Apr 12, 2021 4:31 PM
تحليل سياسي

لبنان يستقبل هيل بخرائط حدودية جديدة وتل أبيب تصعّد.. أي تأثير على الترسيم؟
باريس تنسّق خطوتها المقبلة "حكوميا" مع الحلفاء.. والحريري الى موسكو
بكركي لا تردّ على منتقديها وتدعو الى الحكمة..وجعجع: الراعي رأس حربة!

المركزية- مع ان الإجماع السياسي و"الاقتصادي"، المحلي والدولي، يتوسّع حول اهمية الاسراع في تأليف حكومة إنقاذية وإيلاء هذا الاستحقاق الاولويةَ القصوى بحيث يعلو ولا يُعلى عليه، مهما كانت العناوين الاخرى ملحّة ومطلوبة، ومنها التدقيق الجنائي... الا ان هذه الدعوات لا تزال تصطدم بالأنانيات والحسابات الحزبية والشخصية وبالشروط والشروط المضادة المرفوعة بين المعنيّين مباشرة بعملية التشكيل، اي بعبدا وبيت الوسط، في ظل إحجامٍ واضح من "حزب الله" عن التدخّل لكسر الستاتيكو السلبي القاتل. وعليه، غابت الحكومةُ اليوم في شكل شبه تام عن المشهد المحلي الذي تصدّره الترسيمُ البحري عشية وصول وكيل وزارة الخارجية الأميركية دايفيد هيل الى بيروت، من جهة، والاخذُ والرد حول "التدقيق" من جهة ثانية، وقد فرز الداخلَ، فريقين: الفريق الرئاسي وحزب الله من ناحية، والقوى السياسية والمرجعيات الروحية كلّها، من ناحية ثانية.

اتصالات باريس: فيما الاتصالات مقطوعة بين اهل المنظومة، تماما كما الطرق المؤدية الى التشكيل، يرصد اللبنانيون بروكسيل والاجتماع المرتقب في 19 نيسان الجاري، حيث يحضر ملف لبنان بكل تشعباته، لا سيما ازمة تشكيل الحكومة بندا اساسيا على طاولة وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي لبحث الاجراءات الكفيلة بحمل المسؤولين عن عرقلة تشكيل الحكومة في لبنان على فك اسرها، من عقوبات او غيرها. وقد علمت "المركزية" ان الدوائر المختصة في العاصمة الفرنسية تنشط بالتواصل مع نظرائها في سائر العواصم الاوروبية كما العربية وصولا الى واشنطن من اجل التشاور في ما يمكن الاقدام عليه لانقاذ لبنان من مناكفات قادته الذين يعرقلون كل الحلول كرمى لمصالحهم الفئوية والاقليمية.

الحريري الى موسكو؟: في الاثناء، يستأنف الرئيس المكلف سعد الحريري جولاته على العواصم الكبرى، في دليل ربما الى تراجع احتمالات التأليف في المدى المنظور. فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان روسيا تنتظر زيارة الحريري في الأيام المقبلة. وقال لافروف في مؤتمر صحفي عقب محادثاته مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة "ننتظر رئيس الوزراء سعد الحريري في روسيا خلال الأيام المقبلة". وقال إنه سيتم أيضًا استقبال ممثلين آخرين للقوى السياسية الرئيسية  اللبنانية في موسكو. واضاف "سنحثهم على إدراك مسؤوليتهم تجاه شعبهم وتجاه بلدهم وتشكيل حكومة تعكس توازن المصالح لجميع أطياف المجتمع اللبناني". وأردف "موسكو تعتقد أن الأزمة الحالية في لبنان لا يمكن حلها إلا من قبل أبناء البلد أنفسهم، بمشاركة جميع الفئات السياسية والعرقية والطائفية من دون أي وصفات مفروضة من الخارج، حتى في ظل الوعد بنوع من المساعدة المالية".

الترسيم: وبينما سيحضر التشكيل في جزء من محادثات هيل المرتقبة مع المسؤولين اللبنانيين، تشير مصادر مطلعة لـ"المركزية"، الى ان الحيّز الاوسع منها سيكون مخصصا لملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وتل ابيب والذي كانت انطلقت المفاوضات في شأنه بين الجانبين في الناقورة، بوساطة أميركية، قبل ان تتوقف بعد ان عدّلت بيروت في خرائطها ووسّعت حجم حدودها. وليس بعيدا، يسير لبنان الرسمي نحو تثبيت الترسيم الجديد، وقد خطا خطوة جديدة اليوم في هذا الاتجاه. فبعد  قرار قيادة الجيش وبعبدا بتبنّي الحدود "الأوسع" (التي تضيف حوالي 1400 كيلومتر مربع إلى منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة)، وموافقة السراي على ذلك ايضا، انضم وزير الاشغال ميشال النجار، آخر المترددين، الى هذا القطار اليوم.

نجار يوقّع: فقد اعلن وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال ميشال نجار، في مؤتمر صحافي، انه وقّع "المرسوم 6433 الذي أصبح في عهدة الأمانة العامة لرئاسة الحكومة، ورئيس الحكومة حسان دياب قال إنه سيوقع". واشار الى ان "تحفظنا عن المرسوم وتريثنا كانا لاننا حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق، ونحن حرصاء على عدم المس بالدستور". وقال "لا أعلم من رمى الملف عند وزارة الأشغال، وأعتقد أن موضوع ترسيم الحدود البحرية هو عند وزارة الطاقة والمياه". وكان عُقد اجتماع في وزارة الأشغال بين مسؤولين في المديرية العامة للنقل البري والبحري من جهة ووفد من قيادة الجيش من جهة ثانية. وبحسب معلومات للـLBCI، ضم الاجتماع الأعضاء العسكريين في مفاوضات الناقورة، وجرى نقاش في تعديل حدود المنطقة البحرية الخالصة للبنان وإدراج ذلك في المرسوم الخاص... وكانت حركة امل أكدت اليوم على "أهمية الحفاظ على حقوق لبنان كاملة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية من دون التنازل عن أي نقطة ماء كما نادى دوما الرئيس نبيه بري، وهي إذ تجدد موقفها بأنه على السلطة التنفيذية وفخامة رئيس الجمهورية القيام بكل ما يلزم للحفاظ على هذه الحقوق".

اسرائيل ترد: في المقابل، بدا ان القرار اللبناني سيعقّد مسار التفاوض. فقد قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز الذي يقود المفاوضات مع لبنان حول الترسيم إن "خطوات لبنانية أحادية الجانب ستقابل بخطوات إسرائيلية موازية". وقال الوزير الإسرائيلي إن "لبنان يبدو أنه يفضل نسف المحادثات بدلا من القيام بمحاولة للتوصل إلى حلول". وأضاف الوزير الإسرائيلي "هذه ليست المرة الأولى على مدار 20 عاما الماضية حين يغير اللبنانيون خرائطهم البحرية لأغراض دعائية ولإبداء "موقف وطني" وبهذا هم يعرقلون أنفسهم مرة تلو الأخرى". وقال إن "في الوقت الذي تعمل دول أخرى في المنطقة مثل إسرائيل ومصر وقبرص منذ سنوات على تطوير حقول الغاز الطبيعي التابعة لها من أجل توفير الرفاهية لمواطنيها اللبنانيون يبقون في الخلف ويطلقون تصريحات نارية لا تحقق شيئا".

الراعي رأس الحربة: على صعيد آخر، على وقع حملة شعواء شنّها التيار الوطني الحر والاعلام "الممانع" منذ الامس على بكركي لان سيّدها اعتبر امس ان الحكومة يجب ان تأتي قبل التدقيق الجنائي الذي يجب ايضا ان يكون شاملا، وبينما فضّلت مصادر الصرح الصمت وعدم التعليق ودعت مصادره عبر "المركزية" البعضَ الى الحكمة، اكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال زيارة مفاجئة قام بها أمس الرهبانية المارونية المريمية لتهنئة الرئيس العام الجديد الأباتي بيار نجم ان "لا يمكن اللقاء مع الرهبانية المريمية من دون ذكر البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ابن هذه الرهبانية وبيئتها. وهو اليوم، وخلافا لتوقعات كثيرين، يلعب الدور نفسه الذي لعبه يوحنا مارون والبطاركة الكبار. فليس قليلا في هذا الزمن الصعب ان تعود بكركي قبلة الأوساط السياسية المحلية والدولية من عربية وأجنبية، انطلاقا من قوة مواقف سيدها التي تدفع حتى وسائل الإعلام العربية وخلافا لسواه الى التعاطي معه كرأس حربة لبنان، لانه لا يدافع عن الموارنة او عن مصالحه، بل يجسد مبادئ الكنيسة ويدافع عن لبنان الكيان بجميع ابنائه، وإننا نتمنى له دوام الصحة وتمام العافية". وقال "البعض ينسى ان مجتمنا هو مجتمع رهباني بامتياز، وعندما نتخلى عن أخلاقيات وروحانية الرهبانيات ينتفي وجودنا. إننا مسرورون جدا بهذه المناسبة ونتطلع الى مواصلة المسيرة معا، لقد مرت علينا ظروف صعبة على مدى التاريخ، ولا بد أن نصل الى النقطة التي نستبشر بها خيرا كثمن للنضال في خدمة المجتمع".

السجال مستمر: في المواقف، السجالات السياسية على حالها وتتخذ طابعا مذهبيا "أوضح". فغداة اتهام مسؤولة في التيار الوطني الحر الرئيسَ المكلف سعد الحريري بمحاولة القضاء على الحضور المسيحي في لبنان وبمحاولة "أكلِهم" وحقوقَهم، غردت عضو كتلة المستقبل النائبة رولا الطبش عبر حسابها على "تويتر": "أكلونا المحمودات"، عبارة رددناها مع زياد الرحباني في أيام الحرب، تهكما على منطق متعصب وحاقد. لم نتخيل يوما أننا سنسمعها مجددا في زمن السلم، على لسان من يرفعون شعار الإصلاح وبناء الدولة والحفاظ على الدستور. الى هؤلاء، اطمئنوا، فبعض المخلوقات غير معدة للأكل، لأنها نجسة".

التعطيل خيانة: من جانبها، وفيما يسود التوتر اجواء ميرنا الشالوحي – عين التينة ايضا، بسبب التشكيل والتدقيق، اشارت حركة امل في بيان الى "ان اللبنانيين في مطلع شهر رمضان كانوا يمنون النفس كما تمنوا في عيد الفصح المجيد أن يفرج القابضون على ملف الحكومة عنها ويقدموا للبنانيين حقا مسروقا لهم مسروق بحكومة تضع خطة إنقاذ وتترجم مخرجات المبادرة الفرنسية إلى حيز التطبيق، حكومة مهمة غير حزبية بلور الرئيس نبيه بري صيغة ملائمة لها مع المخلصين في هذا البلد. اليوم ومن روحية شهر رمضان، تؤكد حركة أمل ان تأخير بل تعطيل ولادة الحكومة هو شأن يصل إلى حد الخيانة للبنانيين". ورأت "ضرورة السير بالتدقيق الجنائي الشامل لمصرف لبنان وكل الوزارات والمؤسسات والمجالس وتحديد المسؤوليات، وإتخاذ الإجراءات اللازمة"، مضيفة: لا ترى الحركة أي مبرر للسلطة التنفيذية في التأخير بعد إقرار القوانين المطلوبة.

الصفقة ألغيت! من جهة أخرى، وبعد ان أرجأت السلطات العراقية موعد زيارة وفد لبنان برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب التي كانت مقررة الى بغداد في 17 الجاري، عازية السبب الى شؤون داخلية عراقية، أعربت مصادر مقربة من رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي  لـ"المركزية" عن اعتقادها بأن الزيارة لم تؤجّل، بل يُرجّح أنها ألغيت، نافية ان يكون سبب التأجيل، كما روّج البعض، على علاقة بالتطورات في المنطقة او بالتقارب العراقي-السعودي، في حين جزمت مصادر مطلعة لـ"المركزية" بأن العراق ألغى الصفقة وليس فقط الزيارة والتي كانت تنص على ان يحصل لبنان على نفط عراقي مقابل خدمات صحية استشفائية لبنانية.

تسليم المحروقات: وليس بعيدا، عادت حركة محطات المحروقات إلى طبيعتها تدريجاً اعتباراً من صباح اليوم، وبدأت الشركات المستوردة للنفط تسليم مادة البنزين للمحطات تباعاً على امتداد ساعات النهار، بحسب ما كشف رئيس مجموعة "البراكس بتروليوم" جورج البراكس لـ"المركزية"، مؤكداً أن مشهدية الزحمة بدأت تتلاشى. وإذ أعلن أن "كمية مادة البنزين التي ستُسَلّم اليوم للمحطات في السوق المحلية ستتجاوز الـ٨ ملايين ليتر بما يكفي حاجة السوق أسبوعاً أو عشرة أيام كحدّ أقصى"، سأل البراكس "ما الذي يمنع من تكرار هذا السيناريو بعد أسبوع من اليوم وتعود أزمة الازدحام أمام المحطات مجدداً؟"، مؤكداً قناعته بأنها "لن تكون المرة الأخيرة.. للأسف".

الخبز..لا حلّ: في شأن معيشي آخر، علمت "المركزية" ان لا حلّ لأزمة الخبز حتى اليوم، وان اجتماعات مكثفة تجري بين وزارة الاقتصاد وأركان القطاع بحثاً عن الحلول مع احتمال أن تتوضّح الصورة منتصف الأسبوع.

***

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o