Sep 01, 2021 7:24 AM
صحف

حسم تشكيل الحكومة في دائرة المراوحة.. تبعات اعتذار ميقاتي "كارثية"

 ‎لم تكن الحملة اللافتة لرئيس مجلس النواب نبيه بري في كلمته لمناسبة الذكرى الـ 43 لتغييب الامام موسى الصدر ‏ورفيقيه على "الثلث المعطل" وربط تشكيل الحكومة به، ولو من دون أن يسمي الفريق الذي يتولى هذا الربط، ‏وكذلك إلحاحه على وجوب تشكيل الحكومة "هذا الأسبوع لتحرير الناس من الطوابير" سوى مؤشر متقدم على بلوغ ‏الازمة الحكومية مرحلة مفصلية يفترض انها تعكس الوصول إلى خيارات حاسمة‎.‎
‎ ‎
ولكن، وفق المعطيات المتوافرة لـ"النهار" فان الجمود ظلّ يتحكم بعملية التأليف رغم كل ما تردد عن تقدم وساطة ‏يقوم بها اللواء عباس ابرهيم بين بعبدا والرئيس المكلف #نجيب ميقاتي، علما انها الوساطة الثالثة التي بذلت في هذا ‏السياق‎.‎
‎ ‎
ومع أن اللواء ابرهيم وكلاً من النائب علي حسن خليل والمستشار في "حزب الله" حسين الخليل يشاركون في ‏الاتصالات والتفاوض على العقد المتبقية، الا ان اوساطا مطلعة ظلت تشكك في ان لا ضوء اخضر بعد لولادة حكومة‎.‎
‎ ‎
آخر التسريبات افادت، دائما بحسب "النهار"، بان اتفاقاً قد تحقق على تسمية وزيرة للعدل هي القاضية ريتا كرم كما على تسمية القاضي بسام ‏المولوي لوزارة الداخلية، وان سعادة الشامي قد يسمى وزيراً للاقتصاد، ومروان بو فاضل نائباً لرئيس الحكومة. كما ‏اشارت إلى أن عقدة المردة ذلّلت بموافقة رئيس الجمهورية ميشال عون على توزير مارونيين من كسروان لكتلة ‏المردة وفريد هيكل الخازن‎.‎

مصدر لـ"الجمهورية" أعلن، انّ ترشيح ‏اسم ريتا كرم لوزارة العدل الذي طرحه رئيس الجمهورية أخيراً، رُفضه ‏الرئيس المكلّف وفريقه السياسي ومعظم القوى السياسية، كونها من ‏المقرّبين الى رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل "خصّ نصّ".‏ورأى المصدر انّ لعبة الاسماء التي يلعبها باسيل، والتي اراد منها السيطرة ‏على اكثر من ثلث الحكومة عبر مقرّبين جداً له، لن يوافق عليها ميقاتي ‏تحت اي ضغط، ومن هنا فإنّ مهمة اللواء ابراهيم الذي يعمل بقوة لتقريب ‏وجهات النظر والتوصل الى تسويات، قد ارتضى مجدداً خوض مهمة ‏صعبة، ستكشف حتماً حسن نيات الفريقين وقرارهما في شأن تشكيل ‏الحكومة أو نكون من جديد امام لعبة شراء الوقت".‏
‎ ‎
وفيما تشير بعض المصادر إلى تقدم في الاتصالات الناشطة، كشفت مصادر اخرى أنه إذا مرّ هذا الاسبوع من دون أن ‏يوافق رئيس الجمهورية على التشكيلة التي قدمها اليه الرئيس المكلف، الذي يترك مجالاً للأخذ والرد على بعض ‏اسمائها، فعندئذ قد يجد الرئيس ميقاتي نفسه مضطراً للاعتذار. وتحدثت المعلومات عن حركة ناشطة سجّلت في ‏الساعات الأخيرة ودخول الرئيس بري على خط الجهود لاستعجال الولادة الحكومية وإزالة شرط الثلث المعطل، ومن ‏هنا كانت إشارته عمدا في كلمته إلى التشديد على الولادة هذا الأسبوع. وتجمع المصادر على أن هذا الاسبوع يفترض ‏أن يكون مفصلياً بين خياري التأليف اوالاعتذار الذي أرجأه الرئيس ميقاتي بناء لتدخلات داخلية وخارجية ولاسيما من ‏الجانب الفرنسي‎.‎
‎ ‎
وتكشف بعض المصادر أن السفير برنار ايمييه الذي يتولى التواصل هو الذي نقل رغبة الرئاسة الفرنسية بعدم ‏الاعتذار خشية أن يتكّبد اللبنانيون مزيداً من انهيار العملة ومن سقوط البلد في الفراغ السياسي والمجهول الامني‎.‎

كذلك، لاحظت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة عبر "اللواء"، ان مسيرة التشكيل ليست مقفلة، او سلبية بالكامل، بل مستمرة، وتتركز على حل كل خلاف على حدة، ثم تنتقل لحل باقي الخلافات والتباينات تباعا، واشارت الى تقدم في حل العديد من الخلافات، يرتقب ان تظهر نتائجها، اليوم او غدا، ووصف التقدم الحاصل «بالحذر».

واوضحت المصادر انه رغم التكتم المفروض، على تفاصيل المساعي التي يقوم بها، اكثر من وسيط، وتحرك اللواء ابراهيم في هذا الخصوص، توقعت ان يتم الكشف عن بعض نتائج الاتصالات والمشاورات الايجابية التي ستسرع خطى تشكيل الحكومة الجديدة في وقت قريب. ونقلت المصادر اجواء مشجعة للوسطاء تلخص تحركاتهم، وتأكيدات، برغبة الجميع وحرصهم على تسريع عملية التشكيل، لانه لم يعد مقبولا التأخير فيها، تحت اي ذريعة كانت، ولانه بدون تشكيل حكومة جديدة، لا يمكن المباشرة بحل الازمة والخروج من النفق المظلم.

فبحسب "القبس" الكويتية الأجواء الإيجابية التي رافقت تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تبددت على مدى 13 لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون لم تفضِ الى شيء. وبعدما تعهد ميقاتي بزيارة بعبدا يومياً بقصد التأليف، بات يربط زيارته الى بعبدا بالتوقيع على مرسوم الحكومة أو على الأقل بالتمهيد له.

ولا موعد محدداً بعد لزيارة القصر الجمهوري بانتظار نتائج الوساطة التي يقوم بها رجل المهمات الصعبة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وقد أفلحت في تحقيق تقدم على خط بعض العقد.

معلومات «اللواء» افادت انه تم الاتفاق بين الرئيسين على حل عقدتي حقيبتي الداخلية بحيث تؤول لمن يسميه ميقاتي وهو قاضٍ من آل المولوي، والعدل بحيث تؤول لمارونية هي القاضية ريتا كرم. وبقي منصب نائب رئيس الوزراء من حصة الحزب القومي لسعادة الشامي، ووزير الدفاع من حصة الرئيس عون (ارثوذوكسي).لذلك انحصر التشاور على ما يبدو في حقيبتي الشؤون الاجتماعية التي سيسمي لها وزيراً مارونياً الرئيس عون والاقتصاد التي سيسمي لها ميقاتي وزيراً سنياً بالتوافق على الاسمين. واذا تم التوافق على الامور العالقة خلال هذا اليوم او غداً، فيعني ذلك ان تشكيل الحكومة لن يطول اكثر من ايام قليلة.

وذكرت مصادر مطلعة على موقف ميقاتي أنّ اعتذاره عن استكمال مهمّته، ليس في مصلحة أحد على الإطلاق، لا سيّما بعدما دفع البلد ضريبة ثقيلة للمماطلة والمراوحة التي امتدّت لعامٍ كامل، فشلت فيها كلّ محاولات تشكيل حكومة جديدة خلفًا للحكومة المستقيلة، رغم كثرة الاستحقاقات المفصليّة. ولا شكّ أيضًا أنّ مثل هذا الاعتذار لن يكون أبدًا لصالح العهد الذي يخسر الكثير من رصيده مع كلّ يوم تأخير في تشكيل الحكومة، والذي بات مُحرَجاً أمام الرأي العام، بعدما عجز عن «التناغم» مع كلّ الرؤساء المكلّفين، في حين أنّ علاقته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي كان هو من أتى به أصلاً، باتت بدورها أسوأ من السيئة.

اضافت المصادر: ولا يخفّف من وقع ذلك محاولات بعض وجوه «العهد» ورموزه المغالاة، أو حتى القول بأنّ «صلابة» رئيس الجمهورية هي الدافع وراء كلّ «الاعتذارات»، علمًا أنّ الرئيس المكلَّف أيضًا لا يجد «مصلحة» في الاعتذار، قبل «استنفاد» الفرصة السانحة كاملة، لا سيّما أنّه يردّد باستمرار أنّه قبل التكليف للإنقاذ، وليس لهدر الوقت أو الاعتذار.

ورأت أنّ «المعضلة الكبرى تكمن في ما تشير اليه الكثير من المعطيات إلى أنّ إفشال ميقاتي من شأنه أن يفرمل اندفاعة أيّ شخصيّة سنّية، طالما أنّها لا تحظى بدعم رؤساء الحكومات السابقين ومباركة دار الفتوى، وطالما أنّ أحداً ليس في وارد استنساخ تجربة حسّان دياب، التي انقلبت على عرّابيها، إن جاز التعبير، فضلاً عن حلفاء العونيّين وشركائهم في الأكثرية لن يكونوا بهذا الوارد».

اضافت المصادر: وبمُعزَل عن التعقيد الذي سيصيب العملية الدستورية لتسمية رئيس مكلَّف جديد، فإنّ السؤال الأكبر الذي ينبغي أن يطرحه الجميع يبقى: هل يتحمّل البلد كلفة اعتذار»الرئيس المكلَّف، في ظلّ الأزمات المتفاقمة، والتي ثبُت أنّ كلّ محاولات علاجها بعيدًا عن حكومة أصيلة وقادرة على اتخاذ القرار لا تجدي ولا تنفع؟

وختمت: علّ الرئيس المكلَّف يضع كلّ هذه الاعتبارات في حساباته حين يؤجّل خيار الاعتذار، وإن بقي مطروحاً على قاعدة «آخر الدواء الكيّ». هو لا يريد أن يصل إليه.

وبحسب مصادر مطلعة ل"القبس"، بدأ تحرك اللواء ابراهيم وبضوء أخضر من حزب الله مباشرة بعد اللقاء بين الرئيسين عون وميقاتي يوم الخميس الفائت، والذي اعاد خلط الاوراق الحكومية ودفع بميقاتي الذي «يستعين على قضاء حوائجه بالكتمان» إلى الخروج في مقابلة تلفزيونية وجه فيها رسائل حازمة لرئاسة الجمهورية في ما يتعلق بعملية التأليف.

وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ، انّ مبادرة اللواء ابراهيم أنجزت خطوات عملية ونقلت التشكيلة الحكومية المنتظرة من واد الى اخرى، بعدما تلاحقت فكفكة العقد المتصلة بعدد من الحقائب، وسقطت اسماء من الغربال الحكومي وحضرت أسماء أخرى.

وثمة اجماع ان تبعات اعتذار نجيب ميقاتي عن تشكيل الحكومة ستكون «كارثيّة» على كل المستويات كما أشارت "اللواء"، معيشيا وماليا وسياسيا وهذا ربما ما يؤجل حصولها. علما بأن بعض الشخصيات المحسوبة على العهد تقلل من تداعيات هذه الخطوة باعتبار أن الدستور يتيح الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة لتكليف شخصية جديدة، وتلوح باختيار شخصية مقربة من الرئاسة هذه المرة تجنبا لتكرار التجارب السابقة.

ولكن بحسب المعطيات فإن اعتذار ميقاتي في حين لو حصل سيشكل معضلة للرئيس عون؛ لأن أي شخصية سنية لن تقبل بترؤس الحكومة طالما انها لا تحظى بدعم طائفتها الممثلة سياسيا اليوم بنادي رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى.

ورغم العقبات الواضحة، فإن مصادر ميقاتي لا تزال مصرة على ان نسبة التأليف أعلى من نسبة الاعتذار، ليس لأن مزيداً من العقد جرى تذليلها، بل لأن قرار الانسحاب لم يتخذه الرئيس المكلف بعد، وتؤكد في المقابل «انه استبعد اللجوء إلى هذا الخيار في الوقت الحاليّ، لكنه لم يلغِه بالمُطلَق».

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o