وهو ما يؤدي الى رفضها لدى ميقاتي منعاً لتأمين "الثلث المعطل" او الضامن الذي يسعى اليه عون وباسيل بنحو لا لبس فيه.

وفي المقابل، رفض رئيس الجمهورية بعض الأسماء السنية التي طرحها ميقاتي بحجة قربها من نادي رؤساء الحكومات السابقين، ومن بينها النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري الذي رفض اسمه قبل يومين، وقد طرحت سلة جديدة من الأسماء لم تزد على الثلاثة حتى ليل أمس وسط تكتم عليها.

من جهة أخرى، لفتت أوساط الرئيس المكلف لا تزال على حذرها من التفاؤل، في إتصال مع "الأنباء" الالكترونية الى انه "من غير المقبول ان تنفجر كل هذه الملفات في وجه الرئيس نجيب ميقاتي. ومن غير العدل أن يتحمل أوزار غيره، على الرغم من إستعداده لتلك المواجهة القاسية". ودعت الأوساط حكومة تصريف الأعمال "للقيام بواجباتها بدل الهروب الى الأمام والإستمرار بذر الرماد في العيون".

بدورها، أشارت "نداء الوطن" الى ان الأوساط تتعامل مع التسريبات المتتالية والضخ الإعلامي اليومي بمزيد من التمسك بقاعدة "خواتيم الأمور" التي كان رئيس الحكومة المكلف كررها أكثر من مرة على منبر قصر بعبدا إثر لقاءاته مع رئيس الجمهورية، مؤكدةً أنّ “الحسم في هذا الاتجاه أو ذاك لا يزال مرهوناً بما ستنتهي إليه الاتصالات القائمة بهدف تذليل العقبات أمام ولادة الحكومة”. وفي ضوء ذلك يتحدد مسار الأحداث، نافيةً كل ما أشيع ليلاً عن مواعيد محددة لزيارة ميقاتي القصر الجمهوري، باعتبار أنّ هذه الزيارة يجب أن تكون مرتكزة إلى “خلاصة حاسمة” تصل إليها الاتصالات والمشاورات الدائرة ليتم بموجبها وضع “اللمسات النهائية” على صيغة ولادة الحكومة في اجتماع بعبدا المرتقب.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر مقربة من دوائر الرئاسة الأولى أنّ اتصالاً هاتفياً حصل أمس بين عون وميقاتي، جرى خلاله التشاور في عملية "تبادل الأسماء والحقائب" لا سيما منها المتصلة بحقيبة الاقتصاد، مشيرةً إلى أنّ النقاش يتركز راهناً على الاختيار بين سلة أسماء مقترحة لتولي هذه الحقيبة، فضلاً عن مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في تشكيلة الـ24، وقد انحصر البحث في هذا السياق بعملية تبادل "أسماء كاثوليكية" مرشحة لتولي أحد هذين المقعدين الوزاريين.

وأوضحت المصادر أنّ المشاورات تكثفت في هذا الصدد ليلاً بين "الصهرين" جبران باسيل ومصطفى الصلح لإنهاء عملية "جوجلة الأسماء" المتبادلة بين عون وميقاتي، وفي حال انتهت هذه العملية إلى توافق منجز "بتكون خلصت" فيصار إلى الإعلان عن ولادة الحكومة خلال ساعات، أما "إذا تعثرت المفاوضات فيكون أحدهم قد سحب "أرنباً جديداً" للتعطيل كما درجت العادة" مع تلميح عوني صريح في هذا الإطار، إلى اتهام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالوقوف خلف عرقلة الاتفاق بين عون وميقاتي.

وفي الغضون، نقلت مصادر مواكبة للاتصالات الحكومية أنّ باريس دخلت بقوة على خط التأليف خلال الساعات الأخيرة ومارست ضغوطاً كبيرة على المعنيين لحثهم على إنهاء "المهزلة الحكومية"، مشيرةً إلى أنّ المسؤولين الفرنسيين يواكبون على مدار الساعة تطورات ملف التأليف ويدفعون الأمور باتجاه "وجوب تدوير الزوايا" بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، منعاً لانهيار "آخر فرصة" لتشكيل الحكومة الإنقاذية، في حال قدّم ميقاتي اعتذاره عن عدم التأليف.

ألى ذلك، أكدت المصادر لـ"الاخبار" أن التوليفة صارت جاهزة. لكن يبقى القرار، الذي يفضي إلى زيارة ميقاتي لبعبدا، على قاعدة التوافق على المسيحيَّين الاثنين (كاثوليكي وأقليّات) وعلى أن تُسند حقيبة الاقتصاد إلى سنّي يسمّيه عون، في مقابل مسيحي يسمّيه ميقاتي لحقيبة (ربما تكون الشؤون الاجتماعية). وتجزم المصادر بأن المتفق عليه لا يتضمّن وجود ثلث معطّل لرئيس الجمهورية الذي ستكون حصته من 6 وزراء (بينهم وزير سنّي)، إضافة إلى وزير للطاشناق وآخر للنائب طلال أرسلان. كذلك لن تكون التشكيلة المتفق عليها وفق صيغة «ثلاث ثمانات» التي عبّر التيار الوطني الحر عن رفضها لما فيها من تثبيت لفكرة «المثالثة» بين السنّة والشيعية والمسيحيين.
بين اليوم والغد، يحسم الأمر. إمّا تأليف الحكومة بعد تذليل العقبات التي كانت تحول دون ولادتها، وإمّا يتّضح أن قرار تأليف الحكومة لم يحن بعد، وما الخلاف على الأسماء والحقائب سوى غطاء لما هو أكبر.

وأكد موقع MTV ان بات ثابتاً أنّ ممثل النائب طلال ارسلان في الحكومة المقبلة سيكون عصام شرف الدين، ويرجّح أن يتولّى وزارة المهجرين أو وزارة الشباب والرياضة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o