Aug 03, 2021 6:19 AM
صحف

ميقاتي يتراجع خطوة كما التفاؤل الحكومي.. والإعتذار يتقدّم

تكفي كلمة الرئيس المكلّف، نجيب ميقاتي، من القصر الجمهوري للدلالة على أنّ مؤشرات التفاؤل تراجعت كثيراً، بانتظار اللقاء الخامس يوم الخميس الذي سيكون مؤشراً إضافياً على المسار الذي سيسلكه ميقاتي حينها، وهو الذي أعلن بشكلٍ واضح بأنّ المهلة ليست مفتوحة، "ويفهم اللّي بدو يفهم". الكلام الذي فُهم منه كما وكأنه تلويح بالاعتذار إذا ما استمرت الأجواء على مراوحتها.

إذاً ميقاتي تراجع خطوة إلى الوراء بعد دبلوماسية اللقاءات الأربعة وبعث برسالته المشفّرة. وقد أعربت مصادر مراقبة عبر جريدة "الأنباء" الإلكترونية عن خشيتها من أن يكون مصير اللقاءات التي يعقدها الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية، ميشال عون، هو نفسه المصير الذي لقيه الرئيس سعد الحريري الذي كان يخرج من بعبدا بانطباع إيجابي، لكن سرعان ما يتحوّل إلى سلبي إلى أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود.

المصادر أشارت إلى تراجعٍ ملحوظ في أسهم تشكيل الحكومة من الأربعاء الماضي حتى اليوم، وهذا ما عكسه الارتفاع المفاجىء في سعر الدولار الذي تجاوز سعره عتبة العشرين ألفاً، متوقفة عند أبعاد كلام ميقاتي عن عدم وجود مدة مفتوحة، ما يعني أنّ ميقاتي يعطي لنفسه مدة زمنية للتشكيل وعلى المعنيّين بتشكيل الحكومة الالتزام بها، وأنّ هذا الكلام موجّه بالتحديد للرئيس عون وفريقه السياسي، وحزب الله، محمّلهم مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة.

المصادر اعتبرت أنّ، "ميقاتي الذي بدا متجهماً وحاسماً في موضوع التشكيل الذي يجب أن يكون بأقصى السرعة، يُستشفّ من حديثه أنّ الخلاف على حقيبتَي الداخلية والعدل هو لبّ المشكلة، وهو الذي شدّد على إبقاء القديم على قدمه في موضوع الحقائب السيادية، على عكس عون الذي يطالب بالمداورة ويتمسّك بالداخلية والعدل مقابل تخلّيه عن الخارجية والدفاع، وتخلي الثنائي الشيعي عن المالية، في محاولة منه لإحداث شرخٍ بين ميقاتي والثنائي الشيعي الذي يرفض التخلي عن المالية".

مصادر بيت الوسط لفتت عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أنها لم  تفاجأ بموقف ميقاتي، وتمنّت له التوفيق في مهمته لأنّ اعتذاره سيؤدي إلى كارثة حقيقية، وسيحول دون تكليف غيره من الشخصيات السنّية لتشكيل الحكومة، وهو ما يسعى إليه عون، وهو ترك البلد من دون حكومة حتى نهاية عهده، وتأجيل الانتخابات النيابية، والرئاسية، والبلديات، ليبقى النائب جبران باسيل محتفظاً بأكبر كتلة نيابية.

من جهته، أشار عضو كتلة الوسط المستقل التي يرأسها ميقاتي، النائب علي درويش، إلى أنّ الأمور بعد لقاء اليوم بدأت تأخذ مداها. ويبدو أنّ تشكيل الحكومة سيأخذ وقتاً أكثر مما كنا نتوقعه، واصفاً عبر "الأنباء" الإلكترونية مسار التشكيل بالوعر، وهو ما دفع الرئيس المكلّف للقول إنّ ليس هناك من مهلة مفتوحة، وأنّ هناك مدة زمنية للتشكيل يعتبرها ميقاتي بالمنطقية للخروج بحكومة جديدة.

وقال درويش: "كنا متفائلين بأن يأخذ منحى التشكيل السرعة المطلوبة بالنظر للأوضاع الدقيقة التي تشهدها البلاد".

ورداً على سؤال، قال: "ليس لدينا معطيات تفصيلية حول موضوع توزيع الحقائب، لكن من الواضح أنّ هناك مجموعة عوائق أخّرت التشكيل، ما يتطلب بحثاً تفصيلياً لاستكمال المشاورات في نقاطٍ محددة".

وعما إذا كلام ميقاتي من بعبدا هو مؤشر للاعتذار، قال: "لا يمكننا التوصّل لهذا الاستنتاج مباشرة. صحيح كنا نتوقع أن تكون الجلسة الرابعة حاسمة، لكن الأمور لم تأخذ السرعة اللّازمة على أمل أن يكون لقاء الخميس حاسماً".

بدوره، كشف مسؤول الجماعة الإسلامية، النائب السابق عماد الحوت، عبر "الأنباء" الإلكترونية أنّ الجماعة، ومنذ تحركات 17 تشرين كانت تطالب بحكومة اختصاصيين ومن غير الحزبيين، بعيداً عن المحاصصة والأنانيات، وتقدم على برنامجٍ إصلاحيٍ حقيقي بعيداً عن منطق فرض الشروط والعودة إلى منطق المحاصصة والأنانيات من قِبل فريق رئيس الجمهورية.

ورأى في اشتراط رئيس الجمهورية الحصول على وزارتَي الداخلية والعدل، المهمّتين للانتخابات النيابية القادمة، مؤشراً واضحاً لعدم اكتراث العهد بمطالب الناس والمواطنين، وإنما همّه الأول تحقيق مكتسبات في معركة الانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية، والاستمرار بمنهجية التعطيل للوصول إلى ذلك، ولو على حساب تفاقم معاناة المواطنين، وتعميق الأزمة الاقتصادية والمعيشية، معتبراً أنّ الرئيس المكلّف بذل جهداً كبيراً لتدوير الزوايا وتذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة، داعياً إلى "التشكيل سريعاً، لأنّنا لا نملك رفاهية الوقت".

أما "نداء الوطن" فأشارت الى ان في اللقاء الرابع خرج الرئيس ميقاتي متجهماً بعد لقاء رئيس الجمهورية. هذا اللقاء الذي كان ينتظر أن يشهد حلحلة لعقدة الوزارات السيادية فجّر موجة التفاؤل التي حاول ميقاتي منذ تكليفه ترويجها. ميقاتي الذي حاذر الحركشة بوكر الدبابير بدا بعد خروجه من الإجتماع الذي دام 25 دقيقة وكأن وكر الدبابير فاع به وأصابه بلسعات كثيرة إلى الحد الذي جعله يوجه رسالة متشائمة وفيها أن مهلة التأليف محدودة “واللي بدو يفهم يفهم”، متحدثاً عن “اجتماع خامس يوم الخميس بسبب انشغال الرئيس غداً”.

الأجواء التي تسربت عن اللقاء أوحت بأن ميقاتي كاد ان يعتذر بعده وأنه ربما أجل الإنتكاسة السياسية تفاديا لردود الفعل يوم 4 آب ولأنه لا يريد أن تتزامن أيضا مع مؤتمر دعم لبنان الذي تعد له باريس في المناسبة نفسها. فهل يكون الخميس يوم الهروب من المهمة بعدما بدا أن حرارة اللقاءات نزلت إلى ما تحت الصفر وأن المحادثات بين الرئيسين تشبه مقولة “دق المي مي” نظراً لتشبثهما بمواقف لا يريدان التزحزح عنها.

هذا التشاؤم المفرط ظهر أيضا في تسريب مصادر قريبة من قصر بعبدا معلومات تحدثت فيها عن المداورة الشاملة في كل الحقائب الوزارية تطبيقا للمبادرة الفرنسية الأمر الذي ربطه البعض بالإعتراض أيضا على بقاء حقيبة المالية مع الطائفة الشيعية. وقالت هذه المصادر “ان تمسك بعض الاطراف بحقائب محددة، يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها بعد طرحها من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والتي تدعو في أحد ابرز نقاطها الى اعتماد المداورة الشاملة. ورأت هذه المصادر ان تجاهل المداورة خلق اشكاليات في مسار تشكيل الحكومة ما يؤخر ولادتها.

وذكّرت المصادر بأن الصيغة الاولى للتشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس سعد الحريري، اعتمدت مبدأ المداورة ما عدا المالية، فاعطى الخارجية لدرزي، والداخلية للروم الارثوذكس، واقترح وزيراً ارمنياً للدفاع، اضافة الى تغيير في وزارات اخرى. الا ان الامر تغير في الصيغة الثانية للحكومة التي قدمها قبل ان يعتذر. واعتبرت المصادر نفسها ان التزام المبادرة الفرنسية يفترض بالتالي احترام بنودها وفي مقدمها مبدأ المداورة الذي يشكل حلاً طبيعياً للاشكالية القائمة حول تأخير ولادة الحكومة”.

وما اعتبرته مصادر بعبدا التزاما بالمبادرة الفرنسية اعتبره ميقاتي حركشة بوكر الدبابير وهذا يعني أنه غير قادر على التنازل أمام الرئيس عون الأمر الذي يعني أن ميقاتي قد يصل سريعاً إلى النهاية التي وصل إليها الحريري.

من جهة أخرى، كشفت مصادر اطلعت على مضمون اللقاء لـ ‏‏"الجمهورية"، انّ الرئيس ميقاتي لم يُفاجأ بتصلّب الرئيس عون ‏واصراره على موقفه من حقيبتي الداخلية والعدلية، بعد اعادة النظر ‏ببعض الحقائب العادية، والتي لم يكن من الصعب التفاهم بشأنها.‏ ولفتت المصادر عبر "الجمهورية"، الى انّ ميقاتي سلّم التوزيعة ‏الاخيرة للحقائب بتشكيلة من 24 وزيراً، وانّه لا يحبذ المسّ بتوزيعة ‏الحقائب السيادية، طالما انّ تفاهماً قائماً على ابقاء المالية لدى ‏الطائفة الشيعية.‏ وانتهت المصادر لتقول، انّه وفي اعقاب تمسّك عون بملاحظاته التي ‏نسفت تشكيلة ميقاتي، ردّ ميقاتي بالمثل وأبلغ الرئيس عون انّه امهل ‏نفسه مدة ثلاثة اسابيع يبدأ احتسابها من اليوم، وهو لا يحتمل ان ‏تطول المهمّة اكثر من ذلك.‏

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o