Apr 22, 2021 5:14 PM
تحليل سياسي

خلافات اهل الحكم توسع بيكارها.. الحريري من الفاتيكان: بعبدا في سياحة
القصر الجمهوري: استخدم المنبر المقدس لمواقف تضليلية فليفحص ضميره
ممارسات غادة عون محور اجتماع امني والرئيس :لاحترام حرية التعبير

المركزية- بين منبري الفاتيكان وقصر بعبدا تطايرت الرسائل الحكومية، عاكسة عمق الخلافات المستحكمة بعلاقة رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري. خلافات يصح فيها توصيف "الصبيانية" في ظرف كالذي تمر فيه البلاد من انهيار وترقب للحظة الانفجار، هذا يشتكي وذاك يشكو ويعترض، فيما هو اسوأ من المـأساوي وضع لبنان واكثر من كارثية طريقة تعاطي المسؤولين مع ازمة مصيرية على قاعدة "قلي تا قلك".

الخلاف على حاله: وفيما تراجعت من الواجهة "مناكفات" القاضية غادة عون مع القضاء، بفعل غيابها عن مسرح المداهمات، اتجهت الانظار المحلية الى الفاتيكان الذي شهد لقاء لافتا في شكلة وتوقيته ومضمونه بين الحبر الاعظم والرئيس المكلف سعد الحريري. اللقاء الذي اتى غداة زيارة قام بها مساء امس رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل الى بكركي، لم تخل من المواقف السياسية التي اكدت ان الخلاف على حاله بين بعبدا وبيت الوسط، وان لا حكومة في المدى المنظور.

مساعدة الفاتيكان: قداسة البابا فرنسيس استقبل صباحا في القصر الرسولي في الفاتيكان، الرئيس الحريري وعقد معه اجتماعا تم خلاله التطرق الى العلاقات التاريخية بين الكرسي الرسولي ولبنان والدور الذي يمكن ان يقوم به الفاتيكان لمساعدة لبنان على مواجهة الازمات التي يمر بها". وفي اطار الاجتماعات التي يعقدها  مع المسؤولين الفاتيكانيين التقى الحريري في حاضرة الفاتيكان  أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وأمين سر الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير تم خلاله التطرق الى  القضايا الراهنة  ذات الاهتمام الثنائي.

الحريري: بعد اللقاء، قال الحريري "شرحت للبابا فرنسيس المشاكل التي نعاني منها وطلبت من قداسته مساعدة لبنان، وستكون هناك زيارات متبادلة بين لبنان والفاتيكان"، مؤكداً أن الحوار هو أساس في عملية التشكيل وزيارة الحبر الأعظم تهمّه. وتابع:" قداسة البابا كان حريصاً على السلام والعيش المشترك في لبنان، وهو ينظر الى وطننا على أنه وطن الرسالة والإعتدال، والبعض استعمل كلاماً لضرب زيارتي الى الفاتيكان".

ورافعاً السقف بوجه التيار الوطني الحرّ أضاف الرئيس المكلّف:" اعتقد أن هناك مشاكل خارجية تتعلّق بجبران وحلفائه تؤخر تشكيل الحكومة". وأثنى الحريري على ان الفاتيكان يعرف جيداً من هو مصدر المشكلة في لبنان، والخلاف هو سياسي لا طائفي. ومتحدثاً عن العواقب قال:" المشكلة في لبنان هي أن هناك فريقاً يريد وضع يده على كل القطاعات، فيما هناك فريق آخر يريد اقتصاداً حراً مع كافة دول العالم وليس في الداخل فقط"، مشيراً الى أن الرسالة التي وصلت من البطريرك الى قداسة البابا هي موافقته على حكومة مستقلين. وتابع:" برأيي أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمةً لأنها مبنية على حلول واضحة وعملية وتهدف الى إصلاح الاقتصاد لفرملة الانهيار وهي لمصلحة لبنان والكيان اللبناني، فيما لمست من الفاتيكان حرصها على لبنان وبأنها تتدخّل حين ترى انها يجب أن تكون موجودة لمصلحة الشعب اللبناني، ونحن في وضع سيء جدّاً ونحتاج الى تشكيل حكومة في حين أن البعض يريد السيطرة فقط، ولنفترض أني شكّلت غداً الحكومة، سأتوجه الى الدول الصديقة والى التفاوض مع صندوق النقد الدولي للقيام بإصلاحات، لذلك نعمل جاهدين للتشكيل في أسرع وقت لأن الدول تريد مساعدتنا". وختم الحريري "الإعلام يشير الى أننا نذهب الى الخارج بهدف السياحة ولكن الواضح هو أن القصر الجمهوري في حالة سياحية"... والتقى الرئيس الحريري عند الثانية من بعد الظهر بتوقيت روما وزير الخارجية الإيطالي لويدجي دي مايو وسيجري كذلك عند السادسة محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي.

لا رسائل سلبية من الصرح: وليس بعيدا، أفادت مصادر وفد الحريري للفاتيكان ان الحريرية كانت وستبقى من الداعيين والداعمين للمناصفة والحفاظ على حقوق الطوائف وهذا أمر اكده الحريري لقداسة البابا. وقالت ان الحبر الاعظم  لن يزور لبنان إن لم تُشكّل حكومة فاعلة. واشارت الى أن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لم يبعث بأي رسالة سلبية إلى الفاتيكان بل أبلغ الكرسي الرسولي أنه يؤيد ما يطرحه الرئيس الحريري لجهة حكومة اختصاصيين. ولفتت المصادر الى أن الفاتيكان يخشى على هجرة اللبنانيين والمسيحيين خصوصا ويعتبر أن من يقوم بتطويل الأزمة يساهم في تعزيز هجرة هؤلاء. وأكدت أن الفاتيكان لا يريد أن تنتقل صراعات المنطقة إلى لبنان لا بل يريد أن يعود التوافق الدولي والإقليمي حول ضرورة الحفاظ على لبنان.

بعبدا ترد: كلام الحريري اخترق الأجواء اللبنانية فكان الرد من متابعين لموقف القصر الجمهوري بإبداء أسفهم عبر "المركزية" لأن يكون رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري قد استخدم منبر الفاتيكان الذي يتسم بالقداسة، لإطلاق مواقف تضليلية. وبدل أن يحترم الموقع ويطلق كلاماً جامعاً بين اللبنانيين فإذا به يطلق كلاماً تحريضياً  باتهام رئيس الجمهورية ميشال عون بأنه المعرقل". المتابعون انفسهم اكدوا أنهم لا يعلمون  ماذا دار حرفياً بين قداسة البابا والحريري " لكن رئيس الحكومة المكلف أراد أن يوحي في كلامه أنه يعكس رأي الفاتيكان الذي خلافاً لكلام الحريري  يتسم بالعدالة والتوازن وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتهمه الوحدة بين اللبنانيين". وسأل هؤلاء:" لو كان رئيس الحكومة المكلف يريد فعلًا تأليف حكومة لما اصر على إطلاق مواقف إستفزازية من على منبر الفاتيكان؟ الواضح أنه يريد استدراج رد فعل ليبرر نيته الأساسية بعدم تشكيل حكومة ولن يكون له ذلك  واللافت كان عدم جرأة الحريري بتسمية حزب الله فاكتفى بالقول: رئيس الجمهورية وحلفاؤه".

تختصر مصادر الرئيس عون كلام الحريري من على منبر الفاتيكان بالمسيء لصورة لبنان وموقعه. وتختم بدعوته "لإجراء فحص ضمير والعودة إلى لغة العقل والخروج من أسلوب الإستفزاز ومصارحة اللبنانيين بحقيقة الأسباب التي تدفعه للهروب إلى الخارج  بدل المجيء إلى قصر بعبدا الذي منه وليس من التجوال ‏خارج الحدود  تولد حكومة لبنان".

اجتماع امني: في الداخل، وغداة الصدامات التي دارت في محيط شركة مكتف للصيرفة بعد اصرار القاضية غادة عون على دخولها مخالفة قرارات مجلس القضاء الاعلى، شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ضرورة احترام حرية التعبير مع المحافظة على الممتلكات وضبط الامن سلميا.  ودعا المواطنين الى التحلي بالصبر مؤكدا تفهم اوجاعهم ومعاناتهم لذلك يركز على أهمية حصول التدقيق الجنائي ليتمكنوا من استرداد حقوقهم بعد كشف أسباب التدهور المالي الذي تعيشه البلاد. وذلك خلال ترؤسه إجتماعا أمنيا في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزيري الدفاع زينة عكر والداخلية محمد فهمي وقادة الأجهزة الأمنية.

جعجع والنازيون: تعقيبا، أكد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع أن "التيار الوطني الحرّ قام بإدخال مفاهيم جديدة إلى قاموس السياسة في لبنان. فحماية حقوق المسيحيين يكون بمهاجمة وتكسير شركات خاصة في عوكر، ومحاربة الفساد تكون بتجهيل الفاعل في الكهرباء، الاتصالات، الجمارك، على المعابر غير الشرعيّة وممارسة الزبائنيّة في الدولة، وتسليط الضوء على تفاصيل صغيرة مقارنة بالجرائم الكبيرة تلك، وبطرق استنسابية غير محقّة وخارج كل قانون”. وأضاف في بيان "أما ودائع الناس فتبيّن أنها عند شركة مكتّف ولم تكن يوماً في المصارف التي قامت بتديينها للدولة التي هدرتها هدراً ولا تزال تهدرها على الفساد والمحسوبيات والعمولات في التلزيمات والمناقصات بشكل عام، والتي كانوا يقومون بكل ما في استطاعتهم القيام به لإبعادها عن الدائرة المختصّة في هذا الأمر في الدولة وهي إدارة المناقصات ليس لسبب سوى لأنها إدارة نزيهة شريفة”. وشدد جعجع على أن “ما نشهده في الآونة الأخيرة في لبنان يذكرنا تماماً بما كان يقوم به النازيون في ألمانيا في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي حيث كانوا يقومون بعمليات إلهاء جانبيّة، من مهاجمة مؤسسات إلى التعدي على ملكيات خاصة ومهاجمة أشخاص بحجة الفساد، وكل ذلك لمجرّد حرف الأنظار عن المشاكل الأساسيّة الجوهريّة الفعليّة التي تعاني منها البلاد ولحرف الأنظار عن المجرمين الحقيقين وعن طريقة إدارتهم للأمور. لكن لبنان ليس ألمانيا ونحن اليوم في العام 2021 ولسنا في العام 1931”. وأكد جعجع أن “كل هذه الخزعبلات والمسرحيات والأساليب الملتوية لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة في البلاد، فيما الحل الوحيد هو في أن تستقيل أكثريتكم النيابيّة لإفساح المجال أمام اللبنانيين للتعبير عن رأيهم واختيار أكثريّة نيابيّة جديدة تُخرجهم من جهنم التي وضعتم لبنان فيها”.

الراعي يصعّد: وسط هذه الاجواء، مواقف عالية السقف لبكركي. فقد جدد البطريرك الماروني تأكيد ضرورة إعتماد الحياد في النزاعات الإقليمية لإنقاذ لبنان من المزيد من الفوضى. وقال البطريرك: "لبنان كان في ما مضى سويسرا الشرق الأوسط، اليوم هو جهنم، كما قال رئيس الجمهورية ذات مرة. هذا ليس شيئًا يمكننا أن نفخر به. لهذا السبب نأسف بشدة".  وأسف البطريرك، في حديث لمحطة CNBC  "لأن المسؤولين عن الشأن العام في لبنان لا يقومون بواجباتهم كما ينبغي، اي خدمة الخير العام، ولا يوجد عمل سياسي إلا لأجل الخير العام".  ورداً على سؤال حول حزب الله، أكد البطريرك أن لقاءه بنصرالله لن يحلّ موضوع السلاح الذي هو أكبر من لبنان، وقال "انا لم اسمع بعد موقفاً صريحاً وواضحاً من حزب الله في موضوع الحياد وفي حال أعلن رفضه سأسأل الحزب "هل أنت ضد سيادة لبنان على أرضه والا تريد أن يلعب لبنان دوره؟ وتابع "أنا أنتظر وأدعوهم إلى لقاء في بكركي للتحدث عن الحياد بكل أبعاده، لأن الحياد مصلحة الجميع".  وقال البطريرك "طلبنا من الولايات المتحدة أن لا يكون لبنان ورقة مساومة بين اميركا وايران عندما يتحدثون عن القضايا النووية، وموضوع سلاح حزب الله يُبحث أيضاً مع ايران لأنه "النبع" وحزب الله هو قوّة عسكرية ايرانية في لبنان". وقال "لماذا يقاتلون إسرائيل من لبنان، إذا كنت تريد محاربة إسرائيل، فلماذا تريد استخدام الأراضي اللبنانية؟ وفي الشأن الحكومي، قال البطريرك "أنت كرئيس جمهورية مسؤول عن البلاد وأنت كرئيس مكلف تشكيل الحكومة مسؤول عن انشاء الحكومة، أنتما محكومان بواجب الضمير الوطني بالجلوس معاً وتأليف حكومة اليوم قبل الغد لأن البلاد آخذة بالإنهيار والموت اقتصادياً ومالياً ونقدياً وجوعاً". واشار الى ان نصف الشعب فقير وجائع ولا تستطيع السلطة ان تتفرّج.

القرار 1701: من جهة اخرى، جدد الرئيس عون خلال لقائه ، في قصر بعبدا، قائد القوات الدولية في الجنوب (اليونيفيل) الجنرال ستيفان دل كول، "تأكيد التزام لبنان قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 واهمية المحافظة على الاستقرار والامن في المنطقة الحدودية"، لافتا الى "استمرار الخروق الإسرائيلية برا وبحرا وجوا". وشدد على "التنسيق الدائم مع قيادة الجيش في المهمات التي تتولاها "اليونيفل" والإجراءات التي تتخذها، وعلى أهمية تعزيز العلاقات مع الأهالي والبلديات والهيئات المحلية". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o