Jun 28, 2021 4:40 PM
تحليل سياسي

لهيب ازمة المحروقات يصيب المؤسسات الامنية والادارات والمستشفيات
مصرف لبنان يتدخل: دولارات لفتح اعتمادات.. الحل خلال ساعات؟!
الحزب يدعو للتنازل وامل لوقف المهاترات وجلسة تشريعية للبطاقة التمويلية

المركزية-  لم يكن ينقص لبنان واللبنانيين في جهنمهم الموعودة سوى موجة الحر التي تضرب البلاد لتكتمل رسميا فصول الانضمام اليها. موجة في عز ازمة الكهرباء والمحروقات التي حرمتهم نعمة "التكييف" (من مكيّف)، باعتبار ان التفسير الثاني للكلمة ( الفرح العارم) لم يعد له من مكان في قاموس حياتهم التي محت منه المنظومة كل ما يتصل بالسعادة ومتفرعاتها وملأته بالمآسي والمعاناة والذل والقهر، ليحترقوا بلهيب الاسعار بفعل الارتفاع الجنوني للدولار وفقدان المحروقات حيث يختبرون عن حق نار جهنم في طوابير الذل التي لا نهاية لها امام المحطات، فيما بدأ التعطيل يصيب شرايين الدولة ومؤسساتها الامنية والادارية والصحية بفعل شح المازوت وتعطل المولدات.

الانهيار الاقتصادي اذاً شامل وكامل، وقد بتنا في قلبه ولم نعد نقف على مشارفة. اليوم تهاوت القطاعات كلّها تحت وطأة شح المحروقات وانقطاعها من الاسواق. ففيما استمرت الطوابير امام المحطات، اقفل جزء كبير منها "أبوابه" منتظرا التسعيرة الجديدة التي ستصدر عن وزارة الطاقة في اليومين المقبلين على اساس سعر صرف 3900 ليرة، فيما افيد عن قرار بمنع تعبئة البنزين للدراجات النارية لأنّ أصحابها يعملون على إفراغها في غالونات لاحقاً بهدف بيعها في السوق السوداء.

"المركزي" يفتح اعتمادات: مصرف لبنان سارع الى ارساء الحل فأعلن في بيان، أنه "ابتداءً من اليوم 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كافة أنواع المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد. على أن تسدّد هذه المصارف قيمة الاعتمادات مئة في المئة بالليرة اللبنانية". على الاثر، توقعت مصادر في قطاع الطاقة لـ"المركزية" بدء تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت الراسية على الشاطئ اللبناني في الساعات القليلة المقبلة فور جهوز الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية. وجاء بيان البنك المركزي عقب بيان المديرية العامة للنفط تحدثت فيه عن جملة تدابير قبيل صدور جدول اسعار المحروقات.

اين الجدول؟ : وكان رئيس تجمّع أصحاب المولّدات الخاصة عبدو سعادة رفع الصوت موضحا انه "يضع وزير الطاقة أمام مسؤوليّاته في شأن عدم توقيع جدول أسعار المحروقات حتى اليوم محذرا من كارثة من اليوم حتى الأربعاء فإمّا يوقّع الجدول اليوم أو فليطلب من الشركات والتجار تسليمنا المازوت".

المؤسسات العامة تتهاوى: حبلُ الأزمات وصل إلى أعناق المؤسسات العامة ومديريات الأمن. فمع ساعات الصباح توقفت كلّ المعاملات في مركز الأمن العام في السوديكو بسبب انقطاع التيار الكهربائي وحصول عطل في المولدات الكهربائية. كما  توقفت أنطمة أجهزة الكمبيوتر التابعة لوزارة المالية في قصر عدل بيروت ما تسبّب بوقف كل معاملات استيفاء الرسوم. وفي المطار توقفت صناديق الجمارك عن قبض الرسوم بسبب عدم توافر الاوراق والمحابر، ما سيؤدي الى مشكلة في حركة الشحن.

..والمستشفيات: اما مدير مستشفى الحريري د. فراس ابيض فأعلن  أن وضع تغذية الكهرباء للمستشفى غير مقبولوقال "انقطاع لاكثر من ٢١ ساعة في اليوم. الفيول غير متوفر، واذا توفر، نعاني مشاكل سيولة. المرضى لا يستطيعون تغطية الفروقات. اخذنا قرارا بايقاف اجهزة التكييف الا في الاقسام الطبية رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقا".

..والسوبرماركت: بدوره، أعلن نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد ان "السوبرماركت ستفتح أبوابها اليوم ولن نقفل إلا في حال وجود قوة قاهرة لناحية عدم وجود المازوت لتأمين الكهرباء". وتابع "نتوقّع تسليم مادة المازوت لبعض المحال حتى تستمرّ بفتح أبوابها وهناك وعد بأن تُحلّ مشكلة المازوت بين اليوم وغداً".  وفي حديثٍ اذاعي"، قال "الأسبوع الماضي جرى رفع الأسعار لحدود الـ 15 ألف ليرة ونتوقع اليوم رفعاً جديداً للأسعار مواكبة لارتفاع سعر صرف الدولار". وأشار الى أن "سنشهد ارتفاعَيْن للأسعار في السوبرماركت بسبب رفع الدعم عن المحروقات وارتفاع سعر الدولار".

عون يتابع: في الاثناء، تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ الصباح الباكر، تطور أزمة المحروقات في البلاد والمعاناة التي تواجه المواطنين لاسيما امام محطات الوقود، فأجرى اتصالات شملت وزير الطاقة والمياه ريمون غجر والإدارات المعنية في الوزارة، وطلب اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من اجل المساهمة في التخفيف من حدة الازمة المفتعلة، ووقف استغلال المواطنين. كذلك اتصل الرئيس عون بوزير الداخلية والبلديات العميد محمد فهمي وعدد من القادة الأمنيين، وطلب اليهم مساعدة الاجهزة الإدارية المعنية في منع تخزين المحروقات ووضعها بتصرف المواطنين، والتشدد في تطبيق القوانين مع المخالفين، الى حين تراجع الازمة خلال ال 48 ساعة المقبلة.

الدواء: من جهة اخرى، طلب رئيس الجمهورية من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حث المجلس المركزي على اتخاذ القرار المسؤول والمناسب المتعلق باستمرار دعم الدواء، لأن هذا الامر يتعلق مباشرة بحياة المواطنين وسلامتهم ولا يمكن التساهل به. موقف الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وزير الصحة العامة حمد حسن الذي بحث معه في عدد من المواضيع الاستشفائية والصحية، وعلى رأسها موضوع دعم الدواء، وضرورة اتخاذ مصرف لبنان قرار سريع في هذا الخصوص.

الشارع يغلي: وسط هذه الاجواء القاتمة، عادت حركة قطع الطرق لتشتد على امتداد الاراضي اللبنانية، من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي، في وقت حذر النائب فيصل كرامي من دار الفتوى من ان "هناك من يسعى الى زعزعة الاستقرار والبدء بفتنة كبيرة من مدينة طرابلس".

الحزب للتنازل: في المقابل، لا حركة سياسية حكومية وكأن البلاد بألف خير. وفي انتظار عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج، أكد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد أن "حزب الله والمقاومة وشعبها أحرص على الاسراع في تأليف حكومة تستعيد بناء الدولة ونظامها الاقتصادي والمصرفي، وقدرتها على إثبات الوجود والوقوف في وجه التحديات، وعلى أن تقول رأيها الصريح، وتضحي من أجل هذا الرأي في علاقاتها الدولية وتحالفاتها وخصوماتها ومواجهة عدوها الوحيد في المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب". واذ لفت إلى أن "لا أحد يتوقع في لبنان أن تتشكل حكومة ملائكية، فنحن نعرف النوعية القادمة في أي حكومة ستشكل، وهي لن تستطيع (أن تشيل الزير من البير)، وإذا لم تكن الحكومة معقد آمال أحد من الناس، فعلى ماذا تتخاصمون، لماذا لا يتنازل بعضكم للبعض الآخر"، طالب البعض بأن "يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون بأن المشكلة التي تؤخر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات النيابية علما أن هناك حوالي الـ10 أشهر لموعد الانتخابات، وبالتالي، لا مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزؤوا بنا، بانتظار أن نتنافس انتخابيا لنثبت أننا ديمقراطيون"، ودعا هؤلاء إلى أن "يشكلوا الحكومة، وأن ينطلقوا في العمل، وأن يتركوا الأشهر الأخيرة الباقية من عمر الحكومة للانتخابات النيابية تحضيرا وإنجازا"، لافتا الى ان "صراعاتنا مع بعضنا البعض تستلزم أن نثير العصبيات الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منا من سيربح في الانتخابات المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد". وشدد على أن "العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية يذهب أعضاؤها، ولكن الوطن وأبناؤه يبقون، وبالتالي على البعض في لبنان أن يتركوا مأثرة لهم في هذا الزمن، وأن يسارعوا إلى تأليف الحكومة المدخل الضروري والأساس لمعالجة كل المشكلات والأزمات التي نواجهها اليوم"، مضيفا "نحن من موقع فجيعتنا التي أتت في سياق كل هذه الأزمات التي تتوالى علينا في هذا البلد، نناشدكم جميعا أن تقدموا لبعضكم التنازلات من أجل أن تشكلوا الحكومة التي تعتبر المدخل لإجراء الانتخابات النيابية، وإذا لم تؤلّف الحكومة الآن، فلا أحد يضمن تأليفها لاحقا".

للكف عن المهاترات: اما حركة امل التي من غير المستبعد ان يزور الحريري رئيسَها فور عودته الى بيروت، فقالت في بيان  "البلد يكاد يصل إلى نقطة اللاعودة مع المراوحة التي تعطل تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل"، مضيفة " محاولة ابتكار بدائل غير دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن"، ودعت الى "الكف عن المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول".

البطاقة التمويلية: من جهة ثانية، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة، تعقد عند الحادية عشرة من قبل ظهر يومي الاربعاء والخميس المقبلين، وكذلك مساء اليومين المذكورين، في قصر الاونيسكو لدرس واقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الاعمال، ومنها مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم رقم7797 إقرار البطاقة التمويلية و فتح إعتماد إضافي إستثنائي لتمويلها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o